رغم أن سنها لا يتجاوز ال 15 ربيعا، إلا أنك تشعر وأنت تستمع إلى حديثها عن قصتها مع حفظ كتاب الله وكأنك تخاطب فقيهة في أمور الدين والدنيا، بل الأكثر من ذلك أن مُحاورها يفضل أن لا يقاطعها لعذب حديثها وقربه إلى القلب، فكان أن سلمت كل حواسي لها وهي تغوص في رحلتها مع من قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم"خيركم من تعلم القران وعلمه". لقد بدا ولع الطالبة" لدهم روميسة" بالقرآن منذ نعومة أظافرها أو بالأحرى منذ أن بدأت تميز بين الخطأ والصواب كما قالت، لتتشجع أكثر عندما اكتشفت بأن أطفالا أصغر منها يرددون بعض السور التي حفظتها في السنة الأولى ابتدائي فكان أن حفظت أكبر عدد من السور دون الرجوع إلى المصحف. لكن مع مرور الوقت اتضح لها بأن مشكلة النسيان تهدد رصيدها من السور بسبب التكرار غير المضبوط وهو ما دفعها إلى توقيف رحلتها مع الحفظ لبعض الوقت إلى غاية سماعها بنية الشيخ"أبوأسامة كيرد" صاحب الطريقة المميزة في تحفيظ القرآن في تسعة أشهر بتحفيظ الفتيات بطريقة أسهل وأسرع وبقراءة سليمة وصحيحة ألا وهي التجويد، فكانت بداية الطريق بالحرص على تعلم أحكام التلاوة وإجادتها بمساعدة الشيخ ليتم الانطلاق في رحلة حفظ القرآن التي رفعت"روميسة" شعارا لها حديث رسول الله صلى عليه الله وسلم"خيركم من تعلم القران وعلمه" معتمدة، تقول، على ربها وليس على علمها لتكون من الأخيار أسوة بقول بعض التابعين "من اعتمد على فكره ضل ومن اعتمد على علمه ذل ومن اعتمد على ماله قل ومن اعتمد على الله ما ضل وما قل وما ذل وما اختل". فالبداية كانت في أوت 2006 بحفظ ثمن في اليوم ثم تكراره وحفظ المتشابه لضمان التدريب على التركيز وإدارة الوقت الأساسيان في حفظ القرآن حسب ضيفتنا، التي استطاعت أن توفق بين واجباتها الدراسية وحفظها للثُّمن المخصص في اليوم دون كل وتعب، والدليل على ذلك نتائجها في امتحانات نهاية السنة التي كانت ممتازة، وبعد حلول عطلة الصيف عرض الشيخ على الفتيات تجربة حفظ نصف حزب يوميا وهو ما مكن روميسة من حفظ أكثر من 40 حزبا في 90 يوما فقط في تجربة رائعة تعلمت منها الصبر واستغلال الوقت في ما يرضي الله، لتجد نفسها تحقق حلم صباها في حفظ كتاب الله وعمرها لا يتجاوز 14 سنة وكان ذلك في 20 رمضان 1428 هجري لتواصل تكراره تطبيقا لقول رسول الله " إنما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعلقة إن عاهد عليها أمسكها وإن أطلقها ذهبت " وبعد قرار الشيخ أبو أسامة كيرد إجازة بعض الطالبات برواية ورش عن نافع دخلت روميسة التجربة الجديدة التي تتطلب تفرغا تاما وتركيزا كبيرا وكان ذلك 10 أيام فقط قبل امتحان شهادة التعليم المتوسط . حيث وفقت في نيل الاثنين بامتياز مرجعة الفضل في هذا التوفيق إلى المولى عز وجل الذي دعته أن يوفقها إلى حفظ حدوده كما حفظت حروفه، وأن يعينها على تعليمه وتطبيق أحكامه وأن يجعله حجة لنا لا علينا وأن يجازي الشيخ أبو أسامة خير الجزاء ويعينه على تحفيظ القرآن لكل الأجيال دون أن تنسى والديها الكريمين وأخوها عيسى لدهم الذي ساعدها على بلوغ هاته المرتبة التي تتمنى أن تنالها كل الفتيات، ضيفتنا التي تمنت التوفيق للشروق في رسالتها الإعلامية طالبت السلطات المحلية بمد يد المساعدة للشيخ أبو أسامة لإعانته على مواصلة مسيرة تحفيظ كتاب الله لأبناء الجزائر التي دعت الله أن يحفظها. عبد القادر بن حرز الله