فاز حزب العدالة و التنمية الإسلامي الحاكم في تركيا، بالأغلبية في الانتخابات التشريعية التي جرت أمس في تركيا، محققا بذلك تقدّما على منافسيه من الأحزاب الأخرى في الانتخابات التشريعية. وقد تقدّم حزب عبد الله غول، على مرشح حزب الشعب الجمهوري، و هو حزب اشتراكي ديمقراطي، و على مرشح حزب العمل القومي، في هذه الانتخابات،و بهذا يكون حزب العدالة و التنمية قد سيطر على الحكومة و الرئاسة في تركيا، التي احتكرها العلمانيون منذ مصطفى كمال أتاتورك. بعد فشل حزب العدالة والتنمية الحاكم في فرض مرشحه إلى الانتخابات الرئاسية، ولم يتمكن من جمع الأغلبية المطلوبة في البرلمان لتعيين مرشحه لمنصب الرئاسة، حيث أبطلت مقاطعة الأحزاب القومية والعلمانية المعارضة التصويت الذي جرى لاحقا في البرلمان, وبعدما ألغت المحكمة الدستورية الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية في الأول من ماي، قرر اردوغان الدعوة إلى انتخابات للخروج من مأزق الأزمة السياسية الخطيرة التي تجلت بتفجر الخلاف حول مستقبل البلاد بين حزب حاكم منبثق من التيار الإسلامي وفريق علماني يحظى بدعم المؤسسة العسكرية. بدأ الأتراك أمس يتوجهون بكثافة إلى صناديق الاقتراع في إطار انتخابات تشريعية تشهد تنافسا كبيرا توفر أمامهم الخيار بين التجديد للحزب الحاكم المنبثق عن التيار الإسلامي أو دعم الأحزاب المؤيدة لتطبيق صارم لمبدأ علمانية الدولة, وهو ما جعل نحو عشرة ملايين ناخب من أصل أكثر من 42 مليونا مغادرة مدن الاصطياف للتوجه غالى مراكز الانتخاب، ما تسبب بازدحامات سير خانقة. تتوقع استطلاعات الرأي أن يخرج حزب العدالة والتنمية بزعامة رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان المدعوم من الطبقات الشعبية ورجال الأعمال فائزا من الانتخابات, ويفترض أن تؤدي هذه الانتخابات المبكرة إلى حل الأزمة السياسية الخطيرة التي اندلعت في الربيع بين حكومة رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان وأوساط العلمانيين، وضمنها مؤسسة الجيش، الذين يشتبهون بسعي الحكومة سرا إلى "أسلمة" المؤسسات, وتقول هذه الاستطلاعات بان يحصل حزب العدالة والتنمية الحاكم منذ 2002، على نحو 40% من الأصوات مما سيسمح له بشغل 300 مقعد من أصل مقاعد البرلمان البالغ عددها 550، أي أكثر من الغالبية المطلقة, بالمقارنة مع الانتخابات السابقة أين حصل الحزب سنة 2002 على 34 في المئة من الأصوات. وتتوقع استطلاعات الرأي أيضا انتخاب نواب "مستقلين" خصوصا من المؤيدين للأكراد اختاروا الترشح بهذه الصفة للتهرب من عتبة ال 10 في المئة من الأصوات على المستوى الوطني الضرورية لأي حزب من اجل الدخول إلى البرلمان وفق نظام الاقتراع النسبي. ويشارك في الانتخابات كل من حزب العدالة والتنمية, وحزب الشعب الجمهوري, وحزب العمل (الحركة) القومية, الأحرار الذين شكلوا ظاهرة انتخابات اليوم في تركيا, فأكثر من سبعمائة منهم استقالوا مؤقتا من أحزابهم وخاضوا الانتخابات منفردين كي يتخطوا عقبة العشرة بالمائة من الأصوات اللازمة لدخول البرلمان التركي من هنا يظهر دور المستقلين فلو فاز منهم ستون وحافظت الأحزاب الكبرى على مواقعها فإن هؤلاء، ونصفهم تقريبا، من الأكراد قد يحددون مستقبل تركيا. وحملت صحيفة ملييت على عددها أمس العنوان التالي "الآن الشعب سيدلي برأيه", وتصدرت الصحف الرئيسية صور الشواطئ الخالية للمنتجعات التركية الساحلية بعد أن قطع الناس أجازاتهم للتوجه إلى مناطقهم الانتخابية للإدلاء بالأصوات, وأظهر التلفزيون التركي صورا لطوابير طويلة أمام مراكز الاقتراع، فيما صوت الكثير من الأتراك مبكرا لتجنب درجات الحرارة المرتفعة إذ يتوقع أن تصل إلى 40 درجة مئوية. إلى جانب هذا كانت المؤسسة التركية التركي حاضرة, فقد حذر الجيش الذي اسقط أربع حكومات منذ العام 1960 من مغبة المساس بمبدأ العلمانية الذي تقوم عليه الدولة التي أسسها مصطفى كمال أتاتورك في 1923, لكن من غير المؤكد أن تسمح الانتخابات بتجاوز الأزمة التي يمكن أن تعاود الظهور أثناء انتخاب الرئيس في البرلمان الجديد إن رفض حزب العدالة والتنمية تقديم مرشح تسوية. وقال دبلوماسي أوروبي "أن غالبية الأتراك لا يعتقدون أن الديمقراطية والعلمانية في خطر مثلما يوحي العلمانيون, ويتوقع أن يظهر الاقتراع أن حزب العدالة والتمنية نجح في رهانه أن يصبح حزبا كلاسيكيا من اليمين الوسط بالرغم من استنزاف قواه بعد خمس سنوات في السلطة", مع العلم أن التصويت في تركيا إجباري، ومن المتوقع أن تكون نسبة الإقبال هذه المرة مرتفعة جدا, ومن المقرر أن تغلق مراكز الاقتراع أبوابها في الرابعة مساء بالتوقيت المحي بشرقي تركيا. إنها انتخابات هامة للغاية، نحتاج أن نبقي على حزب العدالة والتنمية. القسم الدولي/ أف ب /بي بي سي