شعرت فعلا أني قد بدأت أتغير منذ حادثة الأمس. بدا لي ساعتها أني قد صرت آخذ منعرجا فكريا وذهنيا ومنهجا جديدا في التعامل مع نفسي، مع عائلتي ومع الناس قليلا. لم أتبدل كلية ولكني، شعرت كأني على طريق آخر غير الطريق والسلوك الذي كنت أسلكه في السابق. فقد كانت زوجتي عادة ما تقول لي: بدل سلوكك، فأرد عليها ساخرا: علاه حسبتني نخدم مع أصحاب التلفون.. نبدل سلوكي؟..السلوكة نتاعي ما يتبدلوش..! لكن اليوم فعلا شعرت أن سلوكي قد بدأت تتغير. الأمس خرجت قبل المغرب بساعة لأشتري لهم الخبز والحليب وبعض التوابل والملح. لم أسهر في المقهى، لأول مرة صليت التراويح! تعرفون كم هذه من سنة لم أصل فيها التراويح؟ نسيت حتى عدد الركعات فيها. أكثر من مرة وأنا أخطأ في الحساب! عندما يقفون هم، أبقى أنا قاعدا، وعندما أقعد، يقفون هم. النسيان أيضا زاد في الطين بلة وعدم التركيز ضاعف من متاعبي في صلاة الجماعة.. لكن في الصلاة الفردية كانت أكثر! كنت لا أعرف ماذا أفعل! ربما يرن الهاتف في جيبي وأنا أصلي، آخذه وأقول للمتصل: راني نصلي من بعد نهدر معك، ثم أواصل...الله أكبر! لم أكن أعرف أن الكلام في الهاتف في وسط الصلاة يبطل الصلاة! عرفت فيما بعد أيضا أنه حتى رنة الهاتف وأنت في الصلاة قد تبطل صلاتك، لأنك تكون شاردا وساهيا عن الصلاة التي تعني التركيز والخشوع! نحن جميعا لا نخشع في صلاتنا، وأنا أكثر! اليوم مع الجماعة، شعرت أني أكثر اطمئنانا وأقل نسيانا وأكثر خشوعا، خاصة وأن المقرئ كان يقرأ بصوت جميل ودافئ ومتخشع..في صلاة الجماعة، ترى أيضا أشياء غير محببة وأحيانا غير مريحة على الإطلاق: الهاتف أولا، الكثير منا ينساه مفتوحا! فقبل أشهر، صليت العصر في مسجد قريب من دار جنازة! صلى بنا الإمام العصر وصلى بنا هاتف أحدهم بمامي يغني "على الزرقة راني نسال"!..صلاها بنا جهرا! ترك الهاتف يغني طوال القراءة.. أنا ما فهمت فيها "ترن".. الإمام يقرأ والهاتف يرن؟.. بل يغني بصوت عال وصاحب الهاتف لا يقفله أو يردم له فمه في جيبه! ربما كان يرى أن غلق الهاتف وهو يغني في الصلاة، مبطل للصلاة! وهذا الذي تفعله الآن وتترك الناس يصلون خلف مامي..مش إبطال لصلاة العشرات؟ ترى أشياء كثيرة لا تعجب حتى في بيت الله! دعنا من سرقة الصبابيط والنعايل، وخلينا فقط غير في منكرات المصلين أنفسهم: ما إن يقول الإمام "السلام عليكم" حتى يلتفت الرجل إلى زميله بجواره: شحال دارو البارح؟..شحال؟ طروا زيرو؟.. تبهديلة..! باينة..أنا ماشفتش الماتش كنت في جنازة..بصح البارح.. آآآآوييي.. ماتش مخير! شفت شفت..هذاك البيت ..؟ آآآه...مربب! (هذا كلام مسجد هذا؟). البارحة، وأثناء السجود في الركعة الرابعة أو الخامسة والله ماني عاقل، دخل متسول والناس يصلون وبدأ: يا خوتي عاونوا خوكم والله ما عنده باش يفطر.. يا خوتي راني مغبون..! (لم ير الغبن الذي ألحقه بمئات المصلين الساجدين الخاشعين!.. الخاشعين؟ ما نعرف! البعض ربما يكون يحسب شحال صرف اليوم وشحال راه يسال كريدي أو شحال راهم يسالوه! أو يكون يسب فلانا لأنه فات عليه ولم يقل له السلام..). وعندما هممنا بالخروج، كان عند الباب نفس المتسول ومعه عصبة يكادون "يغريسيو" المصلين عند الخروج!: الحاج؟؟ وأنا؟ عطيته ليه وأنا ما تعطينيش؟..والله هذا ألا عند حانوت ويجي هنا يطلب..! (وتقوم القيامة عند باب المسجد! ثورة طالبان...!)