الرعية الاسباني المحرر نفارو كندا جواكيم يتوجه بالشكر الخاص لرئيس الجمهورية    وزير الاتصال مبعوثًا خاصًا لرئيس الجمهورية يُستقبَل من قبل الوزير الأول لمملكة ليسوتو    مشروع قصر المعارض الجديد: سيفي يقف على سير الأشغال    المعهد الوطني للتكوينات البيئية: تكوين أزيد من 6500 متربص سنة 2024    الأمم المتحدة تبدي قلقها حول العملية العسكرية التي تقوم بها قوات الاحتلال الصهيوني في جنين    حماس: غزة أمام مرحلة جديدة لإزالة آثار العدوان الصهيوني وإعادة الإعمار    فلسطين : ارتفاع حصيلة الشهداء في جنين إلى 10 شهيد    كرة القدم: الجزائريون يهيمنون على التشكيلة المثالية لدور المجموعات    المغرب : استشراء الفساد وغياب الإرادة السياسية لمكافحته يدفع المجتمع للتعايش معه واعتباره قدرا محتوما    بصفته مبعوثا خاصا لرئيس الجمهورية: سايحي يحل بعاصمة السيشل    التلفزيون الجزائري يكشف عن شبكته البرامجية لرمضان 2025    الرئيس تبون يثني على جهود مصالح الأمن والدفاع بعد تحرير الرهينة الإسباني    رمضان القادم سيعرف وفرة في مختلف المنتجات الفلاحية    عرقاب يشارك في الاجتماع الخاص بمشروع ممر الهيدروجين الجنوبي    انطلاق الطبعة 20 للمسابقة الدولية لجائزة الجزائر لحفظ القرآن وتجويده    المشاركون في جلسات السينما يطالبون بإنشاء نظام تمويل مستدام    تحرير الرعية الاسباني المختطف: رئيس الجمهورية يقدم تشكراته للمصالح الأمنية وإطارات وزارة الدفاع الوطني    61 ألفا ما بين شهيد ومفقود خلال 470 يوم    وزيرة الدولة الفلسطينية تشكر الجزائر نظير جهودها من أجل نصرة القضية    غوتيريش يشكر الجزائر    وحشية الصهاينة.. من غزّة إلى الضفّة    تحويل ريش الدجاج إلى أسمدة عضوية    استفزازات متبادلة وفينيسيوس يدخل على الخط    حاج موسى: أحلم باللعب في الدوري الإنجليزي الممتاز    لباح أو بصول لخلافة بن سنوسي    هذا موعد قرعة كأس إفريقيا    الجزائر ستكون مركزا إقليميا لإنتاج الهيدروجين الأخضر    استيراد 63 طنا من اللحوم الحمراء تحسّبا لرمضان    برنامج خاص لمحو آثار العشرية السوداء    9900 عملية إصلاح للتسرّبات بشبكة المياه    "فتح 476 منصب توظيف في قطاع البريد ودعم التحول الرقمي عبر مراكز المهارات"    لا ننوي وقف الدروس الخصوصية وسنخفّف الحجم الساعي    إصدار 20500 بطاقة تعريف بيومترية و60 ألف عقد زواج    القلوب تشتاق إلى مكة.. فكيف يكون الوصول إليها؟    44 سنة منذ تحرير الرهائن الأمريكيين في طهران    تاريخ العلوم مسارٌ من التفكير وطرح الأسئلة    السينما الجزائرية على أعتاب مرحلة جديدة    "كاماتشو".. ضعيف البنية كبير الهامة    "زيغومار".. "فوسطا".."كلاكو" حلويات من الزمن الجميل    حدائق عمومية "ممنوع" عن العائلة دخولُها    نص القانون المتعلق بحماية ذوي الاحتياجات الخاصة يعزز آليات التكفل بهذه الفئة    من 18 إلى 20 فيفري المقبل.. المسابقة الوطنية سيفاكس للقوال والحكواتي    دراجات/ طواف موريتانيا: المنتخب الجزائري يشارك في طبعة 2025    وفد برلماني يتفقد معالم ثقافية وسياحية بتيميمون        الغاز: بعد استهلاك عالمي قياسي في 2024, الطلب سيستمر في الارتفاع عام 2025    كأس الجزائر لكرة القدم سيدات : برنامج مباريات الدور ثمن النهائي    شرفة يترأس لقاءا تنسيقيا مع أعضاء الفدرالية الوطنية لمربي الدواجن    شايب يلتقي المحافظة السامية للرقمنة    دومينيك دي فيلبان ينتقد بشدة الحكومة الفرنسية    الجوية الجزائرية: على المسافرين نحو السعودية تقديم شهادة تلقي لقاح الحمى الشوكية رباعي التكافؤ بدءا من ال10 فيفري    الجوية الجزائرية: المسافرون نحو السعودية ملزمون بتقديم شهادة تلقي لقاح الحمى الشوكية رباعي التكافؤ بداية من 10 فبراير    وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ    بلمهدي: هذا موعد أولى رحلات الحج    رقمنة 90 % من ملفات المرضى    كيف تستعد لرمضان من رجب؟    نحو طبع كتاب الأربعين النووية بلغة البرايل    انطلاق قراءة كتاب صحيح البخاري وموطأ الإمام مالك عبر مساجد الوطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أزمة ثقة.. ؟!
نشر في الشروق اليومي يوم 05 - 12 - 2007


أ‮.‬د‮. فوزي‮ أو‮ صديق
oussedik@homail.‬com
المتتبع للحصيلة الأولية لنتائج الانتخابات: قد يستنتج أن البلاد بسلطاتها وأحزابها تعيش أزمة ثقة حادة بين مختلف أطراف العملية السياسية ونسبة (8٪) الفارق بين الانتخابات الشريعية (17 ماى 2006) 36٪ والانتخابات البلدية (29 نوفمبر 2007 ) 44٪ ليس مؤشر على عودة الثقة والدفء،
كما أن الأوراق البيضاء قاربت المليون في كلا الاستحقاقين، فأزمة الثقة هذه يمكن تشريحها على ثلاثة مستويات: بين الشعب والسلطة من جهة. وبين الاحزاب السياسية وأفراد الشعب من جهة ثانية. وأخيراً بين الأحزاب وقواعدها النضالية؛ أما بالنسبة لأزمة الشعب والسلطة، فهى إشكالية النظام السياسى الجزائرى، ففى العديد من مراحل قيامه لم يكن معبّرا أو وفيّا لتطلاعات الأفراد، فالفقر والتهميش والأمية واللامبالاة والإقصاء كلها كانت نتاج لسياسات خاطئة وغير مدروسة مما ولد تعابير »نافية« لبناء الثقة بين الطرفين، وانتشار بعض الظواهر التي كانت غريبة عن مجتمعنا كالحراقة والحشيش وثقافة »الشكارة« كنتاج للخلل البنيوي في عملية التأسيس للدولة، ضف إلى ذلك العديد من المظاهر »الفلكوية والديماغوجية« التي كان لها الموقع السلبي على النمط السلوكي للجزائري وثقافته الديمقراطية، فالأظرفة المرسلة‮ من‮ الداخلية‮ لم‮ تحل‮ الإشكالية‮ بل‮ كانت‮ وسيلة‮ للالتفاف‮ حول‮ القضايا‮ الحقيقية؛‮ فالتساؤل‮ كان‮ مشروعاً‮ ولكن‮ الوسائل‮ المستعملة‮ كانت‮ خاطئة‮.‬
أما الأزمة بين الشعب والأحزاب، فقد أدرك أفراد الشعب أننا لدينا أحزاب ذات شعارات رنانة كلامية وكارتونية وليست أحزاب ذات برامج ميدانية، فلم تتقرب إلى هموم الأفراد؛ أو تحاول رفع انشغالاته مما يساعد على حلها، فأحزابنا عبارة عن ديكور فقط في الحياة الحزبية والسياسية، فإدراك هذه المعادلة أدى به »للمقاومة السلمية« من خلال إشهار أحد الحقوق الممنوحة بموجب المواطنة وهو »الامتناع« عن التصويت وقد وصل عشرة ملايين من أصل ثمانية عشر مليونا حجم الوعاء الانتخابي.
أما المستوى الثالث من الأزمة وهو »الطلاق« القائم بين القيادة والقاعدة للعديد من الأحزاب فترجعها وانهيار العديد من الأحزاب أو ذوبانها بعد كل استحقاق هو الأصح مؤشر على هذه الأزمة، بحكم أننا أصبحنا نتعامل مع »مناضلين موظفين« أكثر من »مناضلين مؤمنين« بالمبادئ والقيم؛ إلى جانب الانشقاقات والتصحيحيات والمنابر والأجنحة داخل نفس الحزب، كل ذلك يعتبر تعبيراً صادقاً عن »أزمة الثقة بين المناضلين«. أمام هذا الصورة السودوية؛ أتوقع أن الأزمة ستزداد بحكم أن العديد من البلديات ستكون متصدرة الصحف مستقبلاً ، على وقائع سحب الثقة أو الصراعات الحزبية الضيقة لعدم امتلاك كل من الأحزاب المشاركة الأغلبية في المجالس، مما سيؤدي حتماً إلى جعل انشغالات المواطنين في الدرجة الثانية. فالبعض، ومن حقه قد يتهمنا أن عبارة »أزمة ثقة« مصطلح قوي ولا يمكن إسقاطه على الانتخابات البلدية؛ أو الاستحقاقات السابقة للعديد من الاعتبارات أهمها التحسن الحاصل في الرسم البياني للمشاركين مقارنة مع الانتخابات التشريعية، فأقول إن ذلك »قياسا مع فارق« بدون تردد بحكم أن الانتخابات البلدية لها طعمها وطبيعتها الخاصة والثابت في كلا الاستحقاقين هو عدم القدرة، سواء من‮ طرف‮ السلطة‮ أو‮ الأحزاب‮ إغراء‮ وإضعاف‮ »‬حزب‮ الممتنعيين‮« أو‮ »‬حزب‮ الغاصبين‮«.‬
كما أن هذه الأرقام وتراجع »وعاء المنتخبين للتحالف الرئاسي« على حساب أحزاب أخرى مؤشر آخر على »أزمة الثقة« هذه؛ وعلى ضرورة إعادة البوصلة إلى مسارها الصحيح بما يخدم تطلعات الشعب، وإلا الإفلاس والعجز قادمان لا محل له.
أمام هذه »الأزمة« متعددة الجوانب والأوجه يجب إيجاد حلول لها لرأب الصدع، فالدواء رغم أنه مرّ وشاق أثناء تناوله، إلا أن مضاعفاته العلاجية ستكون إيجابية. أولاً يجب إزالة »البرودة« السياسية التي لم تتأثر نتيجة »برودة« الجو بقدر ما كان نتيجة برودة البرامج والمواقف، فالطقس غير الصحي داخل الأحزاب، كما أن البرودة المقصود منها أيضاً، فقدان روح المبادرة والاقتراح والتميز لأحزابنا مما جعلها في نظرة الشعب هياكل بدون روح؛ وكردة فعل لعدم الإيفاء بأي وعود التي تم قطعها سواء من طرف السلطة أو الأحزاب تجاه أفراد الشعب تم »الامتناع« عن المشاركة السياسية، كدليل لعدم الرضا، أي أفراد الشعب لم يقبضوا »سوى الريح« من تلك الوعود المعسلة والمغرية. فأزمة الثقة هي العنوان البارز لهذه الانتخابات، ولإزالة »البرودة« القائمة نتيجة ذلك يجب تقوية الجسم الهزيل من خلال »جرعات« بناء الثقة؛ وأولها هو الصدق مع النهج القائم عليه ذلك الحزب، فالسطلة وبريقها ليست هي النهاية بقدر ما تكون وسيلة؛ فاحتضانك للشعب مؤشر على إزالة البرودة ورجوع الحرارة إلى طبيعتها؛ ومما زاد من حدة »فقدان الثقة« هي القوانين المنظمة لمختلف المراحل الانتخابية؛ والتي طبقت بطريقة منحازة، وغير متماسكة في حالة تساوي الأعضاء في المجالس البلدية المنتخبة؛ مثلاً تعطى رئاسة المجلس قانوناً للعضو الأكبر سناً، فأين شعارات التشبيب، وحكايات تسليم المشعل، وخرافات حان الوقت للشباب أن يتسلم مقاليد الدولة؟! فهو سراب فقط... لاغير. فالتفكير »الأبوي‮« الممزوج‮ بالعواطف‮ والشحنات‮ الأيديولوجية،‮ من‮ العوامل‮ المؤثرة‮ سلباً‮ على‮ عنصر‮ »‬الثقة‮«‬؛‮ والأخطر‮ أن‮ يتم‮ إدراجها‮ في‮ منظومتنا‮ التشريعية‮ بمسميات‮ لا‮ تخدم‮ المصلحة‮ الوطنية‮.‬
لذلك‮ قلناها‮ تكراراً‮ ومراراً‮ إن‮ »‬الثقة‮« ليست‮ عصا‮ سحرية‮ أو‮ مجرد‮ شعارات؛‮ أو‮ خطب‮ رنانة‮ بقدر‮ ما‮ هي‮ عمل‮ ملموس‮ ومتأني‮ وشاق‮...‬
فحتى زعماءنا السياسيون والحزبيون كانوا تلاميذ غير مقتدرين فلم يتنحوا طوعاً أو يقدموا استقالاتهم لإخفاقاتهم المتكررة باستثناء حزب أو حزبين... مما وسعوا المسافة بين الشعب وأحزابهم وعنصر »الثقة«، فالمشهد السياسي لم يتغير لا من حيث المضمون، ولا من حيث الشكل، ولا‮ من‮ حيث‮ التداول‮ على‮ القيادة‮.‬
فالحكم‮ قاسٍ‮ ولكن‮ هذه‮ هي‮ الحقيقة‮ المرة‮ العاكسة‮ على‮ المرآة‮... والمسببة‮ لزعزعة‮ »‬الثقة‮«... لذلك‮ يجب‮ تدارك‮ هذه‮ المعضلة‮ ببناء‮ جسور‮ الثقة‮ بين‮ الشعب‮ والسلطة‮ والأحزاب‮ قبل‮ اليأس‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.