شرّحت النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية الأوضاع المهنية وعديد المشاكل التي تعاني منها الأطقم الطبية وشبه الطبية في الميدان، منها ما تعلق بأزمة كورونا ومنها ما يعود إلى قبل ذلك، وأبدت النقابة، خلال ندوة صحفية لها يوم الجمعة نشطها رئيسها إلياس مرابط، صبرها وطول بالها على هذا الواقع المرير، بالنظر إلى المصلحة العليا للوطن في ظل الظروف الاستثنائية التي مر بها على مدار العامين الماضيين، غير أن النقابة، كما قال، لم تعد قادرة على إسكات صوت المنخرطين فيها ومعالجة التراكمات التي يكاد ينفجر لها الجميع. وأمام هذا التقييم السلبي للوضع قرر اجتماع المكتب الوطني الرجوع إلى منخرطي النقابة لاطلاعهم من خلال الجمعيات العامة على هذا الانسداد القائم في التكفل بمختلف الملفات والفصل في قرار العودة المحتملة للاحتجاج في إطار ما تضمنه قوانين الجمهورية. واستنكرت النقابة الاستخفاف الملاحظ في التكفل بملفات الممارسين الطبيين، رغم ظروف العمل الصعبة التي لم تثنهم عن آداء عملهم بكل تفان وإخلاص". وقال مرابط: "نحن في حالة هدوء بالقطاع منذ عامين تقريبا..وضعنا مشاكلنا جانبا لكن بعد الآن لا يستطيع أحد لومنا فقد كنا صبورين جدا". قوائم الانتظار تهدد المرضى وتشجع سماسرة الصحة ودعت النقابة السلطات إلى استئناف النشاط الطبي والجراحي وفق مخطط عمل مضبوط بأهداف وآجال بما لا يرهن حياة المرضى ولا يعقد حالتهم الصحية، فالتراكمات وقوائم الانتظار أضرت كثيرا بالمواطنين من الناحية النفسية والمادية، وفتحت المجال لجشع بعض الخواص لاستنزاف جيوب الزوالية، ما يستدعي تدخل السلطات لفرض مدونات التسعيرة الفحص والكشوفات، إلى جانب دور صناديق الضمان الاجتماعي في مرافقة هؤلاء المرضى. 500 ألف مهني في الصحة ينتظرون التلقيح ضد كورونا وبخصوص حملة التلقيح الوطنية التي تستهدف في بدايتها مستخدمي الصحة، فقال مرابط إن العملية انطلقت بشكل تدريجي وستتواصل لاحقا، حيث ان الجرعات المستقبلة الى غاية الان تكفي لتلقيح 50 ألف شخص وهي لا تلبي احتياجات كامل القطاع الصحي الذي يناهز عماله 500 ألف مهني، حيث لم تراوحت حصص المؤسسات الصحية الجوارية بين 20-30- 60 جرعة وهي قليلة جدا، على أمل استقبال كميات أخرى لاحقا. ولفت المتحدث الانتباه إلى مراعاة الأولويات في التلقيح حتى داخل القطاع الصحي لاسيما المرضى المزمنين والعاملين في وحدات كوفيد19 ومن تجاوز سنهم 60 عاما، واستطرد مرابط قائلا "إن بداية التلقيح لا تعني التخلي عن الإجراءات الوقاية".. تضحيات للمهنيين يقابلها تجاهل من الوزارة وأشار مرابط إلى عدم استجابة وزارة الصحة للطلبين الذين تقدمت بهما النقابة لعقد جلسة مع وزير القطاع عبد الرحمان بن بوزيد، حيث تم رفع الطلب الأول في جوان وتلاه طلب أخر في ديسمبر، دون أن يلقى ذلك ردا إلى غاية يومنا هذا. وذكّر مرابط بتضحيات مستخدمي الصحة منذ بداية الأزمة الصحية وما يعانونه من مشاكل نفسية وحرمان من رؤية أولادهم لأسابيع وأشهر، خاصة وأن غالبيتهم من النساء اللواتي تعرض بعضهن إلى المشاكل الأسرية والطلاق بسبب عدم تفهم أزواجهم وأسرهم لطبيعة عملهم، ناهيك عن من فقدوا حياتهم وهم في الصفوف الأولى لمواجهة الفيروس. مطالب مهنية عاجلة وأخرى قيد الانتظار منذ سنوات ورفعت النقابة خلال الندوة الصحفية مجموعة من المطالب المهنية ذات الصلة بأزمة كورونا ومنها تأخر الاستفادة من المنحة التي اقرها رئيس الجمهورية خلال الثلاثيين الأخيرين، بالإضافة إلى عدم استفادة عائلات مهنيي الصحة المتوفين بسبب كورونا من المنحة المقدرة بنحو 100 مليون سنتيم وهي منحة رمزية لم يستلمها احد إلى غاية الآن رغم أن رئيس الجمهورية هو من أقرها، مبديا استغرابه من عدم تطبيق أوامر وقرارات رئيس الجمهورية. وإلى ذلك طالبت النقابة بإقرار منحة كورونا بشكل دائم في شكل منحة الوباء بالنظر إلى مختلف التهديدات التي تواجه المهنيين، وكذا إدراج مرض كورونا وحالة الإرهاق النفسي والجسدي ضمن قائمة الأمراض المهنية الخاصة بالسلك الطبي، مذكرا بوفاة 186 مهنيي في الصحة جراء الوباء وتسجيل 12 ألف حالة إصابة بالفيروس، مع ما خلفته من أثار نفسية مدمرة وآثار مادية، واعتبر المتحدث أنّ هذه الوضعية وهذه التضحيات كافية لتحرك المسؤولين في وزارة الصحة ووزارة العمل. وأردف مرابط قائلا: "من الأفضل عدم تقديم الوعود في حال عدم التمكن من الالتزام بها". واستدل مرابط بملف امتيازات التقاعد للعاملين في وحدات كوفيد19 واستفادتهم من تقليص 6 أشهر..قرار لم ير النور ولم تتبعه إلى غاية يومنا هذا أية إجراءات على ارض الواقع لاسيما تنصيب لجان قطاعية تدرس الملف وتحضر له. ومن بين الملفات العالقة أو الجديدة القديمة ذكر النقابي مرابط ملف تحيين منحة الجنوب والولايات الداخلية "عبر 13 ولاية تقريبا" المرتبطة بالأجر القاعدي، حيث لم يتم مراجعتها منذ سنة 1989 مع أن الأجر القاعدي تغير عدة مرات، أي ان المنحة لم تراجع منذ 19 عاما، رغم اثارة الملف مع عدة وزراء تعاقبوا على قطاع الصحة دون جدوى. واعتبر المتحدث أن جل هذه الملفات عالقة بسبب تواجد النشط الطبي في إطار الوظيف العمومي الذي لا يوفر امكانية الاجتهاد ويعمل في نسق جامد لا يتماشى مع المتغيرات من حوله، وهنا دعا مرابط إلى استحداث مديرية عامة للوظيف العمومي للصحة لمسايرة خصوصيات المنظومة الصحية وإسقاطاتها المختلفة على المسار المهني لمختلف الأسلاك وعلاقتها المباشرة بتوفير خدمات صحية ذات نوعية. تضييقات على العمل النقابي وسياسة تفاضلية بين النقابات واستنكرت النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية التضييقات الممارسة على العمل النقابي وما وصفته بإجراءات "القمع الإداري" الممارس في بعض الولايات والمؤسسات الصحية في تناقض واضح لقوانين الجمهورية وحتى تعليمات الوزارة الوصية، حيث ضربت أمثلة بما حدث في كل من غين الدفلة وغليزان وبومرداس والبيض وغيرها من الولايات، كما نددت بالسياسة التفاضلية للإدارة بين نقابتهم ونقابات أخرى في شكل مباركة غير معلنة من قبل الادارة، وهو ما يتناقض وتطلعات الجزائر الجديدة. وثمنت النقابة قرار السلطات المتعلق بالترقيات وتصنيف شهادة الدكتوراه في طب الأسنان والدكتوراه في الصيدلة على سلم الأجور للوظيفة العمومية.