يترأس رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، الثلاثاء، مجلسا وزاريا مصغرا، يجمع الدوائر الوزارية المعنية بمخطط الإنعاش الاقتصادي والاجتماعي الجديد الذي ستعتمده الحكومة لتخطي الضائقة المالية والوضع الاقتصادي المأزوم، والتكفل باحتياجات المواطن، وذلك في أعقاب التعديل الوزاري الذي رسخ إعادة هيكلة صريحة للجهاز التنفيذي وأعطاه ملامح حكومة اقتصادية. وحسب ما جاء في بيان لرئاسة الجمهورية، فالرئيس سيشرف الثلاثاء على جلسة عمل تضم الوزير الأول وأعضاء الحكومة المعنيين بإعداد الخطة الوطنية للإنعاش الاقتصادي والاجتماعي، ستتم خلال هذه الجلسة مناقشة "المقاربة الاقتصادية والاجتماعية الجديدة من جميع جوانبها" تمهيدا لعرضها على مجلس الوزراء للمصادقة عليها في اجتماعه الأحد القادم. الخطة الوطنية للإنعاش الاقتصادي والاجتماعي التي ستؤطر المجال الاقتصادي والجبهة الاجتماعية للجزائريين بداية من الدخول الاجتماعي المقبل، تأتي في أعقاب التعديل الوزاري الذي أجراه الرئيس تبون على فريق عبد العزيز جراد منذ أسبوعين، والذي رسم ملامح حكومة جديدة، تشكل فيها الحقائب ذات الطابع الاقتصادي الأغلبية، خاصة بعد ترقية بعض كتابات الدولة إلى دوائر وزارية قائمة بنفسها ضمن رؤية تؤكد أن إعادة الهيكلة الاقتصادية التي شكلت أحد المحاور الأساسية في البرنامج الانتخابي للرئيس حان وقتها. الحكومة الجديدة، والتي أصبحت بفريق يضم 40+1، تشكل ضمنها الحقائب التقنية الأغلبية ب15 دائرة وزارية تقنية لا تجيد سوى لغة الأرقام والإحصاء والاستشراف وقاعدتها الأساسية الرقمنة لضمان الشفافية في التسيير، وحسب مصادر "الشروق"، فالتوجيهات التي أسداها الرئيس للوزراء الجدد في آخر اجتماع لمجلس الوزراء والمتعلقة بالشق الخاص بإعداد عروض وخطة عملهم تدخل ضمن الإعداد للخطة الوطنية للإنعاش الاقتصادي والاجتماعي. الخطة الوطنية للإنعاش الاقتصادي والاجتماعي والتي كانت قد بدأت ملامحها الأولى تتجلى مع مخطط إعادة هيكلة وزارة الصناعة، ستتخذ حسب مصادرنا من الإصلاحات الهيكلية للاقتصاد الوطني، التي كانت قد بدأت بالعمل على تحسين شروط تحسين مناخ الاستثمار وإعداد دراسة حول ترقية النظام الإحصائي إلى جانب الانتقال الطاقوي، الى جانب البحث في ميكانزمات وآليات التسيير والحوكمة وكيفية تسيير الأداء وإخضاع الادارة للرقمنة، ذلك لما تشكله هذه المحاور من أهمية في الوصول إلى إرساء نظام اقتصادي ناجع وغير ريعي. كما ستعتمد الخطة الوطنية الجديدة على حصر الحاجات الوطنية ورصد الإمكانات المتوفرة لرسم أهداف سبق وأن شكلت صلب خطابات الرئيس ورؤيته الاقتصادية التي تعتمد على خلق مؤسسات ذات بعد خدماتي اجتماعي وتحقيق الاستقرار الوظيفي وإعادة الاعتبار لبعض الصناعات الإستراتيجية، مثل ما عليه الشأن بالنسبة للصناعة الصيدلانية التي استقلت بوزارة خاصة والرقمنة التي استقلت بوزارة كذلك والاستشراف بوزارة قائمة بذاتها. الإصلاح الذي ستحمله خطة الإنعاش الاقتصادي والاجتماعي سيشمل تطبيق مبادئ الحكم الراشد، وتحديث الأدوات وإدخال الإعلام الآلي لإضفاء مزيد من الشفافية والتحكم في المخاطر، باعتبارها تشكل دوما الركيزة الأساسية لتسيير المالية العمومية، التحكم في النفقات وتوجيهها نحو الاستثمارات المنتجة، موازاة مع إصلاحات النظام المصرفي من أجل جعله أكثر ديناميكية لتحفيز الأنشطة الاقتصادية واستقطاب المتعاملين إليه. الرئيس تبون، وبعد الخطوات الأولى التي خطاها في ورشة الإصلاح السياسي وإطلاقه النقاش حول مسودة الدستور، دون إغفال عمليات الترميم وإصلاح الساحة السياسية التي عانت التصحر لسنوات، التفت إلى الاقتصاد الذي يعد العصب الأساسي لضمان استقرار أي دولة، فالاقتصاد عصب الحروب، وورشة الإنعاش الاقتصادي لن تكون سهلة، في ظل المؤشرات الاقتصادية والمالية الحالية، يتقدمها أول مؤشر يتعلق بإمكانية تراجع احتياطي الصرف إلى حدود 44.2 مليار دولار نهاية هذه السنة، وانخفاض مداخيل قطاع المحروقات إلى 20.6 مليار دولار.