أدانت محكمة الجنايات بمجلس قضاء الجزائري المتهم(ك، عثمان) ب10 سنوات سجنا نافذا، بعدما التمس في حقه النائب العام عقوبة السجن المؤبد عن جناية تسميم عمال و أفراد من الحرس البلدي عام 2000 في علبة حلوى. و تعود وقائع هذه القضية التي أثارت جدلا كبيرا أول أمس بين دفاع المتهم و هيئة المحكمة إضافة للنائب العام بسبب إصرار الأستاذ ميلود إبراهيمي على انقضاء الدعوة العمومية في حق موكله على اعتبار استفادته من ميثاق السلم و المصالحة، لأن المعني سلم نفسه في فترة كان فيها الميثاق ساري المفعول و لا يزال، حيث قدم المحامي لهيئة المحكمة دفوعا شكلية تتضمن هذه المطالب. لكن النائب العام رفض هذه الطعون و أكد بأن جناية التسميم المتابع بها المتهم لا علاقة لها بالإرهاب حسبما يتضمنه قرار الإحالة الواجب التقيد به فالقضية كُيّفت أنها من جرائم القانون العام، ليتساءل هذا الأخير عن سبب عدم لجوء المحامي إلى الطعن في قرار الإحالة ما دام غير مقتنع بتكييف التهمة. وبعدما انسحبت هيئة المحكمة للمداولة في هذه الدفوع الشكلية بدون المحلفين عادت لتنطق بحكم رفضها لدفوع المحامي، و هو ما أثار حفيظة هذا الأخير و جعلته يُصرُّح في حالة غضب أن العدالة الجزائرية تعرقل مسار المصالحة الوطنية و أنها أصبحت عدوا للمتقاضين. و بالرّجوع لحيثيات القضية و التي تعود وقائعها لتاريخ 23. 9. 2000 أن المتهم الرئيسي (ك،عثمان) من مواليد 1957 بخميس الخشنة متزوج و أب ل 6 أولاد و الذي كان ينشط بمنطقة الرغاية (جبال بوزقزة) حسب قرار الإحالة، انضم في تلك الفترة للعمل كسائق جرافة بالمؤسسة الوطنية لوضع الهياكل القاعدية للسكك الحديدية بجسر قسنطينة بالعاصمة، حيث التحق بها لفترة أشهر فقط، و بحكم موقع الأشغال المُحاذي لمنطقة غابية و قليلة الحركة، كانت دوريات الحرس البلدي التابعة لواد الكرمة كثيرا ما تتواجد هناك لغرض الحراسة. و بتاريخ الوقائع و حسب تصريح المتهم عثمان في الجلسة أنه كان منخرطا في جماعة إرهابية، حيث قصده عناصرها في الصباح الباكر و أحضروا له علبة حلويات من نوع (ميلفاي)، فبعدما فتح الإرهابيون وسَطها حشوها بخليط مطحون من دواء تيميستا و نوزيتو ثم أغلقوها و طلبوا منه إعطاءها لأفراد الحرس البلدي بُغية سرقة أسلحة الكلاشينكوف التي يحوزونها، و بالفعل انطلق الجميع حيث أنزل الإرهابيون المتهم قرب باب الورشة، ثم تقدم هذا الأخير من زميله السائق و أعطاه حبة حلوى بحجة وضع زوجته لمولود جديد و باعتبار أنها مريضة ليس باستطاعتها تحضير "الطمينة"، فتذوق السائق رفقة عنصر من الدفاع الذاتي كان يحمل قطعتين من سلاح كلاشينكوف بعض الحلوى، ثم حضر مقاوم ثالث و تناول بدوره ثم رابع. و ما هي إلا دقائق حتى أُغمي على الجميع. أما المتهم و في حين غفلة طلب عطلة مرضية ثم فر نحو الجبل مع إرهابيين كانوا في انتظاره دون أن يسرق الأسلحة لأنه أحس بالندم حسب تصريحه دائما. أما الضحايا فتم نقلهم إلى عيادة بئر خادم لأسعافعم، بينما أرسلت الحلويات بتاريخ 24. 9 .2000 إلى المخبر العلمي لباب الواد لتحليلها، ليتم اكتشاف احتوائها لمادة لاتروبين السامة، هاته الأخيرة و حسب تصريح النائب العام يتعرض مُستهلكها إلى نوبة قيء شديدة ثم يفقد مناعته و بعدها يكون مصيره الموت الحتمي. هؤلاء الضحايا حضر منهم ثلاثة حيث أكدوا في الجلسة تناولهم للحلوى جراء ثقتهم العمياء في شخص عثمان، وأضاف السائق بأنه لا يزال يعاني لحد الساعة من أعراض جانبية تتمثل في ألام بالمعدة و ارتفاع الضغط، و أنه بين فترة و أخرى تنتشر حبيبات في كامل جسده. لتأتي بعدها مرافعة النائب العام و التي كانت مؤثرة فعلا، حيث وصف الجريمة بالخطيرة جدا و التي استهدفت حراس هذا البلد في فترة حرجة و هم المقاومون، ليتساءل عن مصير عائلات الضحايا إن لم يتلقوا الإسعاف اللازم في حينه فهم جميعا أرباب أسر كبيرة العدد. ليضيف قائلا:" و لكن هيهات سأدافع عن الحق العام ما دمت واقفا فوق هذا المنبر." ليلتمس عقوبة السجن المؤبد للمتهم. أما المحامي ابراهيمي فأصر على انتماء موكله للجماعات الإرهابية حيث أدين سابقا ب10 سنوات سجنا نافذا من محكمة جنايات بومرداس في قضية الانخراط في جماعة إرهابية، و عليه ألح على استفادته من ميثاق المصالحة مادام المتهم أكد محاولته تسميم الدفاع الذاتي لسرقة أسلحتهم لمنحها للجماعات الإرهابية، فكيف ننفي صلة الإرهاب بقضيته؟ يتساءل المحامي. بعدها عرج على موضوع استفادة بعض الإرهابيين و الذين قاموا بجرائم ضد الإنسانية حسب قول المحامي من المصالحة في حين لا يستفيد موكله. ليطالب ببراءته من التهمة ليكون بمثابة تشجيع للإرهابيين للنزول من الجبال. نادية سليماني