يتسابق آلاف المسيحيين الكاثوليك عبر العالم على تسجيل طلباتهم عبر موقع إلكتروني تابع لكنيسة الفاتيكان في محاولة للحصول على قطعة من رداء أبيض لبابا الفاتيكان الراحل، يوحنا بولس الثاني؛ للتبرك بها، حيث يعتقد بعضهم أنها قد تساعد في شفاء المرضى، في حين دعتهم الكنيسة لموافاتها بوقوع أي معجزات. ويتنافس هؤلاء المتقدمون على 5 آلاف قطعة من الرداء، مساحة الواحدة منها 4 ملم مربع، ومرفقة ببطاقة معايدة عليها صورة البابا الراحل في جانب ودعاء في الجانب الآخر، بحسب صحيفة "ذا جارديان" البريطانية في عددها الصادر. والغريب أن هذه القطع مطروحة بالمجان منذ وفاة البابا عام 2005، لكن لم يكن يعرف الكثيرون بها قبل 13 سبتمبر الجاري عندما أعلنت وكالت الأنباء التابعة للفاتيكان أنه يمكن التقدم لنيل هذه القطع عبر الإنترنت. وقال ، المتحدث باسم كنيسة روما، دون ماركو فيبي أن الفاتيكان تلقى 5 آلاف طلب عبر البريد الإلكتروني بمجرد الإعلان عن هذه الخدمة". وترجع هذه الفكرة إلى رجل الدين البولندي، سلاومير أودر، المطالب والساعي إلى منح لقب قديس إلى البابا يوحنا بولس الثاني، وجاءته إثر شفاء راهبة فرنسية من مرض الشلل الرعّاش عام 2005 بعد أن قامت وأتباعها بالصلاة على روح البابا الراحل، وفق الصحيفة. وتعود هذه العادة إلى العصور القديمة، حيث كان يتم توزيع ملابس وعظام القديسين للتبرك بها، بمقابل مادي، لكن هذه هي المرة الأولى التي يتم تطبيقها في العصر الحديث، والأولى التي تتبع مع رجل دين لم يصل بعد إلى مرتبة القديس، والأولى أيضًا بالمجان. وفي محاولة منها لمنع محبي اقتناء التحف والآثار من السيطرة على قطع أقمشة رداء البابا الراحل، طلبت كنيسة روما من المتقدمين إبداء أسباب سعيهم لامتلاكها، فقال بعضهم بأنهم يرغبون في اقتنائها لمساعدة صديق أو قريب على الشفاء من الأمراض، مرفقين بذلك شهادات صحية تعزز قولهم، وبالمقابل طلبت الكنيسة ممن ستصلهم هذه القطع أن يرسلوا لها أي قصص أو أنباء عن حدوث "معجزات" بفضل قطع أقمشة رداء البابا. ويتوقع أن تقوم الكنيسة بتمزيق رداء آخر للبابا إلى قطع صغيرة نظرًا للإقبال الشديد على الرداء الأول. بهذا السلوك، تكون الكنيسة قد اختارت العودة إلى زمن "القرون الوسطى" التي كانت ترزح تحتها أوروبا، زمن مطاردة السحرة و "تكفير" أهل العلم و العقول الراجحة من طينة غاليلي، كما يُثبت هذا السلوك من جهة أخرى، فرية خروج الدين من حياة الأوروبيين، فالتهافت على قطعة قماش بحجم 4 ملم في 4ملم "للتبرّك" بها، يعني الكثير في الدراسات الاجتماعية و الإثنية ويعكس مدى تعلق شعب ما بدينه، ولعل هذه "الخرجة" الكنَسِية الجديدة، تدل على أنه بقدر ما تعلو أوروبا في سماء التطور التكنولوجي، بقدر ما تهوي سحيقا في مستنقع اللاهوتية الذي لا معنى له. م.هدنة/الوكالات