ألزم رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون الحكومة بعدم الخروج في عطلة، فيما رخص للإطارات السامية بعطلة مدتها 15 يوما فقط، خلال الفترة الممتدة ما بين ال15 أوت و15 سبتمبر المقبل، نظرا للأجندة الرئاسية المكثفة خاصة ما تعلق بالتحضير للدخول الاجتماعي والرهان الاقتصادي والموعد السياسي المزمع في الفاتح نوفمبر القادم . على نقيض السنوات السابقة أين كان يرخص لأعضاء الحكومة بفترة للراحة خلال شهر أوت، تتراوح ما بين 10 أيام وأسبوعين استثنى رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون الوزراء من العطلة هذه السنة، وألزمهم على العمل وإنهاء الورشات التي استنفر الجهاز التنفيذي بفتحها و حدد أجال للشروع في تقيمها وإنهاءها، فالرئيس تبون الذي رسخ تقليدا جديدا في العمل والتنسيق بين مبنى الدكتور سعدان ومبنى المرادية، من خلال اجتماعات دورية لمجالس الوزراء كل أسبوعين ينظر شخصيا في تفاصيل الملفات ويتفاعل مع الأحداث والتطورات التي تعرفها الجبهة الداخلية بإصدار أوامر وتوجيهات لوزراء الحكومة، فالرئيس بحسب المتابعين للشأن السياسي يعمل على إدراج انشغالات المواطنين وتلبية حاجياتهم ضمن خانة السياسة العليا في سياق رسم السياسات العامة. الرئيس تبون الذي أجرى تعديلا وزاريا على أول حكومة في 25 جوان الماضي وبعد حوالي ستة أشهر من تعينها،و أعاد هيكلتها لم يرى ضرورة في منح وزراء الحكومة فرصة للراحة خاصة بعد أن أعلن منذ شهر عن مخطط وطني للإنعاش الاقتصادي والاجتماعي، وفصل في ملامحه نهائيا،وجعل بإشرافه على "القمة الإقتصادية " الكرة في مرمى الحكومة وشركائها الإقتصاديين والإجتماعيين بعد أن قدم الضمانات اللازمة وتحدث باللغة التي يفهمها رجال الأعمال والمستثمرين عن قيمة 1900 مليار دينار جاهزة كقروض ستوجه لتمويل الاستثمارات مدعومة ب 12 مليار دولار أخرى جاهزة لنفس المهمة . ضمانات وتطمينات الرئيس التي قدمها لجميع الأطراف المعنية بورقة العمل الخاصة بالوصول الى "اقتصاد جديد حقيقي " أرفقها بتوصيات وآجال زمنية ملزمة كذلك لجميع الأطراف فالوزراء "المحرومين " من العطلة ملزمين بورشات إصلاح المنظومة البنكية و تفعيل النظام الجبائي والجمركي ورقمنة المصالح الإدارية لضمان الشفافية في التسيير ووقف نزيف "حقوق الخزينة العمومية"،هذه الورشات والتوصيات ضرب الرئيس تبون موعدا للحكومة بعد شهر واحد فقط لتقييم مدى تطبيقها . كما حدد الرئيس أجالا لعدد من الوزراء وأمهلهم فترات زمنية لإيجاد حلول لمشاكل التي تعانيها قطاعاتهم فيما يتعلق بتقديم الخدمة للمواطن،مثلما عليه الأمر بالنسبة لوزير الموارد المائية الذي أمهله الرئيس أسبوعا واحدا لإيجاد حل لانقطاع المياه في عدد من الولايات ،كما منح وزير البريد والتكنولوجيات السلكية واللاسلكية مهلة لإيجاد حل لتذبذب الأنترنيت ،هذه الآجال قرأها المراقبون على أنها إنذارات صريحة أشهرها الرئيس في وجه وزراء القطاعات المعنية قبل البث في مصيرهم. وليس الملف الاقتصادي وتحسين جودة بعض الخدمات ذات العلاقة باحتياجات المواطن وحدهما من أسقطا عطلة الوزراء ،لكن التحضير للدخول الإجتماعي 2020-2021 ، الذي يحمل الطابع الاستثنائي كذلك هذه السنة ،فرض إسقاط عطلة الوزراء وجوبا ،ذلك لأن الدخول الإجتماعي هذه المرة سيكون مثقلا بمخلفات وانعكاسات أزمة "كورونا " فاستئناف السنة الجامعية وإنهاء الموسم الحالي والتحضير للموسم القادم يستدعي جهودا مضاعفة من مسؤولي القطاع، خاصة وأن الدخول الجامعي سيتحمل مهمة استدراك قرار تأجيل امتحانات البكالوريا بوجه خاص ،شأنه في ذلك شأن الدخول المدرسي المقرر في 4 أكتوبر القادم. التحضير للدخول الإجتماعي الذي يعد أحد أثقل الملفات كان قد ترأس عبد العزيز جراد، في 15 أوت الماضي، مجلسًا وزاريًا مشتركًا، للتحضير له ولدراسة ملف الدخول المدرسي والجامعي والتكوين المهني، والتحضيرات الخاصة بامتحانيْ البكالوريا وشهادة التعليم المتوسط.. وأوصى المجلس الوزاري المشترك بالإشراك التام لمختلف المتدخلين على المستوييْن المركزي والمحلي وكذا المشاركة المباشرة للفاعلين الآخرين في المجتمع المدني والحركة الجمعوية، وخصوصًا، الممثليات الطلابية وجمعيات الأولياء والشركاء الاجتماعيين. وإن كانت الملفات الاقتصادية والجبهة الاجتماعية تشكلان أهمية في الوقت الراهن،فهناك موعد سياسي يحمل أهمية كبيرة يفرض التحضير له بعناية كذلك ويبرر إسقاط عطلة الجهاز التنفيذي ويتعلق الأمر بالاستفتاء حول الدستور المزمع في الفاتح نوفمبر، ذلك لأن الدستور الجديد يعد المفتاح الرئيسي للجزائر الجديدة وأولوية الأولويات بالنسبة للرئيس لتحقيق دولة القانون والحقوق والحريات.