تأجلت في آخر لحظة، زيارة عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي الذي يتخذ من طبرق مقرا له، والتي كانت مقررة السبت، إلى الجزائر، وهو التأجيل الذي فجر جملة من التساؤلات حول خلفياته. وأعلن عن هذا التأجيل، فتحي المريمي، المستشار السياسي لعقيلة صالح، لكنه لم يقدم توضيحات عن أسبابه. وكان من المفروض أن تدوم هذه الزيارة يومين، ويستقبل خلالها من قبل الرئيس عبد المجيد تبون، ويناقش الطرفان سبل حل الأزمة الليبية، وفق تصريحات الطرف الليبي. وجاء تأجيل زيارة رئيس مجلس نواب طبرق، في جو عاصف، طبعه تصعيد كبير بين طرفي الصراع في الجارة الشرقية، ومن يقف خلفهما من قوى إقليمية، فقد تزامنت واجتماع الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، مع بعض الوجوه القبلية الليبية، وهو المسعى الذي اعتبر خطوة تمهيدية لتبرير تدخل عسكري مصري مباشر في ليبيا، كما جاء على لسان السيسي. وقد أعقب هذه الاجتماع هجوم تركي عنيف على الخطوة المصرية الرامية إلى تسليح القبائل الليبية المتواجدة بالشرق لمواجهة قبائل المنطقة الغربية، والتي اعتبرها الرئيس التركي رجب الطيب أردوغان، "غير قانونية"، وأعلن عن التحضير لإبرام اتفاقية جديدة مع الحكومة المعترف بها دوليا، برئاسة فايز السراج، والتي تتخذ من العاصمة طرابلس مقرا لها. ولم يتضح لحد الآن أسباب هذا التأجيل، كما لم يحدد أي من الطرفين موعدا لاحقا لهذه الزيارة، وما إذا كان الأمر يتعلق بإلغائها نهائيا. وهي أسئلة تعتبر الإجابة عليها كافية لمعرفة حيثيات إلغاء أو تأجيل هذه الزيارة التي لم تتحدث عنها الجزائر الرسمية، سواء قبل أو بعد الإلغاء أو التأجيل. ووفق مصدر دبلوماسي، فإن عدم استقبال الجزائر لعقيلة صالح، له علاقة بموقف مجلس "نواب طبرق" من التدخل الخارجي في الشأن الليبي، وهو الأمر الذي تعتبره الجزائر خطا أحمر في التعاطي مع الأزمة الليبية، كما أن إعلان الرئيس المصري تسليح شباب قبائل الشرق وسط ترحيب عقيلة صالح، يعتبر تصعيدا لا تتمنى الجزائر حصوله، لأنه يعقد من مأمورية الحل السياسي الذي تدعو إليه. ومعلوم أن عقيلة صالح ومن موقعه كرئيس لمجلس "نواب شرق ليبيا"، كان قد وجه دعوة رسمية للجيش المصري من أجل التدخل العسكري المباشر في التراب الليبي، كما دعم من دون شروط تنقل بعض رموز القبائل الليبية إلى القاهرة واجتماعهم بالرئيس المصري، وإعطائهم ما يمكن اعتباره "الشرعية القبلية" لتعزيز شرعية دعوة "برلمان طبرق"، التدخل المصري الذي يستهدف تسليح القبائل، وهو ما حذر منه الرئيس تبون، لأن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى "صوملة" الأزمة الليبية، كما قال في حواره للقناة الفرنسية "فرانس 24". ويتعارض ما قام به مجلس نواب طبرق، مع وجهة النظر الجزائرية التي كان الرئيس تبون قد أبلغها لعقيلة صالح خلال زيارته الأخيرة للجزائر في 13 جوان المنصرم، والتي مفادها أن موقف الجزائر من هذه الأزمة ثابت، وهو يشدد على "الحوار بين الأشقاء الليبيين من أجل الوصول إلى حل سياسي، وذلك انطلاقا من مخرجات مؤتمر برلين، باعتباره السبيل الوحيد الكفيل بضمان سيادة الدولة الليبية ووحدتها الترابية، بعيدا عن التدخلات العسكرية الأجنبية".