بين وزير المجاهدين محمد عباس الموقف الرسمي الواضح للدولة من قضية مطالبة المعمرين الفرنسيين اليهود أو من يصطلح عليهم ب "الأقدام السوداء" بتعويضات من الدولة الجزائرية عن الممتلكات التي تركوها بالجزائر بعد رحيلهم بموجب استقلال البلاد من الاستعمار الفرنسي، واصفا ذلك ب "ظلم من الدرجة الثانية". وحسب المنطق الذي كان يتحدث به الوزير، خلال الندوة الصحفية التي عقدها يوم الخميس بمتحف المجاهد بالعاصمة لتقييم برنامج الاحتفالات بالذكرى ال45 للاستقلال، فإن ذلك لا يعتبر غير جائز فقط، بل ظلم من درجة عالية لأنه حسب ما قال "المعمرين عندما أتوا إلى الجزائر لم ينقلوا مساحات جغرافية في البواخر، عندما جاءوا لاحتلال الجزائر، إنما ما أنجزوه في تلك الفترة تم بسواعد الجزائريين ومن خيرات الجزائر"، معتبرا أن ما حدث بعد الاستقلال لم يكن إلا عودة المياه إلى مجاريها والحقوق إلى أصحابها "هذه الممتلكات عادت إلى أصاحبها الأصليين". ورغم هذا المنطق الذي لا بد أن يقتنع به الجميع، إلا أن ذلك لا يعني بأن صفحة الماضي لا يمكن أن تطوى بين الشعبين الجزائري والفرنسي، خاصة و" أننا لا نريد تحريك أحقاد جديدة بينها و بين الشعب الفرنسي" على رأي وزير المجاهدين و "إنما نريد إبراز الحقائق التاريخية للأجيال الصاعدة التي لم تعش هذه الأحداث" ، رغم اعترافه في مسألة تقييم كتابة التاريخ بأنه لم يحقق فيها الكثير "لا نعتبر أننا حققنا أشواطا كبيرة" و مسؤولية كتابة تاريخ البلاد تقع حسبه "على جميع مؤسسات الدولة بما فيها وسائل الإعلام". ووسائل الإعلام مثلما قال محمد عباس هي بصدد لعب دور كبير في مقاضاة فرنسا على ماضيها الاستعماري في الجزائر أكثر ما تقاضيها الدولة وتطالبها بالتعويضات "وسائل الإعلام بشتى أنواعها تقاضي فرنسا يوميا ومعنويا، وهذا يؤثر عليها أكثر من مقاضاتها ماديا"، مثلما هو واقع رفضها من تسليم الجزائر أرشيف تاريخ الجزائر وثورتها " الجزائر تطالب بذلك باسترجاع أرشيفها باستمرار، ولكن فرنسا غير مستعدة بإعادته لأنه يكشف عن الجرائم المقترفة في حق الشعب الجزائري، عكس ما تدعيه فرنسا بأنها جاءت لبعث الحضارة ومساعدة شعب الجزائري". وردا عن سؤال حول تراجع الروح الوطنية عند الأجيال الصاعدة، مثلما أشار إليه رئيس الجمهورية بمناسبة ذكرى عيد الاستقلال في 5 جويلية الفارط، أرجع الوزير هذه المسألة إلى "العشرية السوداء الأليمة التي حولت أنظار الجيل الصاعد و تشبثه بأفكار وأنماط أجيال أخرى هروبا من جحيم الإرهاب". غنية قمراوي