مواكب أعراس متهورة تقتل حتى الأزواج تحولت مواكب الأعراس في قسنطينة وفي باقي مدن الوطن إلى كابوس حقيقي بالنسبة للمارة بسبب الحوادث المفجعة و المؤلمة التي تتسبب فيها نتيجة عديد المخالفات الخطيرة كالتجاوز في وضعية ثانوية لموكب كامل قد يصل عدد سياراته إلى أكثر من عشرة في بعض الأحيان .. مواكب تستعرض خلال تنقلها في أرجاء المدينة عدة مظاهر خطيرة و غير حضارية ، هي دخيلة على مجتمعنا ، كخروج بعض المشاركين في الموكب من النوافذ و التلويح بأجسامهم و أياديهم بينما تسير السيارة بسرعة كبيرة مما يعرضهم للسقوط في أي لحظة و فقدان حياتهم . مواكب الأعراس في قسنطينة أصبحت مشكلة حقيقية خاصة خلال الموسم الصيفي الذي تكثر فيه إحتفالات الزواج ، فبالإضافة إلى الموسيقى الصاخبة في السيارات المزينة بالزهور بشكل مدو يزعج المارة و يمنع السائقين من الإستماع إلى المنبهات الصوتية للسيارات المجاورة لها في الطريق، يلفت إنتباهنا العديد من المظاهر غير الحضارية التي تثير إستياء المارة كطلقات البارود العشوائية التي يذهب ضحيتها سنويا العديد من الأشخاص من مختلف الأعمار.. سجلت مصالح الحماية المدنية الكثير من الإصابات المتفاوتة الخطورة بالعيارات النارية لأنه من الصعب التحكم في البندقية و إطلاق النار من مكان يتحرك بسرعة كبيرة، خاصة بالنسبة للذين لم يعتادوا على حمل بندقية الصيد من قبل أو الذين يدفعهم الحماس و الفرحة للتصرف بتهور مخيف تكون عواقبه وخيمة عليهم ، مثلما حدث منذ فترة في إحدى أعراس قسنطينة عندما أطلق أحدهم النار من بندقيته في الأرض دون أن يركز على الجهة التي يصوب نحوها فأصاب إصبعه مباشرة بالرصاصة. و تكمن خطورة هذه التصرفات خاصة في الأذى الذي تسببه للآخرين، كما حصل السنة الماضية في مدينة العثمانية في موكب عرس أكمل جولته و إقترب من منزل العريس أين كانت نسوة من أهله ينتظرن العروس بفارغ الصبر عند مدخل الباب، غير أن لهفتهم كوفئت بإصابتهن بطلقات بارود عشوائية آتية من الموكب الذي لم يتوقف بعد عن السير، حيث تعرضن لإصابات متفاوتة الخطورة. التساهل مع مخالفات مواكب الأفراح هو الذي أدى إلى تفاقم هذه الظاهرة المؤسفة في مجتمعنا كما أكد السيد طافر المكلف الإعلامي للحماية المدنية، مشيرا أن معظم الحوادث التي تثيرها المواكب كالإرتطام غالبا ما تكون بين السيارات من نفس الموكب أو بسبب تداخلات مميتة مع السيارات الأخرى، بالإضافة إلى حالات التجاوز الخطير في الوضعية الثانوية لموكب بأكمله سيارة تلو الأخرى معيقين بذلك حركة السير، و مستعرضين مظاهر لا تمت للفرح و الإحتفال بصلة من خلال ممارسات لا حضارية تنتهي بمآسي معربة ، كحادثة السيدة العجوز التي صدمتها مؤخرا بحي واد الحد بقسنطينة سيارة عروسين كانت تسير حسب شهود عيان بسرعة جنونية مخلفة أيضا ثلاثة جرحى كانوا على متن ثلاث مركبات إصطدمت بها السيارة المذكورة، و حادثة إنقلاب سيارة بسبب مناورات طائشة بالمقود في طريق « الكورنيش» بقسنطينة، و التي كانت تسير في موكب عرس إنتقل من حي «الزيادية» إلى «الحامة»، ليتسبب الحادثة في جرح أربعة أشخاص ثلاثة منهم من نفس العائلة و إمرأة أخرى كانت معهم على متن السيارة. و تصل هذه الكوارث التي يتسبب فيها طيش بعض السائقين الذين يفتقدون للوعي، في بعض الأحيان إلى حد فقدان أحد العروسين بسبب مناورات مجنونة للتسابق على المكان الأول في الموكب و غيرها من الحوادث المميتة ليتحول العرس الذي يحتفل بهما إلى جنازة لأحدهما ، ناهيك عن الإصابات و الجروح التي يروح ضحيتها أيضا أطفال يقتدون بطيش الكبار و يخرجون أجسادهم من النافذة في غفلة من السائقين المشاركين الذين يتسابقون فيما بينهم و يتلاعبون بالمقود عمدا مع أنغام الموسيقى المرتفعة، كما حدث منذ بضعة أشهر في موكب عرس كان يسير بسرعة على الطريق الرابط بين قسنطينة و زيغود يوسف ، عندما أخرجت طفلة رأسها من النافذة فسقطت على الأرض و دهستها السيارة الموالية لتلقى حتفها في الحين، و أشار المكلف الإعلامي للحماية المدنية أن مثل هذه الحوادث تتكرر يوميا. هذه المظاهر الدخيلة على مجتمعنا تعكس من جهة أخرى، التغير الكبير الحاصل في حياتنا اليومية خاصة في السنوات الأخيرة ، فموكب العرس الذي يعتبر من أجمل مظاهر الإحتفال و الإعلان عن الزواج بالنسبة للجزائريين، يحتاج من وجهة نظر منطقية إلى تنظيم محكم للسير و مراعاة أن الطريق ملك للجميع و لا يحق لأي كان بحجة أنه لديه عرس، أن يعطل الآخرين أو يضايقهم خلال تنقله ، كما قال السيد طافر على لسان بعض المواطنين الذين يتصلون بالحماية المدنية و يطلبون تدخلهم في حال حصول حوادث. من جهة أخرى فسر الأخصائي النفسي رابح لوصيف، تصرفات بعض السائقين في مواكب الأعراس بكونهم في تلك اللحظات يبدون و كأنهم منومون مغناطيسيا تحت تأثير الموسيقى العالية و حماسهم الزائد ، خاصة في حالة وجود الجنس اللطيف داخل السيارة مما يجعل بعض الشباب في مقتبل العمر يتصرفون بطريقة تثير إعجابهن و تلفت إنتباههن دون أخذ الحيطة و الحذر أثناء السياقة، كمحاولتهم تجاوز السيارات التي تسبقهم أو السير في وضعية ثانية و غيرها... من الأفضل اذن أن يرافقهم شخص كبير لديه ما يكفي من الحكمة و النضوج ليوجههم و يمنعهم من القيام بتصرفات متهورة و طائشة .. مضيفا أن المبالغة في الإحتفال بالأعراس بطرق عشوائية قاتلة أمر غير حضاري تفاقم في السنوات الأخيرة لتفرض علينا مناظر فوضوية نشاهدها يوميا في فصل الصيف الذي نصادف فيه يوميا موكب عرس واحد على الأقل، يترك بعد مروره إنطباعا مقلقا بسبب الضجيج، كالمناورات الخطيرة أو إستعراضات السائقين .