أعلنت مجموعة من الضباط في بوركينا فاسو الجمعة في بيان عزمها على تشكيل "هيئة انتقالية جديدة" في فترة قريبة، على أن تتم العودة بأسرع وقت الى النظام الدستوري. ويأتي هذا الإعلان بعد ساعات على اعلان رئيس اركان الجيش الجنرال ناباري هونوريه تراوري تحمّله مسؤوليات "رئيس الدولة" اثر استقالة الرئيس بليز كومباوري. وجاء في البيان الموقع باسم اللفتنانت كولونيل اسحق ياكوبا زيدا الرجل الثاني في الحرس الرئاسي "نحن القوى الحية في الامة قررنا تعليق دستور الثاني من حزيران (يونيو) 1991". وتابع البيان "سيتم تشكيل هيئة انتقالية بالاتفاق مع كل القوى الحية في الامة تمهيدا لتنظيم فترة انتقالية للعودة الى الحياة الدستورية الطبيعية". وأضاف البيان أن "تشكيل هذه الهيئة الانتقالية التوافقية ومدة عملها التي نرغب بأن تكون اقصر وقت ممكن، سيتحددان في اسرع وقت ممكن". كما يطالب الضباط ب"مواكبة من المجتمع الدولي لضمان عودة سريعة للنظام الدستوري" ويؤكدون ان "الالتزامات التي اتخذتها دولة بوركينا سيتم احترامها". وأضاف البيان: "ندعو مجمل القوى الحية الى التزام الهدوء والثقة بنا" كما دعا "قوات الدفاع والقوات الامنية الى اتخاذ كل الاجراءات اللازمة لحماية امن الناس والاملاك" خصوصا بعد تكرار عمليات السطو. وصدر بيان اخر موقع ايضا من اللفتنانت كولونيل زيدا يشير الى "اقفال الحدود الجوية والبرية" للبلاد. وكان قائد الجيش ترواري قال في بيان تلاه أحد الضباط: "طبقاً للأحكام الدستورية وبعد التأكد من شغور الحكم، ونظراً إلى الضرورة الملحة للحفاظ على الأمة... أتحمّل ابتداء من هذا اليوم مسؤولياتي رئيساً للدولة"، مشيراً إلى أنه "أخذ علماً باستقالة" الرئيس كومباوري. وأعلن إنشاء "هيئة انتقالية" تتسلم الصلاحيات التنفيذية والتشريعية، على أن يكون الهدف اعادة النظام الدستوري "في غضون اثني عشر شهرا". وتسلّم قائد الجيش السلطة بعد أن أعلن كومباوري في بيان تلته صحافية في شبكة "اف.بي1" إنه "رغبة مني في الحفاظ على المكتسبات الديموقراطية وعلى السلم الاجتماعي... أعلن التنحّي عن الحكم تمهيداً للبدء بفترة انتقالية". وأضاف كومباوري، الذي لا يعرف مكان وجوده في الوقت الراهن، أن هذه الفترة الانتقالية يفترض أن "تؤدي الى انتخابات حرة وشفافة في مهلة اقصاها 90 يوماً". وقال الرئيس كومباوري الذي وصل الى الحكم بانقلاب في 1987، إنه "فهم" رسالة الشعب واتخذ "التدبير الصحيح لتحقيق التطلعات الكبيرة الى التغيير". وما زالت حصيلة الاضطرابات حتى الآن غير مؤكدة. وتحدث معارضان عن حوالى ثلاثين قتيلاً وأكثر من 100 جريح. وكان ممثل عن الجيش البروكيني، أعلن أمام عشرات الالاف الذين احتشدوا في وسط العاصمة واغادوغو للمطالبة برحيل الرئيس كومباوري، أن الأخير "لم يعد في السلطة"، مثيراً عاصفة من الفرح بين . وتجمّع المتظاهرون في ساحة الأمة امام مقر قيادة الجيش وهم يهتفون "بليز ديغاج" (ارحل) و"كوامي لوغي رئيس". وكوامي لوغي كان رئيساً للاركان ووزيرا للدفاع حتى عزله في 2003، ويطالبه عشرات آلاف المتظاهرين بتسلّمه السلطة منذ الخميس. ودعا البيت الابيض الى قيام مرحلة انتقالية في بوركينا فاسو في اطار الدستور، معرباً عن القلق ازاء المعلومات التي أفادت ان رئيس اركان الجيش بات يتحمل مسؤوليات رئيس الدولة. وقالت برناديت ميهان الناطقة باسم مجلس الامن القومي "ندين بحزم اي محاولة للسيطرة على السلطة بوسائل تتعارض مع الدستور". وأضافت ان "الوضع يتطور سريعا ونواصل جمع العناصر الا اننا قلقون للغاية ازاء المعلومات التي افادت ان رئيس اركن الجيش هونوريه تراوري اعلن انه بات يتصرف على اساس كونه رئيس الدولة". ورحبت فرنسا بدورها باستقالة كومباوري، ودعت الى "الاسراع في اجراء انتخابات ديموقراطية". وقالت الرئاسة الفرنسية في بيان ان استقالة كومباوري "تتيح ايجاد حل للازمة". واضافت ان "فرنسا تذكر بتمسكها بالدستور وبالتالي بالاسراع في اجراء انتخابات ديموقراطية". في سياق متصل، اعتبر الاتحاد الاوروبي اليوم ان "شعب بوركينا فاسو هو الذي يقرر مستقبله". وقال ناطق باسم الجهاز الديبلوماسي للاتحاد الاوروبي "ندعو القوى السياسية والجيش والمؤسسات الجمهورية والشعب البوركيني الى تحمل مسؤولياتهم وبناء مستقبل جديد للبلاد معا بطريقة هادئة ومن خلال إحترام المبادىء الديموقراطية والدستور". وأعلن الجيش أمس الخميس، حل الحكومة والجمعية الوطنية، وفرض حظراً للتجول وشكّل هيئة انتقالية، وذلك في مؤتمر صحافي في ختام يوم من اعمال الشغب ضد الرئيس كومباوري. وتأتي التظاهرات رفضاً لعزم الرئيس على تعديل المادة 37 من الدستور للمرة الثالثة بعد 1997 و2000 بحيث يتاح له البقاء في الحكم بعد ولايتين من سبعة اعوام (1992-2005) وولايتين أخريين من خمسة اعوام (2005-2015).