كشف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الجمعة، في مناسبة زيارة البابا فرنسيس قصره الجديد المثير للجدل بسبب كلفته وما يعكسه من ترف وبذخ، بعد أن كان مدار الحديث والشغل الشاغل في تركيا منذ أسابيع بدون أن يشاهده أحد. وحتى الآن وزعت على الصحافيين فقط بعض الصور لواجهته المهيبة أو لسيد القصر عند أسفل شرفة ذهبية فخمة، ما يوفر مادة دسمة للانتقادات. ولتبيان حقيقة الأمر بأنفسهم اغتنم حوالي 250 صحافياً تركياً وأجنبياً زيارة الحبر الأعظم أول ضيف كبير يستقبله، لاجتياز المسافة البعيدة جداً إلى ضاحية أنقرة. وأحيطت زيارتهم بمواكبة أمنية كبيرة. وعندما أصبحوا في حرم "القصر الأبيض" ("اكسراي" بالتركية) وضع أهل الصحافة تحت المراقبة الشديدة وسط عدد كبير من رجال الشرطة وعناصر الأمن باللباس المدني أو العسكري. وتمكن الزوار من إبداء إعجابهم بفناءاته وأعمدته العديدة وكذلك باحته الفسيحة المكسوة ببلاط الرخام الأخضر والتي مدت لمناسبة الزيارة البابوية بسجادة طويلة بلون الأزرق الفاتح يحيط بها عسكريون يرتدون معطفاً باللون نفسه. ويتألف القصر الرئاسي الذي استلهمت هندسته من الهندسة العثمانية والسلجوقية، أول سلالة تركية حكمت آسيا الصغرى من القرن الحادي عشر إلى الثالث عشر، من ألف غرفة ويمتد على مساحة مائتي ألف متر مربع ما يوازي تقريباً نصف مساحة دولة الفاتيكان. ويحل هذا القصر مكان المقر الرئاسي التاريخي المتواضع الواقع على مرتفعات حي جنكايا والذي احتضن رؤساء الجمهورية منذ أول رئيس مؤسس دولة تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك. وحجم المجمع الجديد الخارج عن المألوف أثار الجدل. فقد نددت المعارضة بمساحته الهائلة وفخامته وترفه ورأت فيه مؤشراً جديداً على جنون العظمة لدى أردوغان. وكلفته المقدرة ب1,3 مليار ليرة تركية أي أكثر من 490 مليون أورو، جعلت منتقدو النظام الإسلامي المحافظ الذي يقود البلاد يصفونه بقصر "فرساي جديد" أو يقارنوه بقصر الدكتاتور الروماني نيكولاي تشاوشيسكو. وقد علت أيضاً أصوات المدافعين عن البيئة الذين نددوا بما تركه بناؤه الذي أوقف بقرار من القضاء من أثر على الغابة المجاورة. لكن سيد القصر الجديد رفض بخشونة كل هذه الانتقادات. وقال أردوغان "هذا القصر ليس ملكية خاصة بل ينتمي إلى الجمهورية وهو يمثل مكانة تركيا". وكانت نقابة المهندسين في تركيا كتبت للبابا لتطلب منه عدم المجيء إلى القصر الجديد وعدم إعطاء غطاء لبناء يتناقض مع "احترام البيئة". لكن الفاتيكان لم يتجاوب بالطبع مع هذا المطلب. وهكذا استقبل الرئيس التركي الحبر الأعظم بكل اعتزاز وبكل التشريفات وراء السياج الحديدي الفسيح. ثم اتبع المسؤولان البروتوكول على وقع الأناشيد واستعراض القوات. حتى أن البابا فرنسيس توجه بالتركية إلى الحرس قائلاً "مرحبا عسكر"، قبل أن تعلو محياه ابتسامة عريضة مندهشاً أو معجباً على ما يبدو بالتقاليد العسكرية المحلية.