بعد 26 سنة انقضت، قرَّرت السيدة "رشيدة بوخاري" وهو الاسم الذي أطلقته عليها مربيتها، أن تفصح عن معاناتها الأليمة التي عايشتها طيلة هذه المدة وهي تسير في نفق مظلم تتطلع للوصول إلى بقعة الضوء في آخره، متشبِّثة ببصيص من الأمل، يمنحها الكثير من الإرادة والثقة بأنها ستصل إلى عائلتها التي فقدتها منذ أن كانت تبلغ من العمر عامين. روت لنا رشيدة قصتها مع الزمن بحرقة كبيرة وهي تتحدث عن تفاصيل لم تعرف من أين تبدأها ومتى تتوقف، بما أنها كانت تريد الوصول إلى حقيقتها بأي ثمن، ووجدت أن الحديث عمّا تعانيه وما تتجرعه من مرارة فراق الوالدين وحرمانها من الدفء العائلي سينفس عنها قليلا ويساعدها على تخطي بعض الهموم. وتقول رشيدة إنها كانت في سن الثانية عندما وجدها أحد الموظفين في خدمات فقر الدم بالمستشفى الجامعي مصطفى باشا، فأخذها إلى مركز الشرطة، ليتم بعدها إيداعها في مركز الخدمات الاجتماعية للطفولة المسعفة بالأبيار، وبعد مكوثها مدة قصيرة في المركز قدمت إحدى السيدات وأخذتها لتبنيها لتجد نفسها رفقة ثلاثة أطفال تبنتهم نفس السيدة. توقفت "رشيدة" برهة وتنهدت قبل أن تواصل سرد حكايتها الحزينة، فقالت إنها واصلت حياتها في منزل السيدة التي ربتها والتي كانت لها نعم الأم، إلا أن الحنين لأمها البيولوجية كان يراودها كل يوم، ورغم أنها كانت سريعة التأقلم مع عائلتها الجديدة، إلا أن شوقها إلى عائلتها الحقيقية كان يكبر يوما بعد يوم. وشاء القدر أن تعيش تجربة الحرمان من العائلة مرة أخرى حين تزوجت ولم يعمِّر زواجُها طويلا لتجد نفسها مطلقة، وبعد وفاة المرأة التي ربتها، اضطرت إلى العيش رفقة البنات اللواتي ربتهن تلك السيدة، وهو ما استدعى خروجها للبحث عن عمل في سبيل تحصيل أجر البيت الذي يسكنّ فيه، فاشتغلت عاملة تنظيف في إحدى المؤسسات. رشيدة اليوم لا تبحث عن المال أو الجاه، بل ترجو التعرف على والديها وعائلتها الحقيقية لتكمل بقية حياتها في كنفها، وهي التي لا زالت تعاني الويلات في مجتمع لا يرحم المطلقة فما بالك إن كانت مجهولة النسب، لذا تناشد كل من لديه معلومات عن عائلتها الاتصال على رقمها الشخصي .0555.83.30.67