فازت المجموعة الطاقوية الفرنسية العملاقة "كهرباء فرنسا"، بالصفقة التي أعلنتها الحكومة، والمتعلقة بإجراء خبرة معمقة حول ظاهرة التسربات التي تعاني منها السدود الجزائرية البالغ عددها 45 سدا، بما في ذلك السدود التي أنجزت حديثا. وهذا عقب المخاوف الحقيقية الناجمة عن التسربات الخطيرة التي يعاني منها سد بني هارون البالغة طاقته 960 مليون م3 ما يجعله اكبر سد إستراتيجي في الجزائر. وكان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، قد وجه انتقادات حادة للجهات التي أشرفت على إنجاز محطة الضخ الرئيسية للسد، خلال إشرافه على تدشينه سبتمبر الفارط، ويزود سد بني هارون ولايات ميلة وقسنطينة وأم البواقي وخنشلة وباتنة بمياه الشرب والسقي، مهددا بتوقيفه نهائيا إذا كان يشكل فعلا مخاطر على المحيط وسكان ولايات ميلة وجيجل، مما دفع بوزارة الموارد المائية بالإسراع في إجراء خبرة دقيقة من طرف مجموعات دولية تتوفر على تكنولوجيا متقدمة في مراقبة تسربات السدود والحواجز المائية الكبيرة. وتم منح الصفقة المتعلقة بإعداد خبرة مدققة حول السدود ال45 التي تتوفر عليها الجزائر وفي مقدمتها السدود الإستراتيدجة بولاية ميلة وتيزي وزو والبويرة، على أساس الخبرة التي تتوفر عليها شركة كهرباء فرنسا التي تشرف على تسير 450 سد في فرنسا، منها 200 سد سبق للمجموعة إجراء خبرات معمقة حولها بسبب ظاهرة التسربات التي تعانيها تلك السدود ودرجة المخاطر التي تعانيها والتي تم تصنيفها بين الدرجة "أ" (ناقص) التي تعني الخطر الأدنى "أ" (زائد) التي تعني أعلى درجة للخطر، حسب ما جاء في تقرير سري أعدته المجموعة الطاقوية في أوت 2006، وهو ما يشكل مخاطر جمة على المحيط والسكان في حال تصدع واحد من السدود، ورجحت بعض المصادر أن يكون من بين عوامل فوز الشركة الفرنسية، كون أن أغلب تجهيزات السدود الجزائرية تم استيرادها من فرنسا من قبل الشركات التي أشرفت على إنجاز تلك السدود سيما الشركات اليوغسلافية سابقا وحتى الشركات الإسبانية، بالإضافة إلى أن دراسات الخبرة في اختيار المواقع التي أقيمت عليها السدود في حد ذاتها أو متابعة الإنجاز كانت تنجز في غالبيتها من قبل مكاتب خبرة فرنسية. وكانت كل الدراسات والأشغال المنجزة لوقف تسرب المياه من السد لم تنجح، حيث قدرت قوة تدفق المياه بحوالي 270 ألف لتر في الساعة، مما جعل سكان منطقة عين التين بولاية ميلة يشعرون بما يشبه هزات زلزالية وهو ما دفعهم للمبيت في العراء لمرات عديدة، وربط خبراء الوكالة الوطنية للسدود والتحويلات العملية بخطأ في التوصيلات خلال التشغيل للمضخة، على الرغم أن محطة الضخ المستوردة من فرنسا تعد فريدة من نوعها في العالم، حيث لم يصنع منها سوى نموذج وحيد الذي تم تزويد سد بني هارون به. وبينت الخبرة الفرنسية، أن توقف وحدة الضخ الثانية بعد عملية المراقبة الدقيقة للأجهزة الإلكترونية والميكانيكية أن الخلل يكمن في التوصيلات، حيث عكس التقنيون بعض التوصيلات بين أجهزة المراقبة، المضخة والمأخذ، ولكن ذلك لم يقنع الجهات الوصية التي سارعت إلى الإعلان عن مناقصة لإجراء خبرة شاملة على السدود ال45 التي تتوفر عليها الجزائر، والتي يعود تاريخ إنجاز بعضها إلى عدة عقود، على الرغم من أن العمر الافتراضي للسد هو حوالي 100 سنة في الظرف العادية، غير أن تكلفة تجديد سد من الحجم المتوسط أو الكبير تصل إلى 100 مليون دولار في الظروف العادية. عبد الوهاب بوكروح