بات الوضع في بوركينا فاسو يكتنفه الغموض في ظل إعلان الجيش استيلائه على السلطة وحل الحكومة والجمعية الوطنية وفرض حظر للتجول وتشكيل هيئة انتقالية في أعقاب مظاهرات عنيفة يشهدها البلد منذ الثلاثاء الماضي ضد خطة الرئيس بليز كومباوري الرامية إلى تمديد حكمه المستمر منذ 27 عاما والتي خلفت 30 قتيلا و أكثر من 100 جريح. و كان الرئيس بليز كومباوري قد فرض أمس حالة الحصار فى البلاد بعدما ان عرف الوضع منعرجا خطيرا في الوقت الذي كان نواب الجمعية العامة يستعدون لتمرير خطة تقدم بها الرئيس لتعديل الدستور و تخول له خوض الانتخابات الرئاسية فى 2015 لفترة رئاسية ثالثة. و اعلنت هيئة أركان الجيش في بركينا فاسو على لسان رئيسها نابيري هونوري تراوري خلال مؤتمر صحفي أن السلطتين التنفيذية والتشريعية ستتولاهما هيئة انتقالية ستشكل بالتشاور مع كل القوى الحية في البلاد، مؤكدا ان مهمتها ستكون عودة النظام الدستوري في مهلة 12 شهرا. و تم فرض حظر التجول على مجمل أراضي البلاد من الساعة السابعة مساء وحتى السادسة صباحا للحفاظ على سلامة الناس والممتلكات حسب بيان تلاه المسؤول العسكري البوركينابي. كامباروي يرفض الاستقالة و المعارضة تشدد الضغط لإجباره على المغادرة رفض الرئيس بليز كومباوري رغم استمرار الاحتجاجات مرفوقة باعمال الشغب التي شهدتها البلاد التنحي من الحكم لكنه قال انه مستعد لإجراء "محادثات حول مرحلة انتقالية". وقال كومباوري في خطاب عبر التلفزيون الليلة الماضية "لقد سمعت الرسالة.لقد فهمتها واخذت الاجراء الملائم للتطلعات القوية الى التغيير...أنا على استعداد لأن أطلق معكم محادثات من أجل مرحلة انتقالية أسلم في نهايتها السلطة إلى الرئيس المنتخب ديموقراطيا". لكن موقف الرئيس لم يكن له صدى لدى المتظاهرين الذين نزلوا اليوم الى الشوارع العاصمة واغادوغو مطالبين الرئيس بالرحيل حيث تجمهروا امام مقر هيئة أركان الجيش استجابة لنداء المعارضة الذي يطالب بتكثيف الضغط لإجبار الرئيس كامباوري على التخلي عن السلطة "بدون شروط". و اعلن قائد المعارضة زيفيرين ديابري في ندوة صحفية اليوم ان "الشرط الاولي لاي حوار بشان الانتقال السياسي في البلد يبقى تنحي الرئيس الحالي بدون قيد أو شرط من السلطة" داعيا مواطنيه إلى الإبقاء على الضغط من خلال الانتشار في الأماكن العامة، و منددا بما اسماه "حالة من الغموض العام على مستوى هرم السلطة" بعد إعلان الجيش الاستيلاء على الحكم. و قالت مصادر اعلامية نقلا عن أحد قادة المعارضة في بوركينا فاسو ان أعمال الشغب التي شهدتها البلاد أمس الخميس أوقعت حوالي 30 قتيلا وأكثر من 100 جريح. وضع يقلق المجتمع الدولي و يفتح العديد من السيناريوهات وأثار التصعيد الخطير الذي آل إليه الوضع في بوركينا فاسو قلق المجتمع الدولي و العديد من التساؤلات حول مصير هذا البلد الإفريقي الذي سبق و ان شهد العديد من الانقلابات العسكرية في السنوات الماضية و الذي تمزقه أيضا صراعات قبلية ودينية. وأعربت نكوسازانا دلاميني-زوما رئيسة مفوضية الاتحاد الافريقي عن قلقها "العميق" بشأن الوضع الراهن في البلد وقالت أنها تتابع عن كثب تطور الوضع هناك وفقا لبيان صدر عن الاتحاد امس. ودعت رئيسة المفوضية إلى الهدوء وممارسة أقصى درجات ضبط النفس من جميع الأطراف المعنية. كما حثت الأطراف السياسية والشعب فى بوركينا فاسو على تجنب كافة أشكال العنف والعمل من أجل المصالح العليا لبلادهم. وأرسلت دلاميني-زوما على الفور فريقا رفيع المستوى سيشكل جزءا من الوفد المشترك الذى يمثل الاتحاد والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (ايكواس) والأممالمتحدة لبوركينا فاسو من أجل التشاور مع كافة الأطراف هناك. وفى هذا الشأن ناشدت رئيسة المفوضية السلطات فى بوركينا فاسو بتيسير زيارة الوفد الافريقي مؤكدة دعم الاتحاد الإفريقي القوي للبلد في ايجاد حلول سياسية للصعوبات الحالية التى تواجهه. من جهته أعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي-مون انه يتابع بقلق "بالغ" الوضع الأمني المتدهور فى بوركينا فاسو وطلب من ممثله الخاص لمنطقة غرب افريقيا محمد بن شمباس التوجه الى هذا البلد اليوم. و قال المتحدث باسم الأممالمتحدة ستيفان دوجاريك خلال مؤتمر صحفي امس ان الأمين العام يرحب بعمل البعثة المشتركة من الاتحاد الافريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (ايكواس)". واعرب عن اسفه لسقوط ضحايا جراء أعمال العنف فى بوركينا فاسو داعيا كافة الأطراف فى البلاد إلى الكف عن ممارسة العنف والالتزام بالهدوء وضبط النفس واللجوء إلى الحوار لحل كافة القضايا العالقة. و انتقدت الولاياتالمتحدة محاولة الرئيس بليز كومباوري تعديل الدستور للسماح له بالترشح لفترة رئاسية جديدة بعد حكم استمر 27 عاما معربة عن قلقها بشأن الأزمة الحالية في بوركينا فاسو. وقالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي برانديت ميهان إن "تدهور الوضع الأمني هو نتيجة لمحاولات تعديل الدستور لتمكين رئيس الدولة الحالي من السعي لمدة رئاسية أخرى"داعية كل الأطراف بما فيها قوات الأمن لوقف العنف والعودة إلى عملية سلمية ل"خلق مستقبل لبوركينا فاسو يبني على المكاسب الديمقراطية التي حققتها البلاد". و دعت فرنسا كافة الاطراف فى بوركينا فاسو الى الهدوء وضبط النفس اثر أعمال العنف. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية "نأسف لاعمال العنف التى تشهدها بوركينا فاسو و ندعو الى عودة الهدوء ونطلب من كافة الأطراف التحلي بضبط النفس".