قام ساتيا ناديلا الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت بالإعلان عن عدد من الخطوات التي سيتخذها والتي اتسمت بالقسوة وتسببت في لغط إعلامي، لكن أي من تلك الخطوات كان يسهل توقعها منذ شهور. وأبرز ما جاء في هذه الخطوات، هو تسريح حوالي 18.000 موظف من الشركة خلال الأعوام القليلة القادمة، وقد تمت المبالغة في وقع هذا القرار، خاصةً إذا قورن بأرقام الاستغناء عن الموظفين في هذا القطاع، إذ أن الرقم يبدو ضئيلا مقارنة بخطط HP بتسريح 50.000 موظف خلال 3 سنوات أو إعادة هيكلة IBM التي سرحت ما يفوق 120.000 موظف آنذاك. وعند التدقيق يجد المراقب أن الجزء الأساسي من الوظائف التي ستلغى 13.000 وظيفة هذا العام، وكان معروف حدوثها سلفا، فبإتمام صفقة شراء نوكيا منذ عدة أشهر، كان من الواضح للعيان أن مايكروسوفت ستلغي الوظائف المتكررة بين الشركتين لرفع الكفاءة، وبالفعل أعلنت الشركة أن 12.500 من تلك الوظائف المفقودة ستكون في صفوف موظفي نوكيا، أو بمعنى أصح العاملين في قطاع الأجهزة النقالة داخل مايكروسوفت. أما باقي الوظائف التي ستلغى، تفوق 5000 وظيفة وهي تشبه التعديل الهيكلي الذي أدخلته الشركة في عام 2009 لمواجهة الأزمة الاقتصادية. وتشير إعلانات الشركة أن تلك الوظائف ستلغى لاحقا، ويبدو أن ساتيا ناديلا أعطى لنفسه هامش تصرف بتلك الخطوة، وهذا يعني مساحة حركة إضافية لنقل الشركة من إطارها التقليدي إلى محاور النمو المستقبلية: الخدمات السحابية، تعظيم حصة سوقها في الهواتف النقالة، واستخراج عوائد حقيقية من إنتاج التطبيقات مثل office365. عامل المفاجأة الثاني الذي فجره ناديلا في رسالته هو إلغاء مشروع نوكيا X لإنتاج هواتف ذكية اقتصادية تعمل بنظام تشغيل أندرويد، وأرجع عدد من المراقبون ذلك إلى جودة الأجهزة نفسها أو شعبيتها. لكن في الواقع يبدو أن مشروع نوكيا X بالكامل كان حيلة لتبرئة ذمة ستيفن ايلوب، الذي تم وضعه على رأس نوكيا ثم الآن على رأس وحدة الأجهزة النقالة في مايكروسوفت. وكان على ايلوب إظهار أنه ليس "رجل مايكروسوفت في نوكيا" لحملة الأسهم والموظفين. وكانت الصحافة الفنلندية تتهمه بأنه مبعوث لتصفية ما تبقى من الشركة الرائدة لتسهيل استحواذ مايكروسوفت عليها، لذا حرص ايلوب على تأكيد ولاءه للشركة التي كان يرأسها وحرصه على مصالح مستثمريه، وكان إطلاق نوكيا X رده على من يؤكدون أن مشكلة نوكيا تكمن في ارتباطها بنظام تشغيل مايكروسوفت الذي يفتقر إلى الشعبية. ويكون هكذا قد براء ذمته حيث أن الهاتف الذي يعمل بنظام التشغيل المنافس لم يكتسح الأسواق، هذا وقد أثبتت مايكروسوفت وجهة نظرها لم يعد للمشروع X داعي. في الواقع، لم تكن رسالة ناديلا الأخيرة تشير إلى صعوبات مايكروسوفت كما تلقاها البعض، وإنما الانتهاء من عملية تصفية نوكيا وامتصاصها بالكامل.