مجلس الأمة: رئيس لجنة الشؤون الخارجية يستقبل وفدا عن لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بمجلس الشورى الإيراني    كرة القدم/كان-2024 للسيدات (الجزائر): "القرعة كانت مناسبة"    الكاياك/الكانوي والبارا-كانوي - البطولة العربية 2024: تتويج الجزائر باللقب العربي    المهرجان الثقافي الدولي للكتاب والأدب والشعر بورقلة: إبراز دور الوسائط الرقمية في تطوير أدب الطفل    مجلس الوزراء: رئيس الجمهورية يسدي أوامر وتوجيهات لأعضاء الحكومة الجديدة    عرقاب يستقبل وفدا عن الشبكة البرلمانية للشباب    رئيس الجمهورية يوقع على قانون المالية لسنة 2025    عبد المجيد زعلاني : مذكرة الاعتقال ضد نتانياهو وغالانت زلزال قانوني وقضائي    الخبير محمد الشريف ضروي : لقاء الجزائر بداية عهد جديد ضمن مسار وحراك سكان الريف    نهب الثروات الطبيعية للصحراء الغربية: يجب قطع الشريان الاقتصادي للاحتلال المغربي    غرس 70 شجرة رمزياً في العاصمة    ساعات عصيبة في لبنان    صهاينة باريس يتكالبون على الجزائر    تمتد إلى غاية 25 ديسمبر.. تسجيلات امتحاني شهادتي التعليم المتوسط والبكالوريا تنطلق هذا الثلاثاء    "رواد الأعمال الشباب، رهان الجزائر المنتصرة" محور يوم دراسي بالعاصمة    يرى بأن المنتخب الوطني بحاجة لأصحاب الخبرة : بيتكوفيتش يحدد مصير حاج موسى وبوعناني مع "الخضر".. !    حوادث المرور: وفاة 2894 شخصا عبر الوطن خلال التسعة اشهر الاولى من 2024    تركيب كواشف الغاز بولايتي ورقلة وتوقرت    شرطة القرارة تحسّس    مشروع القانون الجديد للسوق المالي قيد الدراسة    اختتام الطبعة ال14 للمهرجان الدولي للمنمنمات وفن الزخرفة : تتويج الفائزين وتكريم لجنة التحكيم وضيفة الشرف    صليحة نعيجة تعرض ديوانها الشعري أنوريكسيا    ينظم يومي 10 و11 ديسمبر.. ملتقى المدونات اللغوية الحاسوبية ورقمنة الموروث الثقافي للحفاظ على الهوية الوطنية    الجزائر العاصمة : دخول نفقين حيز الخدمة ببئر مراد رايس    افتتاح الطبعة ال20 من الصالون الدولي للأشغال العمومية : إمضاء خمس مذكرات تفاهم بين شركات وهيئات ومخابر عمومية    تبسة: افتتاح الطبعة الثالثة من الأيام السينمائية الوطنية للفيلم القصير "سيني تيفاست"        ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 44211 والإصابات إلى 104567 منذ بدء العدوان    العدوان الصهيوني على غزة: فلسطينيو شمال القطاع يكافحون من أجل البقاء    الألعاب الإفريقية العسكرية: الجزائرتتوج بالذهبية على حساب الكاميرون 1-0    "كوب 29": التوصل إلى اتفاق بقيمة 300 مليار دولار لمواجهة تداعيات تغير المناخ    مولودية وهران تسقط في فخ التعادل    مولوجي ترافق الفرق المختصة    قرعة استثنائية للحج    المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي عائلة الفقيد    التعبئة الوطنية لمواجهة أبواق التاريخ الأليم لفرنسا    مخطط التسيير المندمج للمناطق الساحلية بسكيكدة    حجز 4 كلغ من الكيف المعالج بزرالدة    45 مليار لتجسيد 35 مشروعا تنمويا خلال 2025    دخول وحدة إنتاج الأنابيب ببطيوة حيز الخدمة قبل نهاية 2024    دورة للتأهيل الجامعي بداية من 3 ديسمبر المقبل    الشروع في أشغال الحفر ومخطط مروري لتحويل السير    نيوكاستل الإنجليزي يصر على ضم إبراهيم مازة    إنقاذ امرأة سقطت في البحر    "السريالي المعتوه".. محاولة لتقفي العالم من منظور خرق    ملتقى "سردية الشعر الجزائري المعاصر من الحس الجمالي إلى الحس الصوفي"    السباعي الجزائري في المنعرج الأخير من التدريبات    مباراة التأكيد للبجاويين    حادث مرور خطير بأولاد عاشور    دعوى قضائية ضد كمال داود    وزارة الداخلية: إطلاق حملة وطنية تحسيسية لمرافقة عملية تثبيت كواشف أحادي أكسيد الكربون    سايحي يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    التأكيد على ضرورة تحسين الخدمات الصحية بالجنوب    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مراجعات ''حماة السلفية'': تفجيرات القاعدة عودة إلى أساليب ''الجيا'' الدموية
نشر في الشروق اليومي يوم 28 - 01 - 2008

في هذه الوثيقة التي تنشرها الشروق اليومي كاملة على حلقات يشرح تنظيم حماة الدعوة السلفية، وهو ثاني أهم جماعة إرهابية، موقفه الرافض لعمليات التفجير والتقتيل الجماعي والعمليات الانتحارية التي تبناها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب، و"تحريم سفك دماء المسلمين". وتشكل الرؤية التي قدمها حماة الدعوة السلفية مراجعة هامة في شكل "دراسة شرعية" ترد على التبريرات التي قدمها الضابط الشرعي في القاعدة أبو الحسن رشيد، معتبرا التفجيرات المستعملة الآن في الأماكن العمومية نفسها التي كانت تقوم بها الجماعة الإسلامية المسلحة "في بداية‮ زيغها‮ وضلالها‮".‬
وتوصف جماعة حماة الدعوة السلفية بأنها كانت السباقة الى توظيف اتصالات خارجية مع القاعدة لصالحها، وسنة 2002 أعلن سليم الأفغاني ولاءه إلى زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وأمير حركة طالبان الأفغانية الملا عمر، وتعرض تنظيم حماة الدعوة السلفية لضربات قوية على يد قوات الجيش والأمن أبرزها عملية "سيف الحجاج" قبل سنوات التي نفذتها في منطقة غليزان، وحاليا يتمركز في شكل مجموعات صغيرة تنشط في منطقة تيبازة الغربية، غليزان والشلف إلى حدود عين الدفلى، ويحصي اليوم، حسب مصادر متتبعة ما بين 80 و100 عنصر.
الأمير الوطني لحماة الدعوة السلفية هو محمد بن سليم المعروف باسم سليم الأفغاني الذي انضم إلى الجماعة الإسلامية المسلحة عام 1992 وشغل منصب الضابط الشرعي خلال إمرة قادة بن شيحة - أمير منطقة الغرب - وكان نائبه وذراعه الأيمن في قيادة كتيبة الأهوال الدموية التي انشقت‮ عن‮ "‬الجيا‮" سنة‮ 1996‮.
وليست هذه المرة الأولى التي يطعن فيها التنظيم "شرعيا" في أسلوب التفجيرات والعمليات الانتحارية الذي تبنته القاعدة، وقد فعل ذلك لأول مرة غداة التفجير الذي ضرب قصر الحكومة، وحاولت القاعدة الرد عليه وتبرير أسلوبها بالحاجة للحفاظ على عناصرها.
الحمد‮ لله‮ وبه‮ نستعين‮ وصلى‮ الله‮ على‮ نبينا‮ محمد‮ وعلى‮ آله‮ وصحبه‮ أجمعين‮.‬
الرد‮ المختصر‮ على‮ أجوبة‮ أبي‮ الحسن‮ رشيد‮ حول‮ مشروعية‮ التفجيرات‮ في‮ الجزائر
بعد المراجعات الفقهية التي انتهت إليها الجماعات المسلحة بمصر والتي عادت بفضلها إلى المجتمع من جديد، ظهرت بوادر لمراجعات مشابهة في أوساط مقتنعين بفكر القاعدة والمؤيدين سابقا لما يسمى ب "الجهاد" في الجزائر، حيث خلصت هذه المراجعات إلى تحريم الجرائم التي يرتكبها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. ومن بين هذه المراجعات (الرد المختصر على أجوبة أبي الحسن رشيد -رئيس اللجنة الشرعية لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي- حول مشروعية التفجيرات في الجزائر) الذي يعدّ إدانة صريحة من أحد أبرز منظري القاعدة للتفجيرات‮ التي‮ ذهب‮ ضحيتها‮ أبرياء‮ وعزّل‮.‬
وستنشر‮ الشروق‮ سلسلة‮ من‮ مقالات‮ أبو‮ وليد‮ الانصاري‮ رذيس‮ اللجنة‮ الاعلامية‮ لحماة‮ الدعوة‮ السلفية‮ التي‮ يناقش‮ فيها‮ دعاة‮ العنف‮ والقتل‮ من‮ الناحية‮ الشرعية‮ والفقهية‮.‬
بعد استنكارنا في الكتاب رقم: 1/28 التفجيرات التي تقوم بها الجسدق (قاعدة الجهاد في بلاد المغرب الإسلامي) لمخالفتها الدليل الشرعي الصحيح، ولافتقادها النظر السديد ولمفاسدها التي لا ينكرها عاقل بلغنا كلاما لأبي الحسن رشيد عضو الهيئة الشرعية/رئيس الهيئة القضائية‮ لتنظيم‮ القاعدة‮ ببلاد‮ المغرب‮ الإسلامي‮ حول‮ هذه‮ التفجيرات،‮ يجيب‮ فيه‮ على‮ بعض‮ من‮ سأله‮ عن‮ مشروعية‮ هذه‮ التفجيرات‮. وبعد‮ قراءة‮ هذا‮ الجواب،‮ وفقنا‮ الله‮ لكتابة‮ هذا‮ الرد‮ المختصر،‮ نصحا‮ للمسلمين‮.‬
معلوم من نصوص الوحي ومن تاريخ الأمة، قديما وحديثا، أنه كانت جماعات عدة زالت أو فنيت من أرض الجهاد لسبب ظاهر، وهو فقدانها للصواب وانحراف منهجها رغم ما كانت عليه من كثرة الأنصار والأتباع والأموال والشهرة في الداخل والخارج، وكثرة القتال عند بعضها. وتاريخ هذه الطوائف،‮ بداية‮ ونهاية،‮ معلوم‮ مشهور‮ عند‮ الناس‮ قد‮ بلغ‮ خبره‮ المشارق‮ والمغارب‮.‬
وقد‮ نبهنا‮ في‮ كثير‮ من‮ إصداراتنا‮ على‮ أهمية‮ سلامة‮ المنهج‮ وضرورته‮ في‮ الجهاد،‮ ولازلنا‮ نؤكد‮ على‮ ذلك‮.‬
فالقتال‮ المشروع‮ هو‮ الموافق‮ للسنة،‮ فعن‮ الحسن،‮ قال‮: قال‮ رسول‮ الله‮ صلى‮ الله‮ عليه‮ وسلم‮: »‬عمل‮ قليل‮ في‮ سنة‮ خير‮ من‮ كثير‮ في‮ بدعة‮«. وقال‮ عبد‮ الله‮: "‬الاقتصاد‮ في‮ سنة‮ خير‮ من‮ الاجتهاد‮ في‮ بدعة‮".‬
وما كان عليه أصحابه - رضوان الله عليهم - ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، لأن من التزم هذا الشرع، فهو الناجي المنصور ومن خالفه، فإنه المقطوع المبتور، لا ثمرة لجهاده في العاجل، ولا قبول لعمله في الآجل.
‮- تنبيه‮: موضوع‮ هذه‮ الرسالة‮ هو‮ بيان‮ حكم‮ ما‮ تقوم‮ به‮ الجماعة‮ السلفية‮ للدعوة‮ والقتال‮ من‮ تفجيرات،‮ بناء‮ على‮ ما‮ كتبوه‮ في‮ بعض‮ رسائلهم،‮ وما‮ نشاهده‮ في‮ أرض‮ الواقع‮.‬
ليس موضوع هذه الرسالة بحث حول مسألة التترس وما يدخل فيها من صور وما يخرج، مما جد في العصر الحديث، ولم يتكلم فيه الفقهاء نظرا لاختلاف واقعهم عن واقع المسلمين اليوم، واستحداث أسلحة جديدة مما يعم به الهلاك لم تكن موجودة في وقتهم.
فالمراد من هذه الرسالة بيان الخطأ والغلط في أجوبة ابي الحسن رشيد حول مشروعية التفجيرات وهذا واجب شرعي. قال شيخ الإسلام: (وَلِهَذَا وَجَبَ بَيَانُ حَالِ مَنْ يَغْلَطُ فِي الْحَدِيثِ وَالرِّوَايَةِ وَمَنْ يَغْلَطُ فِي الرَّأْيِ وَالْفُتْيَا وَمَنْ يَغْلَطُ فِي‮ الزُّهْدِ‮ وَالْعِبَادَةِ؛‮ وَإِنْ‮ كَانَ‮ الْمُخْطِئُ‮ الْمُجْتَهِدُ‮ مَغْفُورًا‮ لَهُ‮ خَطَؤُهُ‮ وَهُوَ‮ مَأْجُورٌ‮ عَلَى‮ اجْتِهَادِهِ‮). مجموع‮ فتاوى‮ ابن‮ تيمية‮ - (‬ج‮ 6‮ / ص‮ 363‮)‬
- فنقول وبالله التوفيق: قد تقرر بالأدلة القطعية في الشريعة أن دماء المسلمين وأعراضهم وأموالهم معصومة حيثما كانوا، في دار الكفر أو في دار الإسلام. ولما كانت بعض ديار الكفر أكثر أهلها من المسلمين، كحال ديار الجزائر اليوم، استعمل بعض العلماء اصطلاح "الدار المركبة‮" على‮ هذا‮ النوع‮ من‮ الديار،‮ مراعاة‮ لحرمة‮ دماء‮ المسلمين‮ وأعراضهم‮ وأموالهم‮. فقد‮ سئل‮ شيخ‮ الإسلام‮ عن‮ بلدة‮ "‬ماردين‮" التي‮ كان‮ يحكمها‮ التتار‮ بالياسق‮ الكفري‮ وكان‮ أكثر‮ أهلها‮ مسلمون‮.‬
فأجاب‮ ‮ رحمه‮ الله‮ ‮:‬
(الحمد لله دماء المسلمين وأموالهم محرمة حيث كانوا في ماردين أو غيرها ... والمقيم بها إن كان عاجزا عن إقامة دينه وجبت الهجرة عليه، وإلا استحبت ولم تجب ... ) إلى قوله: (وأما كونها دار حرب أو سلم، فهي مركبة: فيها المعنيان، ليست بمنزلة دار السلم التي تجري عليها أحكام الإسلام لكون جندها مسلمون، ولا بمنزلة دار الحرب التي أهلها كفار، بل هي قسم ثالث يعامل المسلم فيه بما يستحقه، ويقاتل الخارج عن شريعة الإسلام بما يستحقه) أه. مختصرا من مجموع الفتاوى (28/135).
فقد قرر رحمه الله أن الأصل في دماء المسلمين وأموالهم هو الحرمة، وبين أن هذه الحرمة لا تسقط لكون المسلمين يعيشون مختلطين بالكفار، ويعيشون تحت حكمهم، كما في "ماردين" التي سئل عنها أو كما هو الشأن في ديار الكفر الآن التي يحكمها المرتدون بالقانون، ولهذا‮ قال‮ بعد‮ ذلك‮: يعامل‮ فيها‮ المسلم‮ بما‮ يستحقه،‮ ويقاتل‮ الخارج‮ عن‮ شريعة‮ الإسلام‮ بما‮ يستحقه‮.‬
وإذا كان من الواجب المتعين قتال الخارجين عن الشريعة في ديار المسلمين، فإنه لا يجوز قتل المسلم المختلط معهم إلا لضرورة، كما في حالة التترس. ولما كانت هذه الحالة الخاصة قد تفتح الباب لقتل المسلمين بغير حق، فإنه يتعين على المتكلم فيها تحديد صورها في الواقع، بما لا يخرج عن الضوابط التي وضعها العلماء الثقاة في هذه المسألة. والذي ينبغي أن يعلم أن مسألة التترس قد أجازها العلماء لموضع المصلحة، قال ابن رشد: (وأما من أجاز ذلك فكأنه نظر إلى المصلحة) بداية المجتهد - ج 1 / ص 309))
والمصلحة قد وضع لها العلماء شروطا وقيودا تمنع من الإفراط في الأخذ بها، لأنها استثناء خلاف الأصل، وضرورة، والضرورة تقدر بقدرها. فبهذه المسألة ومثلها من المسائل التي تحتاج إلى ضبط أهدرت دماء المسلمين بغير حق في هذه البلاد، واعتدي فيها على الحرمات. والذي يقرأ بيانات ورسائل الجماعة الإسلامية المسلحة (GIA) الضالة أيام زيتوني وعنتر يرى هذا جليا. وانظر على سبيل المثال: تبصرة المجاهدين في قتل نساء المرتدين، التي استحلت بها الجماعة في عهد زيتوني دماء النساء المسلمات، فمن جملة الأدلة التي استدلوا بها لقتل نساء المرتدين‮ المسلمات‮ مسألة‮ التترس‮... وحدث‮ بمثل‮ هذه‮ الاستدلالات‮ المنحرفة‮ فساد‮ عريض،‮ لازلنا‮ نجني‮ ثماره‮ المرة‮ إلى‮ حد‮ الساعة‮.‬
والواجب على المجاهد أن يحتاط لدينه، ولا ينساق وراء الفتاوى التي تستبيح دماء الأمة بمثل هذه العمومات، بل ولا يعذر"المجاهد" في هذه البلاد بعد الذي وقع أن يتابع مثل هذه الفتاوى لاسيما إذا كان صاحب الفتوى من الأباعد عن هذه البلاد الذين يجهلون تفاصيل الواقع‮ وحقيقته‮.‬
وقد كان "المجاهدون" الخارجون عن الجماعة الإسلامية المسلحة (GIA) بعد زيغها مجمعون على ترك هذه التفجيرات التي يقتل فيها المسلم مع الكافر إما لقناعة شرعية عند بعضهم، أو قناعة مصلحية عند البعض الآخر وبعد انضمام الجماعة السلفية للقاعدة سارت على نفس منهجها في بعض أنواع القتال ومنها هذه التفجيرات. وسيتبين لقارئ هذا الرد المختصر أن الجماعة السلفية في قيامها بهذه التفجيرات قد قلدت غيرها في تنظيم القاعدة ولم تأت بأي دليل، كما لم تبن عملها هذا على نظر صحيح ومنهج شرعي سليم.
‮- الرد‮ المجمل‮:‬
و قد ورد في نص السؤال الموجه إلى أبي الحسن رشيد رئيس الهيئة القضائية لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي طلب الأدلة الشرعية على تلك التفجيرات التي استهدفت المرتدين، وقتل فيها المسلمون - نص السؤال: هل يمكنكم توفير كتب لنا حول الأدلة الشرعية التي استندتم إليها‮ في‮ الهجمات‮ ‮ أي‮ تفجيرات‮ العاصمة‮ ‮ وذلك‮ لأن‮ الشبهات‮ المثارة‮ أمامي‮ قويه‮ من‮ قبل‮ الإخوة‮ وأحتاج‮ أولا‮ للتعلم‮ وثانيا‮ للرد‮.‬
‮- فأجاب‮ أبو‮ الحسن‮ رشيد‮:‬
ما أوّد الإشارة إليه قبل ولوج الموضوع هو أن يعلم القارئ الكريم أنّ تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي ليس أول من فتح باب العمليات الإنتحارية واعتمدها كأسلوب قتالي، بحيث يطالب بتأصيلها، لكن له سلف فيمن سبقه من جماعات الجهاد.. وتأصيلاتهم منشورة والحمد لله في‮ المواقع‮ الإسلامية،‮ بل‮ أفتى‮ بجواز‮ هذا‮ النوع‮ من‮ العمليات‮ القتالية‮ من‮ هم‮ خارج‮ دائرة‮ الجهاديين‮ ..‬ثم‮ ذكر‮ بعد‮ ذلك‮ أدلة‮ العمليات‮ الإنتحارية‮ وأقوال‮ العلماء‮ حول‮ مشروعيتها‮.‬
وبعد ما انتهى من الكلام عن العمليات الإنتحارية انتقل إلى الكلام عن مسألة التترس، فقال: إصابة مدنيين.... ثم ذكر أقوال العلماء في مسألة التترس وكلاما لبعض أهل العلم المعاصرين يرد فيها عن المعترضين على تفجيرات الرياض، ثم خلص في الأخير إلى إجازة التفجيرات التي‮ قامت‮ بها‮ الجماعة‮ السلفية‮ في‮ الجزائر‮.‬
والواجب‮ في‮ هذا‮: إما‮ تقديم‮ بحث‮ في‮ هذا‮ الموضوع‮ بالأدلة‮ الشرعية‮ (‬كتاب‮ سنة‮ أو‮ إجماع‮ أو‮ قياس‮ صحيح‮).‬
‮ وإما‮ نقل‮ فتوى‮ في‮ هذا‮ الموضوع‮ وهذا‮ يشترط‮ فيه‮ أمران‮:‬
استواء‮ صورة‮ الواقع‮ التي‮ صدرت‮ فيه‮ الفتوى‮ مع‮ صورة‮ واقع‮ التفجيرات‮ في‮ الجزائر‮.‬
أن‮ تكون‮ مدعمة‮ بالأدلة‮ الصحيحة‮ الصريحة‮.‬
فالذي طلبه السائل هو الأدلة الشرعية، وهذا متعين قبل الإقدام على هذه التفجيرات. والآن قد تأكد بعد أن ظهر الخلاف والإنكار من أهل الجهاد وغيرهم. والذي ورد في الجواب هو سرد لأقوال العلماء حول العمليات الإنتحارية وليس هذا موضوع السؤال. ثم سرد لأقوال الفقهاء حول التترس، ونقل المؤلف عنهم فيها حالتين: الحالة الأولى إذا اضطر "المجاهدون" لضرب الترس من المسلمين، وهذه اتفق عليها العلماء كما هو منقول في الرسالة عن شيخ الإسلام. والثانية ضرب الترس لغير الضرورة وهذه مختلف فيها بين أهل العلم.
وقد رجح صاحب الرسالة جواز هذه التفجيرات ولم يصرح في أي الحالتين تدخل هذه التفجرات، لكن ذكر كلاما في آخر الرسالة يفهم منه أن الجماعة السلفية تجيز ذلك ولو لغير ضرورة، من ذلك قوله: (يحرص الطواغيت على أن تكون تجمعاتهم ومواكبهم وسط الناس والجماهير، مما يتعذر اقتناصهم منعزلين، مما يؤدي لتعطيل الجهاد، إذا تُرك رميهم، كما ذكر العلماء في السبب المبيح لرمي الكفار إذا تترسوا بمسلمين). وهذه الحالة الثانية في مسألة التترس التي للعلماء فيها قولان مشهوران كما نقل عن شيخ الإسلام فيتعين على المؤلف ترجيح القول الذي اختاره‮ بالدليل‮ وهذا‮ لم‮ يفعله‮.‬
قال‮ ابن‮ تيمية‮ رحمه‮ الله‮ (‬أجمع‮ العلماء‮ على‮ تحريم‮ الحكم‮ والفتيا‮ بالهوى،‮ وبقول‮ أو‮ وجه‮ من‮ غير‮ نظر‮ في‮ الترجيح‮) (‬الاختيارات‮ الفقهية‮) لابن‮ تيمية،‮ جمع‮ البعلي،‮ تحقيق‮ الفقي،‮ ط‮ دار‮ المعرفة،‮ ص‮ 332‮.‬
قال ابن القيم رحمه الله (لا يجوز للمفتي أن يعمل بما شاء من الأقوال والوجوه من غير نظر في الترجيح ولا يَعْتَد به، بل يكتفى في العمل بمجرد كون ذلك قولا قاله إمام أو وجها ذهب إليه جماعة فيعمل بما يشاء من الوجوه والأقوال، حيث رأى القول وَفْقَ إرادته وغرضه عمل به،‮ فإرادته‮ وغرضه‮ هو‮ المعيار‮ وبها‮ الترجيح،‮ وهذا‮ حرام‮ باتفاق‮ الأمة‮ (‬اعلام‮ الموقعين‮) ج‮ 4‮ ص‮ 211‮.‬
قال الشاطبي رحمه الله في كتابه الاعتصام: (إنما الترجيح بالوجوه المعتبرة شرعاً، وهذا متفق عليه بين العلماء، فكل من اعتمد على تقليد قول غير محقق، أو رجح بغير معنى فقد خلع الربقة واستند إلى غير شرع، عافانا الله من ذلك بفضله. فهذه الطريقة في الفتيا من جملة‮ البدع‮ المحدثات‮ في‮ دين‮ الله‮ تعالى‮...).‬
أما فتاوى أهل العلم فيما يتعلق بهذه التفجيرات، فلم نجد في أجوبة أبي الحسن رشيد غير كلام لبعض أهل العلم يرد فيه على المعترضين على تفجيرات الرياض وهو ما كتبه عبد الله بن ناصر الرشيد في انتقاض الاعتراض على تفجيرات الرياض.
وأهم ما يمكن ان يحتج به من كلامه على جواز هذه التفجيرات قوله: "فاستدلال المجاهدين بمسألة التّترس، لا يخرج عن أن يكون محلّ إجماعِ، أو أحد القولين المشهورَينِ لأهل الإسلام" و هذا الكلام ليس فيه حجة يستدل بها على مشروعية تفجيرات الجماعة السلفية، فالمؤلف يدافع في كلامه هذا عن أهل الجهاد الذين قاموا بتفجيرات الرياض، وأن عملهم لا يخرج عن مقتضى الشرع، ولم يصدر فتوى محددة بشأن تلك التفجيرات وإن كان مقرا لها حتى يستدل بكلامه لتجويز تفجيرات الجزائر التي تقوم بها الجماعة السلفية.
وقد‮ تبين‮ لنا‮ ‮ أيضا‮ ‮ أن‮ صاحب‮ الإنتقاض‮ ‮ الذي‮ نقلوا‮ بعض‮ كلامه‮ ‮ يتكلم‮ عن‮ واقع‮ مختلف‮ عن‮ واقع‮ الجزائر‮ الذي‮ تقع‮ فيه‮ تفجيرات‮ الجماعة‮ السلفية‮.‬
جاء‮ في‮ كلام‮ صاحب‮ الإنتقاض‮ ‮ عبد‮ الله‮ بن‮ ناصر‮ الرشيد‮ ‮ الذي‮ نقله‮ ابو‮ الحسن‮ رشيد‮ في‮ أجوبته‮ قوله‮:‬
"وأمَّا مفسدة قتل التُّرس، فلا فرق بين من يُقتل مكرهًا في مواجهة ومصافَّةٍ، ومن يُقتل مكرهًا في غير مواجهةٍ ومصافَّةٍ، بل التُّرس في كثيرٍ من الأحيان يكونُ في المُصافَّة من المجاهدين المقاتلين لهذا العدو الكافر البريئين منه أعظم البراءة، ومع ذلك وقعوا في أسره، فاستعملهم ترسًا، وأمَّا في غير المصافَّة فالأكثر أنَّه مُخالطٌ للمشركين، مساكنٌ لهم، موالٍ لهم نوع موالاةٍ، كما أنَّ الأوَّل لم يكن تُرسًا إلاَّ بإكراهه على ذلك، أمَّا الثَّاني، فقد دخل منازل الصليبيين باختياره، والثَّاني دون الأوَّل برئ منه النَّبيُّ‮ صلى‮ الله‮ عليه‮ وسلم،‮ فهو‮ أولى‮ بجواز‮ قتله‮ ترسًا،‮ وإلحاقه‮ بمن‮ والاهم‮ وخالطهم‮. (‬انتقاض‮ الاعتراض‮ على‮ تفجيرات‮ الرياض‮ ).‬
تأمل‮ في‮ قوله‮: أمَّا‮ الثَّاني‮ فقد‮ دخل‮ منازل‮ الصليبيين‮ باختياره فهذه الصورة التي تحدث عنه صاحب الاعتراض، ليست هي صورة الواقع الذي تحدث فيه التفجيرات في الجزائر. فالمسلمون، في هذه البلاد، الذين تقع في اوساطهم هذه التفجيرات لم يدخلوا منازل الكفار باختيارهم بل هم مختلطون بالكفار المرتدين اضطرارا.
فالظاهر أن صاحب الانتقاض يتحدث عن حوزة ومحلة للكفار الصليبيين في الرياض متميزة عن سكان الرياض ثكنة أو حي خاص بهم ، ويدخلها بعض المسلمين باختيارهم. فهو لا يتحدث عن مدن المسلمين وقراهم واحيائهم التي يختلط معهم فيها المرتدون كما هو واقع الجزائر الذي تحدث فيه تفجيرات الجماعة السلفية وهذا الذي تبين لنا بعد الرجوع إلى أصل رسالة الانتقاض، فقد ذكر المؤلف أن تفجيرات الرياض وقعت في مجمّعاتٍ للصليبيين الأمريكان، أحدها مجمّع شركة فينيل العسكريَّة الأمريكيَّة. وهذه المجمعات غالبا ما تكون خارجة عن المدينة وليست موجودة‮ داخلها‮ بحيث‮ إذا‮ وقعت‮ التفجيرات‮ تصيب‮ مساكن‮ المسلمين‮ ومحلاتهم‮ وتصيب‮ المارة‮( بما‮ فيهم‮ الأطفال‮) في‮ الشوارع‮ المقابلة‮ لها‮ كما‮ هو‮ الحال‮ في‮ المراكز‮ التي‮ وقعت‮ عندها‮ تفجيرات‮ الجزائر‮.‬
وعليه‮ فيسقط‮ الاحتجاج‮ بكلام‮ صاحب‮ الانتقاض‮ ‮ التي‮ نقله‮ صاحب‮ ابو‮ الحسن‮ رشيد‮ ‮ على‮ مشروعية‮ التفجيرات‮ التي‮ تقوم‮ بها‮ الجماعة‮ السلفية‮. والله‮ تعالى‮ اعلم‮
ثم‮ لابد‮ من‮ بيان‮ أن‮ مصلحة‮ هذه‮ التفجيرات‮ ‮ على‮ فرض‮ جوازها‮ ‮ أرجح‮ من‮ مفاسدها‮.‬
قال شيخ الاسلام: فَالْعَمَلُ الْوَاحِدُ يَكُونُ فِعْلُهُ مُسْتَحَبًّا تَارَةً وَتَرْكُهُ تَارَةً بِاعْتِبَارِ مَا يَتَرَجَّحُ مِنْ مَصْلَحَةِ فِعْلِهِ وَتَرْكِهِ بِحَسَبِ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ. وَالْمُسْلِمُ قَدْ يَتْرُكُ الْمُسْتَحَبَّ إذَا كَانَ فِي فِعْلِهِ فَسَادٌ رَاجِحٌ عَلَى مَصْلَحَتِهِ كَمَا تَرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَاءَ الْبَيْتِ عَلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ وَقَالَ لِعَائِشَةَ: { لَوْلَا أَنَّ قَوْمَك حَدِيثُو عَهْدٍ بِالْجَاهِلِيَّةِ لَنَقَضْت الْكَعْبَةَ وَلَأَلْصَقْتهَا بِالْأَرْضِ وَلَجَعَلْت لَهَا بَابَيْنِ بَابًا يَدْخُلُ النَّاسُ مِنْهُ وَبَابًا يَخْرُجُونَ مِنْهُ } وَالْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحَيْنِ. فَتَرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْأَمْرَ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ أَفْضَلُ الْأَمْرَيْنِ لِلْمُعَارِضِ الرَّاجِحِ وَهُوَ حِدْثَانُ عَهْدِ قُرَيْشٍ بِالْإِسْلَامِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّنْفِيرِ لَهُمْ فَكَانَتْ الْمَفْسَدَةُ رَاجِحَةً عَلَى الْمَصْلَحَةِ. مجموع فتاوى ابن تيمية - (ج 5 / ص 411)
وقال أيضا: فَيُقَالُ: لَيْسَ كُلُّ سَبَبٍ نَالَ بِهِ الْإِنْسَانُ حَاجَتَهُ يَكُونُ مَشْرُوعًا بَلْ وَلَا مُبَاحًا وَإِنَّمَا يَكُونُ مَشْرُوعًا إذَا غَلَبَتْ مَصْلَحَتُهُ عَلَى مَفْسَدَتِهِ. أَمَّا إذَا غَلَبَتْ مَفْسَدَتُهُ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مَشْرُوعًا؛‮ بَلْ‮ مَحْظُورًا‮ وَإِنْ‮ حَصَلَ‮ بِهِ‮ بَعْضُ‮ الْفَائِدَةِ‮". مجموع‮ فتاوى‮ ابن‮ تيمية‮ - (‬ج‮ 6‮ / ص‮ 231‮)‬
وقال: فَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَإِتْمَامَهُ بِالْجِهَادِ هُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْمَعْرُوفِ الَّذِي أُمِرْنَا بِهِ؛ وَلِهَذَا قِيلَ: لِيَكُنْ أَمْرُك بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيُك عَنْ الْمُنْكَرِ غَيْرَ مُنْكَرٍ. وَإِذَا كَانَ هُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْوَاجِبَاتِ والمستحبات فَالْوَاجِبَاتُ والمستحبات لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْمَصْلَحَةُ فِيهَا رَاجِحَةً عَلَى الْمَفْسَدَةِ؛ إذْ بِهَذَا بُعِثَتْ الرُّسُلُ وَنَزَلَتْ الْكُتُبُ وَاَللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ؛ بَلْ كُلُّ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ فَهُوَ صَلَاحٌ. وَقَدْ أَثْنَى اللَّهُ عَلَى الصَّلَاحِ وَالْمُصْلِحِينَ وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَمَّ الْمُفْسِدِينَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ فَحَيْثُ كَانَتْ مَفْسَدَةُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ أَعْظَمَ مِنْ مَصْلَحَتِهِ لَمْ تَكُنْ مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَإِنْ كَانَ قَدْ تُرِكَ وَاجِبٌ وَفُعِلَ مُحَرَّمٌ ؛.... فَإِنَّ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ وَإِنْ كَانَ مُتَضَمِّنًا لِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةٍ وَدَفْعِ مَفْسَدَةٍ فَيُنْظَرُ فِي الْمُعَارِضِ لَهُ فَإِنْ كَانَ الَّذِي يَفُوتُ مِنْ الْمَصَالِحِ أَوْ يَحْصُلُ مِنْ الْمَفَاسِدِ أَكْثَرَ لَمْ يَكُنْ مَأْمُورًا بِهِ؛ بَلْ يَكُونُ مُحَرَّمًا إذَا كَانَتْ مَفْسَدَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ مَصْلَحَتِهِ؛ لَكِنَّ اعْتِبَارَ مَقَادِيرِ الْمَصَالِحِ وَالْمَفَاسِدِ هُوَ بِمِيزَانِ الشَّرِيعَةِ فَمَتَى قَدَرَ الْإِنْسَانُ عَلَى اتِّبَاعِ النُّصُوصِ لَمْ يَعْدِلْ عَنْهَا وَإِلَّا اجْتَهَدَ بِرَأْيِهِ لِمَعْرِفَةِ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَقل إنْ تعوز النُّصُوصَ مَنْ يَكُونُ خَبِيرًا بِهَا وَبِدَلَالَتِهَا عَلَى الْأَحْكَامِ...) مجموع فتاوى‮ ابن‮ تيمية‮ - (‬ج‮ 6‮ / ص‮ 337‮ ‮ 338‮)‬
قال ابن القيم في بيانه للْأَدِلَّةُ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ فِعْلِ مَا يُؤَدِّي إلَى الْحَرَامِ وَلَوْ كَانَ جَائِزًا فِي نَفْسِهِ: الدَّلَالَةُ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ وُجُوهٍ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: قَوْله تَعَالَى: "وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ" فَحَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى سَبَّ آلِهَةِ الْمُشْرِكِينَ - مَعَ كَوْنِ السَّبِّ غَيْظًا وَحَمِيَّةً لِلَّهِ وَإِهَانَةً لِآلِهَتِهِمْ - لِكَوْنِهِ ذَرِيعَةً إلَى سَبِّهِمْ اللَّهَ تَعَالَى، وَكَانَتْ مَصْلَحَةُ تَرْكِ مَسَبَّتِهِ تَعَالَى أَرْجَحَ مِنْ مَصْلَحَةِ سَبِّنَا لِآلِهَتِهِمْ، وَهَذَا كَالتَّنْبِيهِ بَلْ كَالتَّصْرِيحِ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ الْجَائِزِ لِئَلَّا يَكُونَ سَبَبًا فِي فِعْلِ مَا لَا يَجُوزُ. إعلام الموقعين عن رب العالمين - (ج 3 / ص 345‮ ‮ 347‮)‬
وعلى‮ فرض‮ جواز‮ هذه‮ التفجيرات‮ فقد‮ اقترنت‮ بها‮ عدة‮ مفاسد‮ ‮ سيأتي‮ ذكرها‮ لاحقا‮ ‮ تجعلها‮ ممنوعة‮.
أبو الوليد الأنصاري
يتبع...‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.