إنّ المتتبع لأخبار وأحوال وزارة الشؤون الدينية والأوقاف في الآونة الأخيرة يلمس منها الكثير من السطحية والغموض في التعامل مع الشأن الديني، فبعدما كانت المشرفة على صحة وسلامة معتقد الجزائريين وصيانته من التحريف والتخريف وتعزيزه في وسط الشعب الجزائري بإشراف مشايخ وعلماء من بقايا جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وبعد أن وافت المنية معظمهم رحمة الله عليهم وبلغ الباقين من الكبر عتيا فأحيلوا على التقاعد. صار الأمر على خلاف ما كان عليه وأصبح لهؤلاء الأمر والنهي منتهجين سياسات غامضة بحجة الدفاع عن مكتسبات الوطن ومصالحه من وحشية الإرهاب والتطرف في الدين. ومن الهفوات التي باتت الوزارة تمارسها في الفترة الأخيرة مصادرتها لبعض الكتب الدينية بحجة حفظ الدين وسلامة الوحدة الوطنية بمعايير ومبررات لخصت أهمها في سبع نقاط أساسية جعلت رحى مقالي يدور حول النقاش الذي أقحمت فيه من طرف إدارتنا الموقرة بسبب منعها لبعض الكتب الدينية وحتى يتضح الموضوع للقارئ بدأت بسرد قائمة أهم الكتب الممنوعة ليتسنى لنا معرفة نوعية هذه الكتب ثمّ أعرج على النقاش. أهم الكتب الممنوعة من قبل وزارة الشؤون الدينية والأوقاف: /font class="rouge" 1- البعث والنشور للإمام البيهقي. 2- (الفتن والملاحم - أشراط الساعة- وصف الجنة والنار) للإمام البغوي 3- الإذاعة لما كان من أشراط الساعة للعلامة صديق حسن خان 4- ( الجنة- النار- عذاب القبر) للشيخ على حسن الحلبي 5- إثبات عذاب القبر للإمام البيهقي 6- الروح لابن منده 7- الروح لابن قيم الجوزية 8- التذكرة في أحوال الموتى وأهوال القبور للحافط القرطبي 9- أهوال القيامة للإمام البغوي 10- اعتقاد أهل السنة وأصحاب الحديث لأبي عثمان الصابوني 11- (شرح العقيدة الواسطية، عقيدة أهل السنة والجماعة) للعلامة ابن عثيمين 12- مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام بن تيمية 13- قطف الثمر في بيان عقيدة أهل الأثر لصديق حسن خان 14- لمعة الاعتقاد لابن قدامة المقدسي 15- أعلام السنة المنشورة للحافط الحكمي 16- العقيدة الطحاوية للإمام أبي جعفر الطحاوي وشرحها لابن أبي العز الحنفي 17- اعتقاد أئمة الحديث لأبي بكر الإسماعيلي 18- الاعتقاد للبيهقي 19- البدع والنهي عنها لابن وضاح القرطبي المالكي 20- التوحيد لابن خزيمة 21- التوحيد لابن منده 22- الحوض والكوثر لبقي بن مخلد 23- الرؤية للدارقطني 24- الرد على الجهمية للدارمي 25- الرد على الجهمية لابن منده 26- الإبانة عن أصول الديانة لأبي الحسن الأشعري 27- السنة لأبي بكر الخلال 28- السنة لعبد الله بن الإمام أحمد 29- السنة لمحمد بن نصر المروزي 30- السنة لابن أبي عاصم 31- الشريعة للآجري 32- الترغيب والترهيب للإمام المنذري وصحيحه من تأليف الشيخ ناصر الدين الألباني 33- نصيحتي للنساء للوادعية 34- فتاوى المرأة المسلمة من تأليف مجموعة من العلماء 35- فتاوى مهمة للنساء من تأليف مجموعة من العلماء 36- حجاب المرأة المسلمة للألباني... سرد النقاط السبع المختارة للنقاش: 1- الكتاب الديني يخضع لرقابة من طرف الإدارة عن تصرف لجنة فرعية مختصة للرخص والتفتيش الممثلة بأعضائها. 2- منع الكتب ذات الطابع الديني التي تمس ثوابت الأمة (الإسلام في مذهبنا، الوطن في أمن بلدنا والهوية في مقدساتنا). 3- وجود قائمة رسمية صادرة من طرف اللّجنة الوطنية للرخص والتفتيش للمديرية الفرعية للمطبوعات وإحياء التراث الإسلامي. 4- منع كل كتاب محتواه لا يوافق سياسة البلد، أو لا تتوفر فيه مواصفات التأليف ومعايير النشر. 5- الاستناد على مذهب الإمام مالك كمعيار للتمحيص واتخاذه كأصل مما لا نقاش فيه كما صرح به معالي الوزير في جريدة الخبر ليوم13مارس من العام الجاري. 6- محاربة الإدارة للتطرف الديني والمنابع التي تغذيه. 7- إبلاغ المواطن رسميّا منذ تاريخ 06 مارس من العام الجاري في الجرائد والصحف الوطنية تحت تصريح مكتوب باسم الإدارة لتطبيقها إجراءات جديدة. هذه نقاط مختارة من تصريحات بعض ممثلي الإدارة أثناء معاملتنا معهم وتصريحات معالي الوزير في جريدة الخبر ليوم 13 مارس من العام الجاري وتصريحات الإدارة في جريدتي الخبر والشروق الصادرتين يوم 06 من نفس الشهر و العام، لخصتها بإيجاز وهذا حتى لا نطيل على القارئ ونتوسع في الموضوع أكثر مما يقتضيه المقام. و بعد تصريح إدارتنا الموقرة بأنّها في استعداد لقبول كل نقد بناء مبني على الشفافية والوضوح التي هي ميزة أهل الحق ودحرا للغموض والظلامية التي هي ميزة أهل الباطل من باب تحقيق العدل والإنصاف، وبناءا على ذلك ارتأيت مناقشتها في النقاط المذكورة مستندا على العلم والدليل آخذا الوجه القانوني والعلمي والسياسي كمسرح للنقاش بصفتي متعامل رسمي مع الإدارة كمستورد للكتاب. انظر أخي القارئ إلى تلك المعايير والمبررات فإنّها مماّ لا يخالف فيه عاقل من أصل جزائري من معدن خالص محافظ على ثوابت أمّته، فظاهرها كلنا متفق عليه -وهذا مما لا شك فيه ولا نزاع عليه-، فالحق اليوم باتت رايته تذبح بخنجر التأويل وبث الشبه والتحريف، تذبح باتخاذه عنوانا في العلن والظاهر ومخالفته في السر والباطن تحت '' ظلامية'' يجهل الكثير منّا مقصدها واتجاهها. وأنت أخي القارئ إذ ترافقني في نقاشي هذا تكتشف الكثير مما تجهله وتستفيد من زاد يغذيك في حاضرك أنت تعيشه وفي مستقبلك أنت تصنعه. أولا: مناقشة النقطة الأولى: 1- الكتاب الديني يخضع لرقابة من طرف الإدارة عن تصرف لجنة فرعية مختصة للرخص والتفتيش الممثلة بأعضائها. أ- فمن الوجه القانوني: يبدو أنّ ممثلي الإدارة في لجنة الرخص والتفتيش لا تتوفر فيهم أهلية الاختصاص و لا الأهلية العلمية في المهمة الموكلة إليهم بدليل أنّ بعضهم حامل لشهادات في العلوم الإنسانية لا في العلوم الشرعية والبعض الآخر الحامل لتلك الشهادة غير مؤهل لهذه المهمة إذ لا يوجد بينهم طالب علم نجيب يعول عليه فضلا عن عالم يستند إليه. ب- ومن الوجه العلمي: فممثلي اللّجنة ليسوا علماء ولا فقهاء معروفين ولا من الذين باستطاعتهم الإلمام بجميع فنون العلم الشرعي من عقيدة و فقه و حديث و تفسير و أصول فقه و مصطلح حديث... إلخ ولا من الذين بإمكانهم فهم تآليف العلماء فهما صحيحا صريحا، بدليل منعهم لكتب سليمة المحتوى في أصول الدين من تأليف علماء سنة أكابر يعرفهم العالم الإسلامي ويقدرهم، ورخصوا كتب قبيحة المحتوى لأناس من الفرق الضالة تدعو إلى التطرف وتحريف الدين كما تعمل على زرع الشرك و الخرافات و الفتن و البدع ... ونحوها. و حسب ما صرّح به إعلاميا على لسان البعض منهم يظهر أنّهم أصحاب فكر غريب مفاده اتخاذ مذهب الإمام مالك رحمة الله عليه مذهبا لهم و الطريقة الصوفية منهجا لهم و الأشعرية عقيدة لهم -امتدادا لأبي الحسن الأشعري رحمة الله عليه-، بمعنى أنّ دينهم هو جمع بين المذهب المالكي في المعاملات والمذهب الصوفي في السلوك والمذهب الأشعري في الاعتقاد. فقلت: رحم الله شيخ الإسلام بن تيمية لما قسم الفرق الضالة إلى قسمين: فالقسم الأول شبه انحرافهم وفسادهم بانحراف وفساد اليهود المغضوب عليهم لما هم عليه من غلو في العلم القائم على منهج الفلاسفة و تحكيم العقل دون النقل والمراوغات الكلامية في أصول الدين وفروعه حتى زاغوا عن الحق وأهله، كما شبه القسم الثاني بالنّصارى الضالين لما هم عليه من رهبانية مبتدعة وانكباب على العبادة بجهالة من غير علم ولا هدى من الله العلي القدير. واعلم أخي القارئ أنّه لا يصح الجمع بين مذهب الإمام مالك ومذهب التصوف ومذهب الأشاعرة إذ هو جمع بين متناقضات فمذهب مالك جامع للفقه والاعتقاد فعقيدته ومنهجه عقيدة ومنهج أهل السنّة والأثر كما قرره غير واحد من أهل العلم من المالكية كالإمام ابن أبي زيد القيراواني في رسالته التي حوت العقيدة السنية والمذهب المالكي. فإنّ المذهب لا يكون صحيحا حتى يتلازم فيه العقيدة والمنهج وهذا ما ميز مذاهب أئمتنا الأعلام كأبي حنيفة والشافعي وأحمد وغيرهم من أئمة السلف. ألا ترى أخي أنّ الماء الزلال السائغ الشراب يفقد عذوبته ولا يروي ضمأ الغليل إذا مزج بغيره، فمذهب الإمام مالك مذهب سني ونقاوته وصفاءه كنقاوة وصفاء الماء الزلال ولا يصح الجمع بينه وبين مذهب آخر إلا إذا كان موافقا له. ج- أمّا من الوجه السياسي: فإنّ ممثلي اللّجنة بعضهم من شواذ التيّار العلماني فأصلهم العار الذي منيت به أمّتنا حين اغتصبها الغرب نتيجة ضعفنا و أمّا فكرهم فغير خاف على أحد، وبعضهم شواذّ فرق الصوفيّة عقيدتهم لا يحتاج من أيّ سنيّ تعليقا ولا تعقيبا عليها، وفريق آخر جسده شبح لا يظهر، ففكره غريب على أمّتنا يحرّك الفريقين يمينا وشمالا كما شاء، عنوانه الحضارة والتقدم ولكن حقيقته ذبح لثوابت أمّته، إذ هو من حثالة أبناء بلدنا وروحه الاستعمار ذاك الثعبان الذي غيّر جلده، فلسانه لسان العرب وقلبه قلب العجم فهو مثل النعامة لا طير ولا جمل. وإنّي قد استوحيت هذا التعليل بعد إمعان النظر في تصنيف قائمة الكتب الممنوعة فجزأ منها بمثابة الغذاء الروحي الذي يغرس الإيمان في قلوب الخلق وينميه فمنعها يخلي الروح منه ككتب العالم الغيبي وجزأ منها بمثابة جهاز المناعة للمجتمع ومنعها مدعاة لتحطيم مقومات الأمة إذ هي كتب العقيدة الصحيحة والتوحيد الخالص وجزأ أخير بمثابة الأداة التي يستخدمها الغرب في تحطيم المجتمعات الإسلامية ومنعها يزيد في تقوية تلك الأداة ألا وهي كتب توعية المرآة توعية دينية شرعية. ثانيا: مناقشة النقطة الثانية: 2- منع الكتب ذات الطابع الديني التي تمس ثوابت الأمة( الإسلام في مذهبنا، الوطن في أمن بلدنا والهوية في مقدساتنا). أ- فمن الوجه القانوني: المبدأ في غاية الصحة فكل نصوص القانون الجزائري لا تسمح لأي شخص المساس بثوابت الأمّة مهما كان أصله ومستواه الثقافي والعلمي. ولكن أين هذا المساس بالثوابت في مثل كتب العلامة محمد الصالح بن عثيمين الخاصة بالعقيدة وهي: القول المفيد في شرح كتاب التوحيد وشرح الأصول الثلاثة و القواعد المثلى وفتاوى العقيدة وشرح كشف الشبهات. وهو على عقيدة الإمام مالك والأئمة الثلاث الباقين رحمة الله عليهم وعقيدة سلفنا أبي بكر وأصحابه و خلفهم بن باديس وإخوانه. وما يثير الدهشة أنّ إدارتنا الموقرة سبق لها وأن رخصت نفس الكتب المذكورة ولنفس المؤلف برخص مختلفة، ففي 30 مارس 2004 رخصة رقم 127، في 10 مارس 2004 رخصة رقم 87، في 11 أوت 2004رخصة رقم 288، في 26 مايو 2004 رخصة رقم 234، للشركة التي سبق لنا ممارسة النشاط التجاري بها المسماة ''دار الصحابة'' فكيف بها اليوم تمنع هذه الكتب زعما منها أنّها في القائمة المخفية برخصة رقم 47 ليوم 06 فيفري 2007 للشركة المسماة "الهودج"، كما منعت كتابي" نقل دم أو عضو" للمؤلف عبد الله بن قعود وهو عضو باللّجنة الدائمة لهيئة كبار العلماء بالسعودية الشقيقة و" أخطاء الأصوليين" لمؤلفه كنتوش العدني وذلك بحجة وجود الكتابين في القائمة المزعومة، فقلت لمسؤول اللّجنة كيف يكون كتاب نقل دم أو عضو في القائمة وهو حديث التأليف ولأول مرة يستورد، فأجابني قائلا - بكل حيلة وتملص -: اللّجنة منعت هذا الكتاب بتحفظ كون أن علماء السعودية متعصبون ولا يبيحون عملية نقل الأعضاء والجزائر قد تقدمت في هذا الباب وقطعت أشواطا كبيرة في مجال الطب وهذا ما لا يخدم سياسة البلد، فأجبته متعجبا: هل اطلعت اللّجنة على محتوى الكتاب فإن مؤلفه يرى جواز ذلك وكيف بكتاب أخطاء الأصوليين الذي هو عبارة عن قواعد أصولية في علم أصول الفقه وليس له أي علاقة بالأحكام الشرعية ولا الفتاوى وكيف تمنع اللّجنة كتب علماء سنة ربانيين في العقيدة الصحيحة وطلبت منه مراجعة اللّجنة ذلك مرة أخرى، فكان الجواب كالعادة بعد عشرين يوما بتاريخ 26 فيفري برخصة رقم 101 تسمح باستيراد الكتابين دون الكتب الأخرى. فقلت: سبحان الله! أين المعيار القانوني في هذا؟ علما أنّ الإدارة سبق لها أن رخصت نفس الكتب في وقت قصير قبل التحاق هؤلاء بالإدارة وأرشيف إدارتنا أكبر دليل وشاهد على ما تقوم به هذه العناصر الآن. وهل سمع أحد بإجراء مثل هذا لما كان المسؤولون على الإدارة علماء ومشايخ سنة كلنا يحبهم ويحترمهم؟ وهل اشتكى أحد من إجراء مشبوه مثل هذا؟ فالسؤال المطروح هنّا: هل فعلا هناك قائمة مدونة للكتب الممنوعة؟! فإن كانت هذه القائمة موجودة فعلا فهل تغيرت مع حلول أعضاء اللّجنة الجدد؟ ثمّ إن تغيرت القائمة فهل هذا يدل على أنّ لكل لجنّة معايير تختلف عن معايير سابقتها؟ ب- ومن الوجه العلمي: لا شك أن الطالب المبتدئ يعرف قدر العلماء الربانيين وملكتهم في التأليف من حيث القيمة العلمية أومن حيث الناحية الأخلاقية لمهنة التأليف وأصولها حيث أنّ الأئمة الأربعة وعلى رأسهم الإمام مالك في مسائل العقيدة لم يخالفهم علماء عصرنا في جناح بعوضة فما ألفه العلامة ابن باز، ابن عثيمين، عبد العزيز آل الشيخ من السعودية الشقيقة والعلامة الألباني من الأردن الشقيق والشيخ مقبل الوادعي من اليمن الشقيق وحامد الفقي وأحمد شاكر من مصر الشقيقة إلخ... كلهم علماء ومشايخ سنة كما أنّ عقيدتهم كعقيدة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ابن باديس والبشير الإبراهيمي والعربي التبسي والطيب العقبي، والمبارك الميلي وإبراهيم أبو اليقظان والأمين العمودي ومحمد خير الدين والسعيد الزاهري وغيرهم ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وكيف بممثلي اللّجنة لم يركزوا إلا على كتب العلماء الربانيين بحجة محاربة الوهابية وذلك باستعمال كل مصطلحات الترويع والتخويف من الوهابية على أساس أنّها شر، ولكن إذا طلبنا منهم التفصيل في معنى الوهابية قالوا إنّ الوهابيين هم الذين يكفرون المسلمين ويستبيحون دماءهم ويبغضون أولياء الله الصالحين ولا يعظمون النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه، وأنّهم مجسمة ومشبهة في أسماء الله وصفاته ونحوها...، فقلت: والله لو كانت هذه حقيقة الوهابية لكانت أكثر الفرق الإسلامية ضلالا إذ من كان على هذا الاعتقاد والعمل لهو شرّ الخلق، ولكن حقيقة الأمر تختلف تماما عمّا ينسبه الصوفية الغلاة لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه إذ هو بمثابة مجدد عصره حيث حارب الانحراف العقائدي والفساد في الدين اللّذين عرفتهما أرض الحجاز آنذاك ولم يثبت عنه أنّه قال مثل ما نسب إليه، فالإمام كان على توحيد خالص كما كان عليه رسول الأمة محمد عليه الصلاة والسلام وأصحابه، والعلماء الربانيين كلهم يشرفونه بلقب" شيخ التوحيد" وكل مؤلفات الشيخ شاهدة على صحة وسلامة عقيدته وأكبر كتبه انتشارا في العالم الإسلامي كتابه المسمى" كتاب التوحيد"، فإن قال الإمام: إنّه لا يجوز التبرك والتوسل بقبور الأموات ولو كان قبر الرسول عليه الصلاة والسلام وقبور الصحابة والصالحين من بعدهم وعده من الشرك الأكبر لا يعني أنّه يبغض النبي عليه الصلاة والسلام والصحابة الكرام رضوان الله عليهم وأنّه يكفر ويستبيح دماء المسلمين، وإن قال إنّ لله أسماء وصفات وأثبتها بنصوص الشريعة من كتاب وسنّة كإثبات صفة الكلام له جلّ وعلا واليد والنفس والساق ونحوها... مما وصف به نفسه سبحانه من غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل لا يعني أنّ الإمام مجسم ومشبه لأسماء وصفات المولى عزّ وجل، وها هو الإمام مالك رحمة الله عليه لما سئل عن الاستواء أجاب قائلا: الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة، لا يعني أن الإمام مالك رحمة الله عليه لما أثبت صفة الاستواء أنّه مجسم أو مشبه. وأكبر شهادة على صحة وسلامة علم ومنهج الشيخ ما جاء في دائرة المعارف البريطانية، وهي تتكلم عن الوهابية ما يلي: الوهابية اسم لحركة التطهير في الإسلام. والوهابيون يتبعون تعاليم الرسول وحده و يهملون كلّ ما سواها. وأعداء الوهابية هم أعداء الإسلام الصحيح. ج- أمّا من الوجه السياسي: فإنّ السياسة الرسمية المعلن عنها من قبل الهيئات الرسمية للدول العربية والإسلامية تتلخص في جمع الشمل والعمل على توحيد الأمة العربية والإسلامية في جميع الميادين وتشجيع التبادل في كل المجالات العلمية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية خاصة إذا كانت تحقق المصلحة العامة وتعمل على جمع الأمّة العربية والإسلامية على وحدة دينية وقومية منبعها من عمق ثوابتنا، و المعروف والمقرر عند كل مثقف أن العلماء الذين منعت كتبهم –وقد سبق ذكر بعضهم- ما هم إلاّ دعاة إلى الدين الصافي من كل شائبة وكل مؤلفاتهم تشهد على ذلك وفتاواهم الراشدة ومواقفهم الباسلة ضد التطرف والغلو في الدين و الإرهاب والخروج على حكام المسلمين أكبر برهان على ما نقول وهو ما يوافق تماما سياسة الدول الإسلامية التي ابتليت بالآفات التي سبق ذكرها، وفضل هؤلاء العلماء الأجلاء في محنة بلدنا أكبر برهان على ذلك إذ كانوا سببا جليّا لا يحق إنكاره في رجوع الكثير من الشباب إلى سبيل الحق بعدما غرر بهم في فتنة العشرية السوداء التي عرفتها البلاد، ثمّ من أكبر الأدلة على ما ذكرنا أنّ هؤلاء العلماء لمنزلتهم وحسن سيرتهم نجدهم حضوا بثقة شعوب وحكام بلدانهم إذ يستعينون بهم في المحن والفتن ويدفعون بهم في نحور كل من تسول له نفسه أن يفتن النّاس في دينهم. فكيف اليوم باللّجنة الموقرة نمنع مؤلفات هؤلاء العلماء بحجة أنّها لا تتماشى مع سياسة الدولة الجزائرية؟ و كيف لها أن ترخص بعض الكتب باسم السياسة والثقافة تعمل على نشر الفساد وذبح ثوابت الأمة الإسلامية مما تحمل من انحراف وتطرف باسم حرية التعبير والتأليف وحرية الرأي والفكر، أليس هذا هو الانحراف بعينه عن السياسة الرسمية للدولة الجزائرية المتمثلة في تصريحات أكبر هيئة رسمية للبلاد و التي هي السلطة الرئاسية وأعضاءها المحترمين؟ أم أنّ المراد غلق الباب في وجه أهل الحق والحيلولة دون إبلاغه النّاس وإقناعهم على اتباعه؟ والمعادلة الرياضية معروفة إذا ضاع الحق ساد الباطل، أليس كذلك؟! إلياس بن زايد صاحب شركة الهودج لاستيراد وتصدير الكتب