لم يعد أمرا غريبا ولا مستهجنا رؤية زجاجات الخمر، ولا حتى مناظر ممارسة الزنا بين القبور، وهي الظاهرة التي لطالما نادى بها أئمة بعض المناطق وعلى رأسها مقبرة العالية، في محاولة منهم لحث السكان وتوعيتهم بخطورة التعدي على حرمة الموتى. قبل أن يصل نداء المواطنين إلى جريدة "الشروق اليومي" عبر مواطن طلب منا زيارة مقبرة العالية أحد أكبر المقابر في العاصمة، للوقوف على معاناة صامتة، وأثناء تنقلنا لعين المكان صدمنا بوضعية المقبرة والتي تحولت إلى مكان مفضل للهروب من قبل المنحرفين، منهم من اتخذ من صمت المقبرة مكانا لتناول المخدرات بعيدا عن أعين مصالح الأمن، ومنهم من حولها إلى مخمرة على الهواء لتناول الخمر، حيث تنتشر على طول الطريق زجاجات الخمر المكسرة، وفوجئنا أيضا بجملة من انشغالات السكان المجاورين للمنطقة تمحورت حول تحول المقبرة في شقها المجاور للإقامة الجامعية للبنات العالية إلى مكان لممارسة الرذيلة. ومن جهة أخرى، اشتكى سكان المقبرة ممن رمت بهم الظروف إلى عدم ترحيلهم إلى وجهات أفضل حتى لو تعلق الأمر بشاليهات، كون إقامتهم بالمنطقة المخصصة للموتى تعتبر تعديا على حرمتهم. من جهة أخرى، أكد لنا سكان حي الجرف انعدام الإنارة العمومية بحيهم الذي يعتبر من بين أهم الأسواق في العاصمة وهو المعروف باسم "سوق دبي"، مما يرغم الكثير من التجار على المبيت داخل محلاتهم لحراسة ممتلكاتهم. من جهة أخرى، تعرف العاصمة بوجه الخصوص ظاهرة نقص الأراضي المخصصة لدفن الموتى، حتى أن بعض المقابر امتلأت عن آخرها، مثل "مقبرة درڤانة" التي تستقبل من كل البلديات والأحياء على غرار برج البحري، الجزائر شاطئ، بن زرقة وقهوة الشرقي، كما أخبرنا مواطنو المنطقة أنهم يجدون صعوبة في شق طريقهم نحو حفر القبور بالمنطقة، فيما تعاني بلديات الجزائر الوسطى من صعوبة حقيقية في رحلة البحث عن مكان للدفن، كون مقبرة القطار التي تعتبر من بين أقدم مقابر العاصمة لم تعد تسع الموتى، كما لم يعد هناك أراضي يمكن أن تخصصها الجهات المسؤولة لدفن الموتى، مما يضطر العشرات إلى نقل موتاهم إلى مقابر أخرى بعيدة، في حين يضطر آخرون إلى دفن أكثر من ميت في قبر واحد في عملية أشبه ما تكون "بالمقابر الجماعية"، في حين تبقى مقبرة العالية الوحيدة التي تضم أمواتا من بلديات مختلفة. وغالبا ما يؤدي كثرة تواجد أكثر من ميت إلى قطع الطريق المؤدي إلى المقبرة، وانتظار عملية دفن من جاء أولا، ويطرح المواطنون مشكلا آخر يتمثل في اهتراء بعض المقابر حتى أن بعض القبور لم يعد لها أثرا.. وفي ظل اقتراب أيام العيد يبقى ساكنوها ينتظرون من يرمم لهم سكناتهم أو على الأقل إعادة الحرمة للمقبرة في ظل تحولها إلى أماكن للإدمان والانحراف. فضيلة مختاري