تنفرد المملكة العربية السعودية في مفاوضات المصالحة مع دولة قطر، بينما يقف شركاؤها في محور القطيعة الرباعي "مصر الإماراتوالبحرين" بعيدا عن هذا المسلك الدبلوماسي الذي يفتح طريقا لحل سياسي توافقي . يبدو المشهد وفقا لوحدة الموقف الرباعي وكأن السعودية أخذت تفويضا كاملا من شركائها في المفاوضات مع قطر، رغم أن دوافع القطيعة يختلف ارتفاع سقفها من دولة إلى أخرى، فتشابك الخلافات المصرية – القطرية أكثر تعقيدا من الخلافات الإماراتية – القطرية الطارئة أو الخلافات البحرينية – القطرية الحدودية المتوارثة، أما الخلاف السعودي – القطري فهو الأعمق على الإطلاق، أخذ شكل الصراع على النفوذ الخليجي/ الإقليمي، والتسابق حول ملء الفراغات بعد نشوب ما عرف ب"ثورات الربيع العربي". خاضت السعودية بمفردها مع قطر مباحثات سرية، في بداية العام الحالي، سرعان ما انهارت، حملت شروط دول محور المقاطعة في تنفيذ جملة من المطالب مقابل إعادة علاقتها مع الدوحة، أهمها وقف دعم ما تصفه ب"الجماعات الإرهابية والمسلحة"، ووقف إيواء ودعم المعارضة، والتوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول. تضع قطر شروط محور المقاطعة التي ترفضها جملة وتفصيلا، في باب المزاعم والإدعاءات وفرض الوصاية والتدخل في شؤونها الداخلية، وانتزاع قراراتها السيادية. وتصر دول محور المقاطعة على: إعلان قطر رسميا عن خفض التمثيل الدبلوماسي مع إيران وإغلاق الملحقيات، ومغادرة العناصر التابعة والمرتبطة بالحرس الثوري الإيراني من الأراضي القطرية، والاقتصار على التعاون التجاري مع إيران، بما لا يخل بالعقوبات المفروضة دوليا وأميركيا عليها، وبما لا يخل بأمن مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وقطع أي تعاون عسكري أو استخباراتي مع إيران"، بحسب ادّعاءاتها. كما تصر على قيام قطر "بالإغلاق الفوري للقاعدة العسكرية التركية التي تم إنشاؤها، ووقف أي تعاون عسكري مع تركيا داخل الأراضي القطرية". توصل الخصمان السعودي – القطري إلى اتفاق صلح مبدئي عبر الوساطة الكويتية – الأمريكية، يبقي السؤال مفتوحا حول موقف مصر والإماراتوالبحرين من إعلان "الكويت"، ومستقبل علاقاتها مع قطر؟ رسميا التزمت مصر الصمت إزاء "إعلان الكويت"، والتزمت الإمارات ومملكة البحرين بذات الموقف، وتركت السعودية تشيد بمبادئ صلح منفرد مع قطر دون أي تعليق يذكر. أمازالت مصر والإماراتوالبحرين أبعد من أجواء مصالحة لم تصل إلى اتفاقها النهائي؟ الشروط ال13 التي وضعها محور المقاطعة لعودة العلاقات مع قطر ورفع الحصار عنها، اختصرت بالمبادئ الستة في مفاوضات الصلح السعودي – القطري، التي ألغت الشرط الذي يتعلق بإيران وشرط إلغاء القاعدة العسكرية التركية، إلى جانب إلغاء شروط قطع العلاقة مع التنظيمات الأيديولوجية وفي مقدمتها "تنظيم الإخوان المسلمين"، وتسليم المعارضين للدول المعنية وغلق قناة الجزيرة. مبادئ صلح جديدة أدرك الوسيط الكويتي إمكانية تحققها في مرحلة أولى، وعكست المرونة في السياسة السعودية، أرضت قطر، وحفظت سيادتها، وباركتها تركياوإيران، واعتبرتها أمريكا بداية لوحدة خليجية راسخة، تنهي القطيعة بزوال مبررات النزاع، ستنعكس بخصائصها الإيجابية على منطقة الشرق الأوسط، بانتظار التفاف كل الأطراف حول مبدأ المصالحة في لقاء إقليمي موسع يضمن حقوق الجميع دون استثناء، بعيدا عن سياسة المحاور غير المتوازنة.