يتحدث رئيس سلطة ضبط المحروقات (ARH)، رشيد نديل، في هذا الحوار ل"الشروق" عن عملية سحب البنزين الممتاز من المحطات، وكيفية تفادي حدوث مشاكل في المحركات بعد سحبه وتعويضه بالبنزين الممتاز الخالي من الرصاص، وطريقة تعويض المواطنين المتضررين من احتواء الوقود على المياه، واستهلاك الوقود الذي تقلص في 2020 بفعل جائحة كورونا، إضافة إلى أمور أخرى تتعلق بنشاطات ودور ومهام هذه الهيئة. نبدأ من قضية سحب البنزين الممتاز الذي يتوفر على الرصاص، إلى أين وصلت العملية؟ العملية تتعلق بسحب البنزين الممتاز الذي يحتوي على الرصاص وفي الحقيقة هي سحب الرصاص من البنزين لأن الرصاص كما هو معلوم مضر بالبيئة ومسرطن ويضر بصحة الإنسان، ولذلك جاء قرار نزعه من البنزين. حاليا الجزائر تتوفر على 3 أنواع من البنزين هي العادي والممتاز اللذان يحتويان على مادة الرصاص إضافة للبنزين الخالي من الرصاص. كان من المتوقع أن تكون عملية السحب في الثلاثي الأول من 2021، إذ كنا ننتظر زوال وباء كورنا تدريجيا العام الماضي، وزيادة وتيرة الاستهلاك مثلما كانت عليه من قبل، خاصة أن وتيرة الاستهلاك هي التي تسمح بتنظيف وتطهير الخزانات والمنشآت سواء في مصافي التكرير أو في محطات الوقود، لكن وتيرة الاستهلاك كبحت بالنظر لانتشار وباء كورونا. لذلك سنكون بحاجة إلى 3 أو 4 أشهر أخرى لإتمام العملية، لكن أؤكد أنه في جميع الحالات لن تجاوز 1 أكتوبر 2021 لسحب البنزين الممتاز الذي يتوفر على الرصاص وتوحيد البنزين نهائيا في الجزائر وهو بنزين خالي من الرصاص. وهل ستكون الولايات جميعا معنية في هذا التاريخ؟ كل الولاياتالجزائرية ستكون معنية بهذا الإجراء في هذا التاريخ. هناك عمليات تحاليل تتعلق بنوعية الوقود وجب القيام بها إذ لا يجب تسويق وقود يسبب أضرارا للمركبات وحتى تكون التحاليل مطابقة بالنسبة لنوعية الوقود الصالح لجميع السيارات. وماذا عن المواطنين المتخوفين من تغيير البنزين بعد أن كانت مركباتهم تسير بالممتاز لسنوات ولسنوات وإمكانية حدوث مشاكل في المحركات؟ أطمئن المواطنين أنه لن تحدث مشاكل في محركاتهم عند توحيد البنزين لأن البنزين يتوفر على ما يعرف بمؤشر الأوكتان الذي يبدأ من النقطة 89 ويصل إلى 96، حيث إن البنزين بمؤشر أوكتان 89 و96 هو بالرصاص، بدون رصاص من 91 إلى 95. إذن، الذي كان يسير ببنزين 89 من الأحسن له السير ببنزين 91 والذي كان ب96 يسير ب95 أو أقل وبدون أي مشاكل. كما أن البنزين الموحد الخالي من الرصاص سيتم إضافة مواد خاصة له تسمح للسيارات من السير بدون أي مشاكل على المحركات. توحيد البنزين يعني تحويل قدرات التكرير من البنزين الممتاز وجعلها تصب في البنزين الخالي من الرصاص، هل سيتم فعلا توقيف استيراد البنزين في العام 2021؟ هذه المساعي هي من أولويات الحكومة ورئيس الجمهورية تكلم عنها وأكدها بعده الوزير الأول ولن يكون هناك استيراد للبنزين في 2021. والقول بأننا لن تستورد البنزين معناه أننا قادرون على تغطية السوق بالإنتاج المحلي، لذلك يجب أن نعرف أنه بالنسبة لأنواع البنزين الثلاثة (عادي ممتاز وخال من الرصاص)، فإن الاستهلاك السنوي يبلغ 3.7 مليون طن. أما قدرات التكرير فتقدر ب4 ملايين طن وهي أرقام أكدها الرئيس المدير العام لسوناطراك، وهذه إحصائيات 2019 التي تعتبر مرجعية وليست 2020 بالنظر لوباء كوفيد-19، ما يعني أن لدينا فائض في الإنتاج ب300 ألف طن، ويمكن أن نصدر هذا الفائض للخارج أو عدم تكريره أصلا وبيعه عبارة عن نفط خام. هناك مشروع لجعل المازوت للمركبات بلون والموجه للفلاحة بلون آخر، إلى أين وصل؟ هذا المشروع ما زال في مرحلة التفكير وكسلطة ضبط للمحروقات ليست لنا نظرة بعد بخصوص هذا المشروع لكنه يبقى كتفكير مستقبلي. هناك انتقادات للمازوت الجزائري بأنه يسبب مشاكل في محركات بعض السيارات ما هي أسباب هذه الانتقادات؟ مشكل المازوت عادة هو اختلاطه بالماء وهو الذي يسبب عادة مشاكل في محركات السيارات، والأمر ليس مطروحا على مستوى النوعية بتاتا. كما أن المازوت عند خروجه من المصفاة أصلا يخرج وبه الماء ويتم تصفيته من الماء ويتم توزيعه لاحقا. حاليا وخاصة في فصل الشتاء، فإن عديد محطات الوقود بها تسربات للماء في الخزانات علما أن محركات السيارات الجديدة صارت حساسة جدا. لذلك يجب أن تكون لنا عمليات تفتيش ومراقبة للنوعية والجودة والقيام من حين لآخر بتحليل الوقود في المحطات. وأكرر أن نوعية المازوت الجزائري لا شك فيها ومعروفة من سنوات جديدة، وحتى السيارات التي لها مشاكل مع المازوت لست كلها بل بعض العلامات والموديلات فقط. مؤخرا، حدثت مشاكل في محركات سيارات عديد المواطنين في محطة بنزين بالخروبة بالعاصمة بفعل تسرب المياه، كيف يتم تعويض المتضررين ومن يعوضهم؟ بالفعل هناك تعويض للمواطن المتضرر من حوادث كهذه وعلى المواطن أن يعرف أن موزع الوقود لديه عقد تأمين لمحطته وهو عقد إجباري. والمواطن الذي يواجه مشكلا من هذا النوع يجب أن يعود إلى المحطة التي تسببت في الضرر ويتم منحه وثيقة إثبات، وهذا ممكن لأنه في العادة لما يختلط الوقود بالماء لن يمس مواطنا واحدا بل عديد المواطنين ولا يمكن إنكار الحادثة عن مجموعة مواطنين. بعدها يتم تحليل الوقود من طرف المخبر المتخصص وإذا تأكد وجود الماء فيه، يقوم المواطن بتصليح مركبته ويقدم الفواتير اللازمة ويتم تعويضه من طرف شركة تأمين موزع الوقود. هل من مقارنة بين استهلاك الوقود في 2019 التي تعتبر مرجعية، و2020 التي شهدت تراجعا في الاستهلاك جراء انتشار فيروس كورونا والإجراءات التي صاحبته؟ فعلا، هناك تراجع في الاستهلاك الوطني من الوقود بنحو 20 بالمائة في 2020 مقارنة بسنة 2019. حيث إن 2019 شهدت استهلاك 16 مليون طن من جميع أنواع الوقود، بينما بلغ الاستهلاك في 2020 نحو 13 مليون طن (- 20 بالمائة). هل منشآت المحروقات في الجزائر مطابقة للمعاير المعمول بها دوليا؟ أصدقك القول، توجد منشآت تتوفر على المعايير الدولية بينما أخرى لا تتوفر على أدنى المعايير، ومنحناهم آجالا لتسوية منشآتهم وفق المعايير المطلوبة بناء على نص تنظيمي صدر في هذا الصدد. وقام البعض منهم بعملية المطابقة بينما لم يقم الكثير منهم بها للأسف، ولذلك السلطات مددت آجال تطبيق النص التنظيمي، وسيتم غلق المنشآت التي لم تحترم المعايير المعمول بها عند انتهاء الآجال. عملية المطابقة عموما تتعلق بالجوانب التقنية والسلامة، وفي دول أجنبية محطات الوقود تقع تحت العمارة لكن المعايير مطبقة بصرامة، ولذلك يجب تكرار عمليات التفتيش والمراقبة والتدقيق خاصة أن المنشآت التي تقع تحت سلطة ضبط المحروقات 3500 منشأة (محطات وقود مصافي مخازن ومستودعات مراكز للغاز وغيرها). ما هو دور سلطة ضبط المحروقات في تأمين شبكة أنابيب نقل المحروقات وتفادي تسربات بالنظر لحوادث سابقة؟ سلطة ضبط المحروقات تضطلع بتأمين كافة منشآت المحروقات ومن بينها أنابيب نقل البترول والغاز والوقود. بعد حادثة تسرب النفط الخام بولاية وادي سوف خلال العام الماضي، أعطى وزير الطاقة حينها تعليمات لإعداد قاعدة بيانات تتضمن كافة الأنابيب وتصنيفهم حسب درجة الخطر الذي يمكن أن تتعرض له، وهذا العمل يجري حاليا وسيسمح لنا بإعداد خارطة مخاطر لشبكة النقل بالأنابيب وحتى كيفية التدخل عندما يكون هناك حادث ما. هل تقومون بعمليات تفتيش لمنشآت المحروقات في الجزائر؟ لحد الآن لم نقم بذلك، لكن هذا من صميم عملها، وهذا راجع لكون سلطة الضبط لم يكن لديها الإمكانيات اللازمة، وهي كانت تتوفر على 100 موظف وهو لا يكفي لتغطية بلد بحجم الجزائر. حاليا صار لنا مقر مستقل وقمنا بتوظيف نحو 100 مهندس ومدقق للتكفل بعمليات التفتيش ميدانيا. من جهة أخرى، هناك هيئات مستقلة نتعاون معها عبر عقود للقيام بعمليات التدقيق والتفتيش للتمكن من تغطية كافة أرجاء التراب الوطني. كيف ترون قانون المحروقات الجديد، هل زاد أم قلص صلاحيات سلطة ضبط المحروقات وهل منحها دورا أكبر أم أقل مما سبق؟ القانون الجديد للمحروقات 19-13 لم ينقص من صلاحيات سلطة ضبط المحروقات بل زاد من صلاحيات ودور الهيئة. وفي هذا الصدد، فقد تضمن القانون الجديد نحو 14 نصا تطبيقيا تتعلق بسلطة ضبط المحروقات ودورها ومهامها، وعموما هي تضطلع بالسوق الوطنية (نشاط المصب خصوصا) وبعض المهام في نشاط المنبع. كما أن سلطة ضبط المحروقات تضطلع بتنظيم السوق الوطنية، وهناك 10 موزعين للوقود في الجزائر ولم نعد في وضعية الاحتكار لنفطال وهناك دخول حر للسوق بتراخيص تمنحها سلطة ضبط المحروقات. حاليا هناك بعض الفوضى ومن له مستودع ومحطة وقود يتحول لموزع وهذا أمر غير معقول، لذلك تنظيم العملية سيتشرط من 15 على 20 محطة وشبكة توزيع للحصول على صفة موزع مثلا. كما أن المحطات وجب أن يتم مطابقتها من حيث نقص النظافة والتهيئة والخدمات وهذه النصوص جاءت لفرض النظام في هذا المجال. ومن مهامها الحفاظ على البيئة ومصالح الجزائر، من خلال إلزام الشركات الأجنبية بإعادة المحيط إلى حالته الابتدائية عقب عمليات التنقيب في المناطق المعنية. إذن تقومون بمراقبة عملية حرق الغازات التنفيس (Torchage)؟ نعم، نحن نقوم بعملية مراقبة عملية حرق الغاز، وهناك نص تطبيقي في قانون المحروقات الجديد يتعلق بحرق الغازات سواء في نشاط المنبع أو نشاط المصب. ويجبر هذا النص الشركات التي تحرق الغازات في منشآت المصب أو المنبع على دفع ضريبة ب30 بالمائة سواء للشركات الأجنبية أو حتى للشركة الوطنية سوناطراك.