استمرّت المعاركة الطاحنة بين عناصر الأمن والجيش العراقية ومسلّحي العشائر وتنظيم القاعدة في العراق ما فاقم الأزمة المتصاعدة في البلاد. فقد أكّدت العديد من المصادر أنّ مسلّحي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام قد سيطرت على مدينة الفلوجة بالكامل في ظل فرار جماعي لعناصر الأمن التي أعلن ومن منصّبة الفلوجّة أنّه لن يسمح لها بالدّخول إلا إذا أعلنت إذعانها للتّمرد على حكومة المالكي. وفي نفس السياق، استمرّت المعارك الطاحنة في الرمادي مخلّفة العديد من القتلى والجرحى في صفوف الطرفين ليتوعّد محافظ الأنبار المتمرّدين بحرب حقيقية ستشنّ قريبا ضدّ ما سماه "داعش" في إشارة إلى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام الموالية لتنظيم القاعدة والتي دخلت في حرب أخرى مع "صحوات" العراق والتي أنشئت على أعقاب الغزو الأمريكي للبلاد سنة 2003 للقضاء على المقاومة الإسلامية العنيفة التي ووجهت بها القوات الغازية والعميلة الحليفة لها. مسلحو العشائر سيطروا بالكامل على كافة الثكنات في محيط الفلوجة، وقاموا بتأمين الطريق الدولي بين بغداد والرمادي. فيما يسود الهدوء المدينة منذ منتصف ليلة الجمعة بعدما تعرضت أحياء الشهداء والعسكري والصناعي للقصف من قبل القوات الحكومية. وكان عدد من شيوخ العشائر بالفلوجة أعلنوا الخميس الماضي تشكيل "قيادة المجلس العسكري للثوار"، على أن تضم مسلحين من أبناء العشائر للحفاظ على أمن مدينتهم والدفاع عنها. وفي المقابل، دخل مسلحو الصحوات المشكلة من بعض شيوخ العشائر الموالين للحكومة في مواجهة مع مسلحي القاعدة. وطالب متحدث باسم "المجلس العسكري للثوار" في الأنبار عناصر الصحوات "بالعودة إلى عشائرهم والانضمام إلى الثوار". وتحدثت مصادر رسمية عن مقتل ما لا يقل عن 71 من عناصر "تنظيم الدولة الإسلامية" و32 مدنيا خلال الاشتباكات التي جرت أمس في الرمادي والفلوجة. وقالت تقارير إعلامية إن الاشتباكات تجددت صباح اليوم في الرمادي بين الجيش ومسلحين من "تنظيم الدولة". وفي الوقت نفسه، تحدث ناشطون على الإنترنت عن قصف موقع للجيش بالرمادي بمدافع الهاون، وعن تدمير آليات له في هجمات استهدفت تعزيزات متوجهة إلى المدينة. ونقلت "وكالة الأنباء العراقية المستقلة" أن اشتباكات عنيفة اندلعت، صباح اليوم، بين الجيش ومن سمتهم "إرهابيين" في "شارع 60" وسط مدينة الرمادي. وفي اليومين الماضيين، تواترت أنباء عن استسلام أعداد من أفراد الجيش والشرطة لمسلحي العشائر. وليس هناك رأي موحد فيما يخص تأمين محافظة الأنبار، ففي حين يؤيد بعض شيوخ العشائر الداعمين للصحوات نشر الجيش والشرطة، يرفض آخرون ذلك ويصرون على أن تتولى قوات من أبناء المحافظة تأمينها. هذا وبقيت الفلوجة في أذهان العرب والمسلمين ملحمة صمود وإباء جرّعت المستعمر الأمريكي العلقم أثناء احتلاله للعراق سنة 2003 بمقاومتها الشرسة أين استعملت ضدّها مختلفة الأسلحة الفتّاكة والمحرّمة من أجل الحفاظ على مشروع الاحتلال من الانهيار.