"لم أكن أتوقّع أن نحظى بمثل هذا الاستقبال الشديد الدفء… المغاربة يقولون لنا: هذه بلادُكم"، هذا ما قاله رئيس البعثة الصهيونية إلى المغرب "ديفيد غوفرين" في معرِض تعليقه على الاستقبال الكبير والتّرحيب الذي حظي به الصّهاينة في هذا البلد الجار، الذي دخل في تعاون سياسي واقتصادي غير مسبوق مع دولة الاحتلال الصهيوني وصفه "ديفيد غوفرين" بأنه أكبر وأوسع مما كان عليه قبل عشرين عاما!! والأكيد أن المسؤول "الإسرائيلي" كان يتحدث عن الحفاوة الرّسمية وليس الشّعبية، لأنّ الأشقاء المغاربة قالوا كلمتهم منذ أول يوم ضد التّطبيع، ورفضوا ما أقدم عليه المخزن من خيانة للقضية الفلسطينية بالتّطبيع مع الصهاينة المغتصبين وفتح الحدود لدخولهم والاختلاط مع شعب طالما قاوم الاستعمار وناصر القضايا العادلة في العالم وعلى رأسها القضية الفلسطينية. إنّ ما يُثير الحيرة فعلا أن دولا عربية سبق لها أن عقدت معاهدات سلام مع الصهاينة بعد خوضها عدة حروب ضدها، مثل جمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية، إذ أقامت هاتان الدولتان علاقات دبلوماسية مع الصّهاينة، لكنها احتفظت بالمزاج الرافض للاحتلال الإسرائيلي والمتعاطف مع الفلسطينيين، ولم تُظهر مثل هذا الود و"الهيام" بالصهاينة مثل ما يفعل المغاربة والإماراتيون. فهل يبرّر التّوتّر السّياسي القائم مع الجزائر بسبب احتلال المغرب للصحراء الغربية كل هذه الارتماء في أحضان الصّهاينة والمبالغة في الترحيب بهم لدرجة فاجأت الصّهاينة أنفسهم؟ ولو أن المخزن حقق شيئا من هذا التّنازل التّاريخي عن قضية مقدسة عند المغاربة لأمكن فهم المعادلة، فحتى التغريدة التي حصلوا عليها من الرئيس الأمريكي باعترافه بسيادة المغرب المزعومة على الصحراء الغربية تلاشت وتم محوها من تويتر ومعها كل تغريدات دونالد ترمب على تويتر !! يحدث هذا مع المغرب، أما الإمارات فقد وصلت إلى مستوى آخر من الاحتفاء بالصهاينة وصل إلى درجة الافتخار حين قال سفير الإمارات لدى الولاياتالمتحدة، يوسف العتيبة "إن عشرات الآلاف من الإسرائيليين زاروا بلاده منذ تطبيع العلاقات بموجب اتفاق "إبراهام" وتفاخر بالتقارير التي تتحدث عن زيارة ما يقارب 130 ألف صهيوني أرض الإمارات، لكنه لم يشر إلى الفضائح التي تحدثت عنها الصحافة بشأن نوعية السياح الذين جاءوا من دولة الاحتلال والذين قاموا بسرقة الصنابير والمشاجب والمناشف من غرف الفنادق، فهل ستتحرك النخوة العربية، إذ قام هؤلاء السياح بأعمال تطال ما له علاقة بالشرف والحرمة والأخلاق!! وليس هذا فحسب، بل إن الأعراب لا زالوا يتسابقون للتزلف لإسرائيل والانبطاح الطوعي لها رغم رحيل ترامب وآخرهم ما صدر عن رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن والمدعوم من دولة الإمارات، أنه من الممكن تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وأن أن التطبيع مسألة واردة عندما تكون هناك دولة وعاصمة تخص الجنوب العربي. لقد وصل العرب إلى درجة غير مسبوقة من الهوان والذل والخسة لدرجة يحرّضون فيها الأعداء ببعض العرب وإلى تحريض إسرائيل على ضرب إيران، وهو ما قاله ضاحي خلفان صراحة، الذي قال بالحرف "إسرائيل قد تنفذ هجوما على المفاعل النووي الإيراني، ويتعاطف معهم العالم"، ودعا إلى تنفيذ غارة بطائرة شبح على المفاعل النووي الإيراني!