فقدت عائلة بوذراع، ببيضاء برج بولاية سطيف، ابنتها صفاء في لحظة جنونية، بطلها شاب متهور صدمها بسيارته، ولاذ بالفرار تاركا قلب الأم يتقطع حزنا على ابنتها التي انطفأ نورها فجأ، وانطفأ معها طعم الحياة. الحادث وقع لما كانت صفاء، البالغة من العمر 9 سنوات، عائدة رفقة أختيها من المدرسة إلى المنزل، الكائن بمدخل البلدية. ولما حاولت قطع الطريق بمفردها فاجأتها سيارة من نوع بارتنر، كانت تسير بسرعة جنونية. وحسب شهود عيان، فالطفلة ارتفعت نحو الأعلى كالكرة، ومن شدة الاصطدام العنيف فإن عينيّ الطفلة خرجتا من موقعهما، وظلتا تتدليان، وكانت الضربة القاتلة على مستوى الرأس. المشهد كان مرعبا للغاية، والشهود ذهلوا من هول الموقف، ومن صعود الطفلة نحو الأعلى، ولم يتمكن أحد من الاقتراب منها في الوقت الذي قرر سائق السيارة الهروب، فأشعل الأضواء وراح يسابق السيارات بسرعة جنونية، وفرَّ إلى وجهة مجهولة. الحادث مر عليه عشرون يوما، وإلى حد الساعة لم يتم التعرف على هوية السائق الهارب. الطفلة صفاء التي تتوسط أختيها، مروة وهند، كانت مدللة العائلة، محبوبة من طرف الجميع، وهي مصدر المرح والشقاوة في البيت، تصرفاتها سبقت سنها، وكانت ملفتة للانتباه في نظر معلميها وعمال المدرسة، تسامر الكبار كالعجوز وتحكي مع الصغار بكبرياء، ويحكى أنّها كلما مرت برجال الدرك سلمت عليهم وصافحتهم جميعا، ويوم وفاتها تحدثت مع مسؤول المطعم في المدرسة وطلبت منه أن يعجل بالغداء لأنها مدعوة إلى عرس، ولم يفهم أحد تلك العبارة واتضح بعدها أن العرس في الدار الأخرى، ولا وجود له في الواقع. وقبلها بيوم قالت لأمها بأنها ستغادر المنزل وستذهب للعيش رفقة جدتها، هذه الأخيرة توفيت منذ حوالي شهرين فقط. وأما الأم، فلازالت تبكي بحرقة، وظلت تردد عبارة واحدة: ليته توقف وأخذها إلى المستشفى، فالطعنة بالنسبة إليها كانت عميقة، ولا يمكنها أن تتذوق طعم الحياة من دون صفاء، التي كانت تزرع البهجة في البيت. الوالد كذلك، لا يزال تحت الصدمة ويقول: لن يهدأ لي بال حتى أرى قاتل ابنتي. وكل الجيران في حيرة، وكلما شاهدوا البنات قرب الطريق تذكروا صفاء التي رحلت عنهم في لحظة طيش، وهم الآن يطلبون من السائق أن يأتي إليهم ويعتذر، ودون شك ستسامحه العائلة، رغم أن أصعب ما في حوادث المرور أن يقتل السائق نفسا زكية ويلوذ بالفرار.