تداول "فتوى" تبيح تعاطي المخدرات في صفوف "القاعدة" * درودكال يستعمل المخدرات ل"تسكين ضمائر" المجندين الجدد * "الحشيش" بديل الخطاب الديني والتبريرات الشرعية ل"الجهاد" تؤكد تصريحات وزير الداخلية، الأخيرة، استنادا إلى تحقيقات أمنية حول تعاطي الانتحاريين مواد مخدرة، قبل تنفيذ العمليات الانتحارية، إفادات بعض التائبين الذين أكدوا جنوح نشطاء تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" إلى استهلاك المخدرات سواء متأثرين بإدمان سابق، مثلما هو وضع المدعو مروان بودينة (معاذ بن جبل)، انتحاري مبنى رئاسة الحكومة، أو ب"ترخيص" من قيادة التنظيم، كما هو حال أصغر انتحاري المدعو نبيل بلقاسمي (أبو مصعب الزرقاوي العاصمي). وهي الحيلة التي لجأ إليها درودكال من أجل "تسكين الضمير"، خاصة وسط المجندين الجدد الذين تم "تحويلهم" بعد أن كانوا ينوون الالتحاق بصفوف المقاومة العراقية واصطدموا بواقع الجبل، قد يكون أبرزهم الشاب (أ. زهير) الذي سلم نفسه لأجهزة الأمن بعد فراره، وأكد في تصريح سابق، تداول "فتوى تجيز" تعاطي المخدرات بحجة أن "الغاية تبرر الوسيلة"، ونظرا للظروف الصعبة في الجبل. وتكون قيادة "القاعدة"، قد رخصت لأتباعها تعاطي المخدرات "شرعا" لتطويق التململ داخل صفوفها، وإحباط أي محاولة تمرد على الوضع وكذا الانشقاقات التي رافقت العمليات الانتحارية، خاصة أن المخدرات تؤدي علميا إلى تراجع قدرات مستهلكها نفسيا وعقليا وجسديا، ويكون من السهل استغلاله لاحقا وحشو عقله وإقناعه بتنفيذ عمليات انتحارية، حيث كانت "الشروق اليومي" قد انفردت في وقت سابق، بالتأكيد على أن أغلب الانتحاريين يكونون تحت تأثير المخدرات، إذ أكد شهود عيان التقوا "الكاميكاز" قبل ثوان من تنفيذ الاعتداء، أنهم كانوا صامتين، ورفضوا الرد على تساؤلات كل من التقاهم. وأكدت التحقيقات الأمنية استنادا إلى شهادات تائبين حديثا، انهم كانوا تحت تأثير مخدر، حتى لا يتراجعوا في آخر لحظة، وهو ما أكدته والدة انتحاري ثكنة حراس السواحل بدلس المدعو نبيل بلقاسمي (أبو مصعب الزرقاوي العاصمي) في لقاء سابق مع "الشروق"، عندما شددت على انه تم تخدير صغيرها (كان عمره 15 عاما)، إضافة على تحاليل صور الانتحاريين التي رافقت تبني قيادة "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، للعمليات الانتحارية حيث بدا أغلبهم وهم يبتسمون بطريقة مثيرة، وهو ما لم يسجل مثلا لدى انتحاريين في العراق، باكستان، وكذا الاستشهاديين في فلسطين، الذين كانوا ثابتين، ليؤكد المحققون في هذه القضايا أنهم "لم يكونوا يتمتعون بكامل قواهم العقلية". وظهر المدعو مروان بودينة (معاذ بن جبل)، انتحاري مبنى رئاسة الحكومة، في الشريط المصور، وهو في حالة "غير طبيعية" يضحك ويتوعد و.. مع العلم أنه معروف عنه سوابقه في قضايا تعاطي أغلب أنواع المخدرات. ولم يكن ممكنا برأي مختصين، التخلص من الإدمان عليها في ظرف 3 أشهر بعد "توبته" والتحاقه بمعاقل "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي". وأفاد التائب (زهير .أ) في شهادته، أنه لم تكن هناك حلقات دينية او نقاشات شرعية طيلة فترة تواجده في الجبل مدة 6 أشهر، وأشار إلى أنه كان يتم أحيانا عرض أشرطة العمليات الانتحارية في العراق وبعض التدريبات. وكشف عن انعدام "سلوكات سوية" لدى أتباع "القاعدة"، بالقول: "لم تكن هناك دولة إسلامية في الجبل"، وتفاجأ بتعاطي "المجاهدين" مخدرات وسجائر وعدم مواظبتهم على الصلاة أو الصوم أو عقد لقاءات لمناقشة الأمور الفقهية دون أن تتم معاقبتهم أو تأديبهم أو نهيهم بحسب تعبيره. ولم تلجأ قيادة درودكال إلى إقناع المجندين الجدد بأمور فقهية وشرعية ل"الجهاد" لتعتمد المخدرات كحيلة للسيطرة على عقولهم وإقناعهم بذلك خاصة في ظل الإنتقادات التي واجهت التنظيم مباشرة بعد العمليات الانتحارية، وما أثارته من انشقاقات، ما يعكس إفلاسها وعجز خطابها الديني عن إقناع الشباب الجدد الذين يفتقدون للتكوين الديني بشرعية جرائم "القاعدة"، ووجد درودكال في المخدرات البديل للاستمرار. وتبقى المخدرات متوفرة لدى التنظيم وتشكل عائداتها أحد أهم مصادر تمويله، ولم يخرج درودكال عن تقاليد الجماعات المسلحة التي تحالفت مع عصابات تهريب المخدرات والأسلحة والسيارات، وكان تنظيم "الجيا" قد تبنى هذا الأسلوب تحت إمرة عنتر زوابري، وقام بتجنيد مسبوقين في قضايا مخدرات وإجرام في صفوفه. تفاصيل أول قضية تكشف صلة الإرهاب بشبكات تهريب المخدرات وتشير المعلومات المتوفرة لدى "الشروق اليومي" إلى أن التحقيقات الأمنية في قضايا تهريب المخدرات، أكدت وجود تنسيق بين شبكات تهريب المخدرات والتنظيمات الإرهابية التي تمول من عائدات المخدرات منذ تأسيسها، قد تكون أهمها القضية التي عالجتها مصالح الدرك الوطني بولاية وهران عام 2001، حيث تمكنت من تفكيك شبكة دولية مختصة في تهريب المخدرات كانت تقوم بتمويل "الجماعة السلفية للدعوة والقتال". وتوصلت التحريات الخاصة بعلاقة الإرهاب بالمخدرات، إلى أن الجماعات الإرهابية كانت تقوم بتأمين مسالك مرور مركبات نقل المخدرات، وكانت تمول من عائدات هذه المخدرات.. وتتوفر أجهزة الأمن التي تشتغل على ملف مكافحة الإرهاب والتهريب على معلومات تفيد بلجوء "الجماعة السلفية للدعوة والقتال"، التي حولت تسميتها إلى تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، إلى تكثيف التنسيق مع مهربي المخدرات للحصول على مصدر تمويل في ظل تراجع شبكات الدعم والإسناد، وتفكيك خلية الإختطافات، إضافة إلى انسحاب مختار بلمختار المدعو "الأعور"، أمير المنطقة التاسعة من التنظيم، ما انعكس سلبا على التعاون مع شبكات التهريب، خاصة تهريب السجائر والأسلحة التي كان يرعاها وتمول "الجماعة السلفية"، وواصلت قيادة درودكال (أبو مصعب عبد الودود) التنسيق مع شبكات تهريب المخدرات للحصول على المال وتم فرض جزية على مزارعي الحشيش بمنطقة القبائل مقابل تأمينها. ويشير ملف أولى القضايا التي عالجتها مصالح الدرك الوطني، خلال فترة ما بعد قانون الوئام المدني، التي عرفت إستقرارا نسبيا على صعيد الوضع الأمني، إلى أن أفراد فرقة الدرك الوطني بالكرمة بولاية وهران، تمكنوا من تفكيك شبكة دولية مختصة في تهريب المخدرات كانت تقوم بتمويل الجماعات الإرهابية بالجزائر. وتعود هذه القضية إلى تاريخ 12 سبتمبر 2001 عندما وردت معلومات تفيد بقيام شخص بشحن كمية كبيرة من المخدرات بمسكن المدعو (ك.الدراجي) الكائن بدوار حموي التابع لبلدية الكرمة، وبناء على هذه المعلومات تنقل قائد فرقة الدرك إلى عين المكان بعد أن قام في وقت سابق بغلق جميع منافذ المسكن، وطبقا لترخيص بالتفتيش، تم العثور بالمنزل المهني على كمية من المخدرات تقدر ب 573 كغ من الكيف كانت موزعة على صفائح من 1 كغ، كما حجز أفراد الدرك داخل منزل المعني ذخيرة خاصة بمسدس آلي ومنظار. وصرح الموقوف (ك. الدراجي) أثناء التحقيق، أن هذه المخدرات تعود إلى ابنه بالتبني المدعو (ط.جلال) وشريكيه (ب.أحمد)، بطال ومقيم بمدينة مغنية والمدعو (ب.عبد العزيز)، من مواليد 1978 تاجر ومقيم أيضا بمغنية. واعترف (جلال.ط) أن المخدرات المحجوزة بمسكن والده تعود إليه واعترف شريكاه بقيامهما بنقل المخدرات من مغنية إلى مسكن والد المهرب.. وتنقل المحققون إلى غاية مدينة مغنية لمواصلة التحقيق، وتمكنوا من حجز 44 كغ من الكيف بمنزل المدعو (ب.حسن) أحد أفراد الشبكة، وكشفت التحقيقات أنه ينتمي إلى أحد أفراد الدفاع الذاتي بالمنطقة ويحوز على بندقية صيد وذخيرة حربية، ودل المحققين على شريكه (س.محمد) صاحب شاحنة تمت تهيئتها لشحن المخدرات التي يتم تهريبها من المغرب باتجاه مغنية وبالضبط بالمنطقة المسماة "اولاد قدور"، الواقعة على الحدود بين مغنية والزوية.. وبعد التحري في الوثائق التي تم حجزها لدى المهرب الأول المدعو (ط.جلال)، تم العثور على هوية المدعو (م.نور الدين) من مواليد 1958 بمدينة مغنية يشتغل جراح أسنان وحددت هويته على أنه من الإرهابيين المبحوث عنهم.. وتوصلت التحقيقات إلى أن (م. نور الدين) يعد الرأس المدبر لهذه الشبكة الدولية المختصة في تهريب المخدرات التي كانت تقوم بتمويل الجماعات الإرهابية منذ عدة سنوات. بارونات المخدرات ينقلون سلعهم تحت "رعاية" الجماعات الإرهابية! وقد تم في إطار التحقيق في هذه القضية حجز وثائق إدارية أهمها حوالي 200 شهادة حالة مدنية تتضمن بيانات بالاسم واللقب والعنوان وأرقام هواتف أشخاص يحملون الجنسية الفرنسية، يقيمون في عدة مناطق في فرنسا. وكشفت التحقيقات أن شبكات تجارة المخدرات كانت تتنقل تحت "الرعاية السامية" للجماعات الإرهابية النشطة مقابل مبالغ مالية من عائدات أموال بيع هذه الكميات الهائلة التي تتجاوز الملايين سنويا، ما يفسر نشاط شبكات تهريب المخدرات خلال سنوات الإرهاب، دون أن تتعرض مركباتها إلى السطو أو السرقة وكانت تتحرك بكل حرية وفي أمن في "المناطق المحررة". وتشير أيضا التحقيقات في مزارع القنب الهندي، التي تم إكتشافها بولاية بجاية وبشكل أكبر في منطقة توجة إلى وجود التنسيق بين مهربي المخدرات والإرهابيين الذين ينشطون تحت لواء "الجماعة السلفية للدعوة والقتال"، في منطقة القبائل، وقد تم اكتشاف أغلب هذه الحقول في مناطق معزولة بقرب ملاجىء للإرهابيين، وتوصلت التحريات الأولى في القضية، إلى أن الإرهابيين تفطنوا لوسيلة جديدة للحصول على المال من المواطنين بعد أن كانوا يفرضون في وقت سابق "الجزية" على أصحاب المزارع والحقول خلال موسم الحصاد، ويتعرض الرافضون لدفع المال لحرق وإتلاف محصولهم، لتتحول الجماعات الإرهابية حاليا، إلى طلب "الجزية" من مالكي حقول الحشيش، مقابل تأمينها. ولا يستبعد المحققون الذين لايزالون يشتغلون على قضايا المخدرات في بجاية، أن يكون الإرهابيون وراء الحرائق التي اندلعت في عديد من الغابات بالولاية صائفة العام الماضي، وكانت مهولة "وبفعل فاعل"!، وذهبت التحريات الأولى في اتجاه حرائق إنتقامية وتصفية حسابات بين مزارعي المخدرات، لكن الفرضية الأولى تبقى غير مستبعدة. ويؤكد الملازم عيدات أحمد، وهو ضابط في جهاز الدرك الوطني، أعد دراسة حول تجارة المخدرات في الجزائر، متوفرة لدى "الشروق اليومي"، أن تجارة المخدرات ارتبطت بالإرهاب "إرتباطا وثيقا ساهمت في تطويره"، كما ساهمت التنظيمات الإرهابية بدرجة أكبر في ترويج المخدرات، وأشار إلى أن الهدف من احتراف هذا النشاط عبر مختلف الحدود الجغرافية، هو "الحصول على الأموال لدعم النشاط الإرهابي"، وذلك مقابل تأمين المسالك والطرق والمنافذ عبر المناطق الجبلية للمهربين. نائلة.ب