المهرجان المحلي للإنشاد بقالمة: فرقة "أنوار الإيمان" لجيجل تتوج بالمرتبة الأولى    اختتام ليالي أولاد جلال للفيلم الثوري الجزائري    فلسطين : الاحتلال الصهيوني ارتكب جرائم حرب في مستشفيات غزة    افتتاح الطبعة ال14 للمهرجان الثقافي الوطني لأغنية الشعبي بالجزائر العاصمة    الوالي يعاين أشغال مشروع إزالة التلوّث من وادي الرغاية    مطاعم الرحمة.. موائد مبسوطة لعابري السبيل في رمضان    رقم الأعمال يرتفع ب15 بالمائة    ربيقة يشرف على إحياء ذكرى عيد النصر    5 معطيات تنسف مزاعم روتايو    دعاء الجماعة أَوْلَى بالقبول من دعاء الفرد    الجزائر وتونس تُنسّقان لتأمين الحدود    مخططات مغرضة تستهدف الجزائر    الجزائر تُحضّر لإطلاق الجيل الخامس للنقّال    وزير الاتصال ينظم مأدبة افطار لفائدة الأسرة الإعلامية الوطنية    الجزائر تستنكر صمت مجلس الأمن    الوادي : تشييع جثمان شهيد الواجب الوطني الطيار المقدم نصر بكوش بمقبرة سيدي يوسف    الخارجية تُصدر بيانًا حول رفض فرنسا تسليم بوشوارب    وزيرة البيئة تؤكد أن الدولة عازمة على تحقيق نقلة نوعية في تسيير قطاع البيئة    الرابطة الأولى: فوز شباب بلوزداد على اتحاد بسكرة (4-2)    المغرب: تحذير من مخاطر الاختراق الصهيوني الذي طال كافة المجالات في المملكة    حج 2025: برمجة فتح الرحلات عبر "البوابة الجزائرية للحج" وتطبيق "ركب الحجيج"    تشغيل: بن طالب يبرز جهود القطاع في عصرنة المرفق العمومي ضمانا لجودة الخدمات    نسبة جاهزية موزعات البريد الآلية بلغت 96 بالمائة عبر الوطن    سويسرا : يوم تضامني مع المعتقلين السياسيين الصحراويين و حملة توقيعات للمطالبة بالإفراج عنهم    السيد سايحي يبرز مجهودات الدولة في توفير الهياكل الصحية عبر مختلف ربوع الوطن    المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي في وفاة الصحفية بالإذاعة الوطنية فاطمة ولد خصال    اليوم الدولي للغابات: تنظيم حملات للتشجير والتحسيس حول الحفاظ على الثروة الغابية بغرب الوطن    سعداوي يشدد على ضرورة اتخاذ التدابير الكفيلة لتسيير الفصل الثالث في أحسن الظروف    حشيشي يؤكد على ضرورة الالتزام بآجال المشروع الجديد لضغط الغاز بغرد النص    وزير الداخلية و الجماعات المحلية و التهيئة العمرانية في زيارة عمل إلى ولاية قسنطينة    بطولة إفريقيا للمحليين 2025 : المنتخب الوطني يجري ثاني حصة تدريبية له    مونديال 2026: "الخضر" يكثفون تحضيراتهم قبل التوجه إلى فرانسيس تاون    روتايو.. شر بشري وغباء إداري    لهفة الصائمين تعترض مساعي الحد من تبذير الخبز    في باكستان.. حرصٌ على اللباس المحتشم    ورشة مفتوحة لتغيير وجه المدينة    يوسف بلايلي سلاح بيتكوفيتش في مباراة بوتسوانا    قطاع غزّة يدخل أولى مراحل المجاعة    خطوات جديدة لمرافقة وترقية الاستثمار    نجوم في بيت الفن والسمر    "بريد الجزائر" يطلق صفحة خاصة بتطبيق "بريدي موب"    المسموح والممنوع في الخدمات الرقمية نحو الخارج    اختبار صعب ل"الخضر" في طريق التأهل لمونديال 2026    7 متنافسين على المقعد الرياضي الأكثر نفوذا    مهرجان للإنشاد والمديح بسكيكدة    الخضر يبحثون عن الفوز للاقتراب من المونديال    حج 2025 : اجتماع تنسيقي لمتابعة عملية تسيير رحلات الحج    قال إن المنتخب الجزائري يملك توليفة رائعة من اللاعبين.. صهيب ناير سعيد باللعب مع الجزائر    متى يباح الإفطار للصائم    أجمل دعاء يقال في رمضان    الذكرى ال63 لعيد النصر: تنظيم ندوة فكرية حول تجليات عيد النصر في المخيال الأدبي والفني الجزائري    اتخاذ إجراءات ضد 53 مستورد للمورد    هل حافظت "طيموشة 3" على التألّق نفسه؟    بهجة رحال ونوري الكوفي نجما النوبة    الحويني في ذمة الله    جاهد لسانك بهذا الدعاء في رمضان    هذا موعد أول رحلة حج    12 مطارا و150 رحلة لنقل 41 ألف حاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حياة حزبية مغشوشة ... و فلكلور فارغ
نشر في الشروق اليومي يوم 07 - 11 - 2007


أ.د. فوزي أو صديق
[email protected]
إن العراك السياسي في أشد ذروته قد يفهم منطق ذلك الصراع بين أقطاب المعارضة : ولكن المنطق السياسي ومقتضيات الدولة قد تقتضي أن يكون عكس ذلك بين أطراف التحالف الرئاسي , فكلهم في الحكومة وكلهم في نفس الوقت في المعارضة . فهل المنطق السليم يقضي ذلك؟ !!
وعليه ذلك قد يدفعنا للتساؤل -للأسف الشديد - حول العديد من الملفات التي كان ينظر إليها الوزراء بموقع رجال سياسية . وليس بموقع رجال دولة ، و في القصة كلها ضع فيها أفراد الشعب .. وحتى تسليم رئاسة التحالف أحيانا تخضع للمنطق الطرفي المصلحي الحزبي الضيق. أكثر من خضوعها للرزنامة والتداول المدون بين شركاء التحالف الرئاسي، وبين الانسجام الحكومي، والتضامن بين أفراده... -للأسف الشديد- فاقد الشيء لا يعطيه، فيوميا تصريحات "بعض" الوزراء عبارة عن عملية "إحراق" للبيت الحكومي برفع اللوم وإبعاد مسؤولية الاخفاقات ورميه لقطاع آخر.
وفي الأخير نسي "معالي" الوزير أن المسؤولية الحكومية قد تكون "فردية" أو "تضامنية" فمنذ الاستقلال إلى يومنا أحصيت ما لا يقل عن اربع حالات أين الوزير قدم استقالته اعترافا بتقصيره وتحملا لمسئوليته كاملا... فإن لم توجد هذه الثقافة في هرم السلطة فلا ننتظر المستحيل ممن هم أدنى منهم. ويمكن إرجاع (تعشعش) تلك الانحرافات للعديد من الأسباب، كانعدام العمل المؤسساتي داخل الأحزاب السياسية والمكاتب التنفيذية، والمجالس الشورية أو المجالس الوطنية، فهي "معطلة" إلى إشعار أحد فانضماتها ..... مجرد "ديكور" للتباهي بالديمقراطية الحقة و الاستهلاك الخارجي، وأصبحت مكاتب " للتسجيل" فقط.
فالرئيس أو الأمين العام أو الشيخ هو كل شيء، وعليه منطق المحاسبة والتجرد وتخريج رجال دولة "مشلول" على مستوى التنظيمات السياسية: وقد يفهم ذلك من خلال ترشيح بعض الأفراد بمسميات حزبية أخرى غير أحزابهم الأصلية يحدده فعل لهذا " الشلل " المؤسساتي.
والسبب الثاني تخلي " الأحزاب" عن بعض وظائفها الأصلية من تنوير وتوجيه الرأي العام، وقوة اقتراح بترك تنظيمات المجتمع المدني ذات الطابع الثقافي والاجتماعي والاقتصادي تمارس العمل السياسي بالوكالة عن الأحزاب وتنفرد ببعض المساحات، فهذا التخلي الطوعي في العديد من الأحيان ليس مبرمجا أو في إطار لعبة تقاسم الأدوار بقدر ما هو انعكاس لضعف الإطار التنظيمي للأحزاب وعدم امتلاك الشجاعة السياسية والبقاء تحت رهن الإشارة أو حسب الطلب وقد لاحظنا ذلك خلال العديد من الملفات المصيرية التي طرحت في العشرية الأخيرة والتي كانت من الركائز الأساسية لبناء المجتمع وتوابعه. فهذه "الردة" الفلسفية والمرجعية وهلامية المواقف للأحزاب السياسية قد تخلق " تذبذبات " لا يحمد عقباها عن المدى البعيد كالخلط ما بين ما هو سياسي وثقافي واجتماعي ولذلك كان مالك بن نبي محقا لما فرق بين" البولتيك " و" السياسة" فالأولى عبارة عن عملية تخلاط ، وقيل وقال، وتجريح وتتبع عيوب الناس، أي بصفة مختصرة يمكن تشبيه هؤلاء بظاهرة الڤرجومة" أي من يرفع نبرات صوته فهو المحق. بينما السياسة فهو علم له أصوله، وقواعده وضوابط اللعبة فحياتنا الحزبية للأسف الشديد- تنعدم فيها هذه المرتكزات السياسية ولا ترتقى فيها " الثقافة الديمقراطية" وقد يؤثر هذه المشهد سلبا على تركيبات أفراد الشعب، باقتناعهم بعدم جدوى " أطروحات" الأحزاب ، فتصبح الانتهازية سيدة الموقف.. ونسبة الممتنعين في الاستحقاقات الانتخابية مؤشر أولى على فقدان الأحزاب لمناعتهم ودخولهم في هذه الحلقة المفرغة، فأصبحت منابر، وصوتا لصدى متكرر ومشروخ أي بدون برامج تجمل هويتها الحزبية.
والسبب الثالث، انعدام "الشفافية" في الحياة الحزبية سواء على مستوى الهياكل أو البرامج أو الأشخاص، فعلى مستوى الهياكل مثلا لا تجديد للطبقة السياسية، وإن حدث فيكون على مستويات دنيا، أو من خلال خلق مناصب هيكلية" للقدماء" المناضلين وذلك ليس بنية الخوف من" البطالة" أو عدم الاستفادة منهم بقدر ما تكون بنية الخوف من "التشويش والتخلاط" على بعض القيادة لاختلافهم في تقدير بعض المواقف فيصيبها مرض التهميش المقنن.
كما أننا ومن منطلق " الشفافية" لم نر يوما إعلانا في جرائدنا ولو رماداً للعيون فيها ميزانية للحزب خلال سنة ما، أو معتمد من طرف أعلى مؤسسة في هياكل الحزب.
أما على مستوى البرامج، فكلها قد تحمل شعارات أو تدعى انتماءها لعائلة سياسية ولكن على مستوى منتخبيها أو وزرائها يوجد "انفصام" أو " أمنيزيا" أي ازدواج للشخصية بين المقروء للبرامج والواقع الملموس، فالشفافية الفلسفية والمرجعية الفكرية والمنطلقات أو المرتكزات معدومة بحكم الوقع الذي طغى على الموقع، ومنعدمة بحكم " التيه" الذي دخلت فيه الحياة الحزبية حتى أصبحنا لا نفرق بين المقاطع والمشارك، فأصبح البعض يشارك في إطار المقاطعة وبعض الآخر يقاطع في إطار المشاركة، وعلى مستوى الأشخاص أصبح البعض ينخرط في الحياة الحزبية، ليس بحكم النضال اليومي وخدمة المجتمع، بقدر ما يحاول "التمهين " في بعض الوظائف الانتخابية، وهذه الشلالية كان لها القسط الوافر في خنق الحياة السياسية والحزبية، فحتى أحيانا تخنق بعض الأحزاب بحكم تخندقها المقيت على خطوط مصلحيه ووظائفية دون أدنى مراعاة لأفراد الشعب وتطلعاته وأساس وجودها.
فالتجربة الحزبية في بعض الدول الغربية بلغ مستواه مرحلة "الترف" وظل التماسك والتفاف مواطنيها حولها هو النتائج المستمر لانسياب العلاقات الديمقراطية بين الحكام والمحكومين. وعلى صعيد تجربتنا أصبحنا "طلبة رديئين" – حسب الجنرال جياب لما شبه الإمبرياليين - وذلك قياس مع الفاروق إما على مستوى القادة الحزبيين أو على مستوى الأنظمة التي تعتبر الانفتاح المتزايد للحياة السياسية والحزبية تدخلها في قضايا الحفاظ على الوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي والتنمية ... الخ مجرد مبررات نحو مزيد من أحكام القبضة والتضييق على المواطنين وسلب للحياة الحزبية.
فهذه جزء من ظاهرة "الإسبرج Iceberg" أي قطعة الجليد، فالمستور ادهي و أمر قد يكون وبعد هذا التشخيص ما هي الحلول لتجاوز هذه الرداءة وإذا علمنا أننا الوحيدين في العالم العربي، أين المسئول أو الزعيم الحزبي يأكل الملة ويسب الغلى " أي لما يكون في السلطة يكون متطرفا في أطروحاته للدفاع عن السلطة ولما يذهب عليه " دوران الكرسي " يصبح متطرفا في نقده للسلطة وينشأ حزبا إن لم يكن له منبر للتجريح والشتم ، ثم يكتشف بعض الحلول السحرية غابت عنه أثناء إمساكه بزمام الأمور.
كل ذلك يدل على افتقار الحياة الحزبية والسياسية للثقافة الديمقراطية والبناء المؤسساتي ، وقد ساعد على ذلك بعض القوانين التي شوهت الحياة الحزبية بقدر ما أحسنت لها ، مما نتج عنها ديمقراطية مغشوشة من حيث المنطلقات ومن حيث عدم إقرارها بالشفافية ، ومن حيث الآليات المتابعة والمحاسبة عن الانحرافات ممكن الحدوث لا قدر الله ... ولقد حدثت للأسف الشديد منذ إقرار التعددية إلى يومنا .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.