حذّر أعضاء في لجنة الفتوى بوزارة الشؤون الدينية وأئمة من اندفاع بعض المواطنين والشباب لأداء صلاة التراويح في مستودعات وعلى أسطح العمارات أو حتى في بعض الفضاءات المغلقة، بعد قرار تعليق الصلاة في المساجد بسبب تجنب عدوى فيروس كورونا. ويأتي هذا مع أوّل أيام رمضان الذي وافق يوم الجمعة، حيث عبر عديد الجزائريين عن حزنهم وحسرتهم لعدم تمكنهم من التنقل لأداء صلاة التراويح كما اعتادوا عليه في السنوات الفارطة. وأكد الدكتور محمّد إيدير مشنان، عضو لجنة الفتوى بوزارة الشؤون الدينية، أستاذ جامعي، أنّ مخاطر صلاة التراويح جماعة في الوقت الراهن أكبر من نفعها، وقد تتسبب في كوارث صحية لا تحمد عقباها، ونصح بتأديتها على نطاق ضيق بين أفراد الأسرة الواحدة، مبرزا أهمية ذلك في كونه فرصة لصنع أجواء مغايرة في العائلات ويومياتها الرمضانية ونكتشف فيها الأسر الساجدة الراكعة والمسبّحة الداعية ويشارك فيها الأولاد والأزواج والآباء وتترسخ في أذهان أولادنا لينشؤوا على هذه العبادة الرمضانية. وقال الدكتور مشنان إن الشباب والمواطنين الذين يلجؤون إلى المستودعات المغلقة أو أسطح العمارات يخاطرون بحياتهم وحياة ذويهم. وأوضح المفتي أنّ فضل صلاة التراويح في البيت، خاصة في هذه الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد يضاف إليه أجر المحافظة على الحياة وسلامة الآخرين، حيث أنّ ترك صلاة الجماعة في المسجد كان لحفظ عباد الله. وقال مشنان إنّه إذا كانت أبواب المساجد مغلقة فأبواب الله وأبواب الطاعات مفتوحة دائما ولا تغلق ويمكن للمسلم القيام بالأعمال الخيرية على مستويات عدة كل حسب ظروفه وإمكانياته. وقال الدكتور مشنان إنّ صلاة التراويح تصلى في البيت وذلك ما نعرفه من أثر السنة النبوية، فالرسول عليه الصلاة والسلام، صلى التراويح يوما ويومين وثلاثة ثم انقطع حتى لا تفرض على المسلمين ولا يلزموا بتأديتها طوال الشهر، ومن الأحاديث الدّالة على فضل صلاة السنة في البيت قولة عليه أفضل الصلاة والسلام: "أفضل صلاة المرء صلاته في بيته إلا المكتوبة"، وهو ما أجمعت عليه المذاهب الفقهية الأربعة. وإلى ذلك أفاد الإمام كمال تواتي بمسجد المدنية بالعاصمة بأنّنا لأول مرة سنصلي كما صلى رسول الله- عليه أفضل الصلاة- حيث إنه صلى 3 أيام في المسجد فقط ثم انقطع ليصلي في بيته كي لا تكتب التراويح صلاة مفروضة على الصائمين. وقال تواتي إنّ رمضان فرصة للتسابق نحو الخيرات والطاعات في مختلف الاتجاهات خاصة في زمن الكورونا التي أنهكت القدرات الشرائية لكثير من العائلات اليومية التي كانت تسترزق من مداخيلها اليومية لتجد نفسها بسبب الحجر في أوضاع حرجة. واستطرد الإمام تواتي أنه ليس أفضل من الصلاة في البيت مع أفراد العائلة في أجواء إيمانية وروحانية ندرّب فيها أبناءنا وأهلنا على عبادة الله الخالصة. وبخصوص بعض المقترحات التي راجت في المدة الأخيرة بتأدية صلاة التراويح في المساجد بلا مصلين أكد تواتي أن الفكرة ظاهريا جيدة لكن قد ينجر عنها بعض السلوكات التي تخرج عن السيطرة كصلاة بعض المجاورين للمسجد في الساحات وتجمعهم أو محاولة البعض الدخول إلى المسجد ما سيشكل حرجا للإمام والقائمين على بيت الله لذا فإن الأولى في الوقت الحالي هو تجنب الاحتكاك والعبادات الجماعية إلى أن يرفع الله البلاء والوباء حفاظا على سلامة المواطنين وتجنيبهم الضرر.