كثيرة هي الأمراض المنتقلة عن طريق الجنس ومنها الزُّهري، هذا المرض الذي لا زال يسبب مضاعفات وخيمة على صحة الانسان إضافة الى العقم، وتبقى الوقاية والتمسك بأخلاقيات ديننا الحنيف هي الوسيلة الوحيدة لتجنب مثل هذه الأمراض الفتاكة. الزُهري Syphilis معروف منذ قديم الزمان، وكان انتشاره مُخيفاً حتى مُنتصف القرن الماضي، وعلى الرغم من اكتشاف العلماء لعلاج دوائي له إلا أن نسبة الإصابات بالزهري مُرتفعه جداً. وحسب إحصاءات مُنظمة الصحة العالمية، تُسجل سنوياً ما يُقارب 50 مليون إصابة، وفي الولايات المُتحده الأمريكية تُسجل حوالي 100 ألف حالة سنوياً. الزُهري له انعكاسات اجتماعية، اقتصادية ونفسية صعبة، ويعود انتشار المرض إلى العلاقات الجنسيه المشبوهة وغير الشرعية، حيث يقول الله في كتابه العزيز: "ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا" صدق الله العظيم. الزُهري مرض معدي وخطير الزُهري مرض مُعدي وخطير جداً يؤدي إلى موت المريض إذا لم يُعالج، وتُسببه اللولبية الشاحبة وهي بكتيريا من فصيلة الملتويات، وهذه الجرثومة رغم تمكّنها من جسم الإنسان غير أنها لا يُمكن أن تعيش خارج جسم الإنسان فهي لا تتحمل الجفاف والحرارة العالية وتموت فوراً عند تعرضها للمُطهرات العادية ولكنها تستطيع أن تنتقل من الجسم المُصاب إلى جسم سليم وتُسبب له العدوى. طرق العدوى بالزُهري: 1- الطريقة الأولى والأكثر انتشاراً هي الاتصال الجنسي بجميع أنواعه وأشكاله. 2- الطريقه الثانيه الاتصال غير الجنسي: * عن طريق الخدوش في الجلد والأغشيه المُخاطيه مثل العين، * انتقال المرض عن طريق المشيمة من الأم المُصابة إلى الجنين. * انتقال المرض عن طريق نقل الدم أو مُشتقاته. أعراض ومراحل الزُهري: تظهر الأعراض الإكلينيكية على المريض المُصاب وهي تُساعد على تشخيص المرض، غير أنها لا تكون كافية للتشخيص ويجب أخد عينة من دم المريض للكشف عن الميكروب المُسبب لهذا المرض، وبذلك يكون الفحص المخبري أساسياً للكشف عن مرض الزُهري. يمر الزُهري تدريجياً بعدة مراحل وعلى أشهر أو سنوات عدة إذا لم يُعالج. وقد لا تظهر أعراض بعض مراحل الزُهري وخاصة المرحلة الأولى والمعروفة بالشنكر أو التقرح الصلب وذلك لتناول المريض للمُضادات الحيوية. يُمكن تقسيم مراحل مرض الزُهري إلى: أ- الزُهري المُبكر والذي يشمل: 1- الزُهري الأولي: ويُسمى أيضاً بالتقرح الصلب أوالشنكر، يتم انتقال اللولبية الشاحبة من الشخص المُصاب إلى آخر سليم عبر الاتصال الجنسي خلال الخدوش أو الطرق السابق ذكرها، وفتره الحضانة عادة تتراوح ما بين 14 - 28 يوماً، ولكن يُمكن أن تتراوح من 9 - 90 يوما والمُتوسط هو 3 أسابيع، ومن ثم تظهر الأعراض الإكلينيكية مُتمثلة في الشنكر، وهو تقرح غير مؤلم يظهر عادة على التلم الإكليلي للقضيب عند الرجل أو كيس الصفن أو الشفران الكبيران أو الصغيران أو عنق الرحم آخر المهبل عند المرأة، وقد يظهر التقرح الصلب في أماكن أخرى كفتحة الشرج أو الشفاه أو البلعوم واللوزتين، ويُرافق الشنكر تضخم الغدد اللمفاوية في منطقة الأرب، وتنتهي هذه المرحله عادة بعد مرور 2 - 6 أسابيع حتى دون تناول العلاج وعادة يترك التقرح الصلب ندبة ضمورية رفيعة. 2- الزُهري الثانوي: تبدأ أعراض هذه المرحلة من المرض بعد مرور 6 - 8 أسابيع من ظهور الشنكر، حيث تنتشر الجرثومة في جسم المُصاب، ومدة هذه المرحله من المرض قد تطول من شهرين إلى سنة أو سنتين. يُصاب المريض بأعراض عامة مثل الحُمى الخفيفة وتعب عام وصُداع، وفي 75٪ من الحالات يظهر طفح جلدي عام على شكل بقع وحبوب حمراء اللون أو وردية وتظهر أكثر في راحة اليدين وأخمص القدمين، وقد تظهر على الظهر والصدر مع الحكة البسيطة، وبدون علاج يُمكن أن يدوم الطفح الجلدي لمدة 12 أسبوعا. وقد يصعب تشخيص هذه المرحلة لدى بعض الأطباء غير المُتخصصين فيتم الخلط بينها وبين بعض الأمراض كالفطريات، مما يؤدي إلى الوقوع في خطأ جسيم ويكون الحاسم في هذا الأمر هو التحاليل المخبرية، ويُعد المريض في هذه المرحلة شديد العدوى وهو خطر كبير على المجتمع ويجب مُعالجته على الفور. 50٪ من المرضى يُصابون بانتفاخ عام غير مؤلم للعُقد الليمفية. الأورام اللُقمية المُسطحة تظهر في المناطق الدافئة الرطبة مثل فرج المرأة أو المنطقة حول الشرج. ويُمكن أن تظهر آفات مُخاطية على شكل بقع (لطخات) تُصيب الجهاز التناسلي والفم والبلعوم والحُنجرة، ويُمكن أن تلتحم مع بعضها البعض في الفم مُعطية الشكل المُميز والمعروف باسم تقرحات مسار الحلزون. ملامح أخرى للمرحلة مثل التهاب السحايا، شلل الأعصاب القحفية، التهاب عنبية العين، التهاب الكبد، التهاب المعدة، التهاب كُبيبات الكلى يُمكن أن تظهر على المريض. ملامح هذه المرحلة تبرأ بدون علاج ولكن يُمكن أن تنتكس خلال السنة الأولى للمرض، بعدها يدخل المرض طور الكمون (الخفاء- الزُهري الكامن). 3- الزُهري الكامن: تتميز هذه المرحلة بعدم وجود أي دليل سريري (إكلينيكي) للمرض (لا توجد أية أعراض ظاهرة للمرض على المريض)، ويكون فيها تحليل مصل (دم) المُصاب للزُهري موجب، كذلك وجود التغيرات غير الطبيعية للزُهري العصبي التي تطرأ على السائل الدماغي النُخاعي. وتنقسم هذه المرحلة من الزُهري إلى: *الكمون المُبكر، خلال سنتين من الإصابة بالعدوى ويكون فيها المريض مُعدي جنسياً. *الكمون المُتأخر، يكون فيها المريض غير مُعدي جنسياً. ويُمكن أن تنتقل العدوى من المرأة الحامل إلى الجنين ونادراً عن طريق نقل الدم لسنوات عدة بعد الإصابة بالعدوى. ب- الزُهري المُتأخر والذي يشمل: 1- الزُهري الكامن المتأخر: هذه المرحلة يُمكن أن تدوم لسنوات طويلة أو مدى الحياة، وبدون علاج فإن 60٪ من المرضى سوف يُعانون من اعتلال طفيف بالصحة أولا شيء، والمُضادات الحيوية التي تُصرف لأمراض أخرى مثل إلتهابات الصدر والجلد يُمكن أن تُعالج بالصدفة الزُهري الكامن. 2- الزُهري الثالثي الحميد، هذه المرحلة يُمكن أن تظهر خلال 3 - 10 سنوات بعد الإصابة بالعدوى، ويُمكن أن تُصيب الأغشية المُخاطية، العظام، العضلات والأحشاء. وتتميز هذه المرحلة بظهور آفات حُبيبية، التي يُمكن أن تكون فريدة أو عديدة وتُسبب ندبا واختلالا بعمل العضو المُصاب بها ويُمكن أن تظهر في الجلد أو الأغشية المُخاطية مثل الفم، البلعوم، الحُنجرة أو الحاجز الأنفي، وإصابة اللسان لها أهمية لأنها يُمكن أن تتسبب بتغيرات سرطانية. الصمغة يُمكن أن تُصيب الجمجمة، عظمة الساق، الترقوة، عظمة القص، المخ، الحبل الشوكي، الكبد، الخصيتين ونادراً أعضاء أخرى من الجسم. الاختلال الذي يُصيب الأعضاء يجب أن يزول مع العلاج ولكن بعض الضرر للأنسجة يكون دائما. 3- الزُهري القلبي الوعائي: يُمكن أن يظهر بعد سنوات طويلة من الإصابة بالعدوى ويُسبب التهاب الشريان الأبهر مُسبباً قصور الأبهر، الذبحة الصدرية، وأم الدم الأبهرية. العلاج الدوائي لن يُصحح هذه الاعتلالات التركيبية (التشريحية) ويجب علاجها جراحياً. مُضاعفات هذه الاعتلالات يُمكن أن تُسبب الموت للمريض مثل السكتة القلبية. 4- الزُهري العصبي: يُمكن أن يظهر بعد سنوات طويلة من الإصابة بالعدوى، ويُمكن أن يكون: * غير مصحوب بأعراض مع وجود التغيرات غير الطبيعية في السائل الدماغي النُخاعي. * مصحوب بأعراض ويشمل الزُهري السحائي الوعائي تابس ظهري وشلل المجنون العام، من أعراضه أن يفقد المريض حاسة اللمس ويصيبه الألم في الرأس والدوار ولا يستطيع النوم، مما يؤدي به إلى الجنون والهلوسة ويؤدي الأمر إلى الموت. أحياناً الزُهري العصبي يُمكن أن يتزامن مع الزُهري القلبي الوعائي ويطلق على هذه الحالة الزُهري الرُباعي. 5- الزُهري الخِلقي: يُصاب الجنين بالزُهري في الرحم عن طريق المشيمة وهذا في حال إصابه الأم قبل الحمل أو أثناء الحمل. وينتقل الزُهري إلى الجنين عبر الحبل السُري من دم الأم الى دم الجنين. وهذا قد يؤدي إلى عدم استمرار الحمل وموت الجنين في رحم الأم، وعادة لا يستمر هذا الحمل أكثر من سبعة أشهر. وفي بعض الحالات ربما يولد الأطفال أحياء ولكن تكون معالم الزُهري ظاهرة عليهم وتظهر هذه العوارض كتشققات بزوايا الفم أو إفرازات من الأنف، ومنهم من قد يموت بعد فترة وجيزة من الولادة ومنهم من يتعافى إثر العلاج المُكثف أو أن بعضهم يظل ضعيفاً جسمانياً ونفسياً ويصابون بالعاهات الدائمه مثل الطرش وتشوه الأنف وتورم الكبد أو الصرع والجنون. العلاج ومدته: * إذا كان المُصاب امرأة يجب عمل فحص الحمل للتأكد من وجوده من عدمه قبل بدء العلاج. يظل البنسلين الدواء الأفضل في علاج الزُهري في جميع مراحله، فالبنسلين له أعراض جانبيه قليلة وهو رخيص الثمن وسهل الاستعمال. في بعض الحالات قد يُعطى البنسلين الطويل الأمد ويُشفى المريض، وفي بعض الحالات قد يستمر العلاج إلى 4 - 6 أسابيع وفي بعض الحالات قد يُعاني المريض من الحساسية المُفرطة من البنسلين فيضطر الطبيب المُعالج لاستعمال أنواع أخرى من المُضادات الحيوية (كالتترا سيكلين أو الدوكسي سايكلين) لفتره تتراوح من أسبوعين إلى شهر كامل أوأن يُعطي الطبيب المُعالج (الأزيثروميسين) أيضاً من أسبوعين إلى شهر كامل. يُعطى البنسلين للمرأة الحامل المُصابة، والإريثرومايسين عند وجود حساسية للبنسلين. الوقاية لتجنب الأمراض المنتقلة عن طريق الجنس لابد من كسر الطابوهات لتحسيس الشباب بالتمسك بأخلاقيات ديننا الحنيف.