أكد الوزير الأول، عبد المالك سلال، أن قرار تأجيل التوظيف في الوظيف العمومي في بعض المجالات غير ذات الأولوية لن يخص القطاعات الاجتماعية والاقتصادية الهامة مثل التربية والتعليم العالي والتكوين المهني والصحة. وقال سلال في حوار أجرته معه وكالة الأنباء الجزائرية إنه تقرر "بالعكس" تعزيز التأطير والتعليمة الأخيرة الموجهة لأعضاء الحكومة وللولاة تتعلق بهذه المسألة تحديدا. وأضاف أن الأمر يتعلق ومن دون تعطيل وتيرة التنمية الاجتماعية والاقتصادية باعتماد مسعى وقائي واحترازي يحافظ على متانة الاقتصاد الوطني ويجنبه اللجوء للموارد المالية الخارجية في حال طال أمد تراجع أسعار المحروقات. وفي رده على سؤال حول الإجراءات والمساعي التي تعتزم الحكومة اتخاذها لمواجهة تراجع أسعار البترول والقطاعات التي ستمسها إجراءات التقشف، أكد الوزير الأول أن الحكومة تحركت سريعا حيال الانخفاض المفاجئ لأسعار المحروقات في الأسواق العالمية من أجل تقييم انعكاسات هذه التذبذبات ووضع التصورات الميزانية التي تسمح بمواصلة التنمية الاقتصادية في البلد والحفاظ على جهود الدولة في القطاعات الهامة. وأضاف أنه إثر الاجتماع المصغر المنعقد في 23 ديسمبر 2014 الذي ترأسه رئيس الجمهورية "تم اتخاذ إجراءات تعديل واضحة ومن المنتظر أن تنفذ سريعا من أجل إنجاز البرنامج الخماسي الخاص بالاستثمارات وترشيد النفقات العمومية والتحكم في التجارة الخارجية ودفق الرساميل وتنشيط قطاعات البتروكيمياء والفلاحة والسياحة وتكنولوجيات الإعلام والاتصال الجديدة وتطويرها". وأوضح أن تعليمات رئيس الجمهورية كانت واضحة بخصوص ضرورة الحفاظ على جهود الدولة في مجال العمل الاجتماعي ومواصلة البرامج في مجالات الإسكان والصحة والتربية وخدمات الماء والطاقة وكل ما يساهم في تحقيق راحة المواطنات والمواطنين. وبخصوص قدرة الحكومة على توفير التمويلات اللازمة لتجسيد المشاريع التي يتضمنها المخطط الخماسي 2014/2019 والقطاعات المعنية بإجراءات التقشف، أوضح الوزير الأول أن السياسة المالية التي تم انتهاجها في الجزائر بإشراف رئيس الدولة على مدى أزيد من عشر سنوات عززت مؤشرات الاقتصاد الكلي لاسيما في ما يخص الديون واحتياطات الصرف كما أنها تركت للبلد مجالا معتبرا للتحرك. وقال إن الجزائر تعتزم في سنة 2015 التعجيل بتحويل اقتصادها وتنوعيه من خلال الاعتماد على أداة التخطيط (إطلاق مخطط الخماسي 2015-2019) وعلى إطار التشاور والحوار (العقد الوطني الاقتصادي والاجتماعي للنمو الذي تم توقيعه مع أرباب العمل و الشركاء الاجتماعيين في فبراير 2014 والمسجل لدى المنظمة الدولية للعمل). وأكد في هذا السياق أن غاية الحكومة تتمثل في تحويل اقتصادها نحو الإنتاج وخلق الثروات لتحقيق نمو سنوي بنسبة 7 % والحفاظ على مستوى بطالة في انخفاض علما أنه انتقل من 29.8 بالمائة سنة 2000 إلى 9.8 بالمائة في 2014. وأشار سلال أن المؤسسات الوطنية العمومية والخاصة ستستمر في الاستفادة من دعم الدولة من خلال إجراءات تسهيل الاستثمار والتحفيزات الضريبية وتحسين العرض العقاري وتمويل المشاريع الرامية الى ترقية السوق الوطنية لرؤوس الأموال وتشجيع القروض الموجهة للاقتصاد التي سجلت تقدما. وجدد الوزير الأول دعوته للمواطنين للتضامن مع الحكومة لمواجهة أزمة النفط التي ستؤثر على مداخيل الجزائر وقال "لا أشك أبدا في هذا السياق الدولي السياسي والاقتصادي المتوتر في قدرة الجزائريين على رفع هذا التحدي الكبير معا في كنف التضامن والأخوة"، مضيفا "علينا جميعا أن نتجند من أجل وضع حد للتبذير وأن نؤمن بثقة في مستقبلنا لأن بلدنا يزخر بقدرات هائلة تتمثل في حيوية اقتصاده وشعبه الفتي ومصداقية موقف قادته وثباته". وحول تأثير الظروف الإقليمية والدولية على جهود الجزائر في البحث عن حلول سلمية للأزمات خصوصا في مالي وليبيا، قال الوزير الأول عبد المالك سلال إن "الأحداث التي شهدها العالم العربي ومنطقة الساحل أثبتت سداد موقف الجزائر، مشيرا أن السلم والاستقرار يشكلان الركيزة الأساسية لكل تقدم ديمقراطي أو تنمية اقتصادية واجتماعية. كما أن الإرادة السيدة والمستقلة للشعوب وحدها كفيلة بتحقيق التقدم والسلم في العالم". وأكد أنه "في سياق متوتر ومضطرب ستدافع الجزائر عن مكاسبها التي هي ثمرة سياسة المصالحة الوطنية وستعمل على تعميق مسار دمقرطتها الذي لا رجعة فيه وستستمر في مكافحة الإرهاب بلا هوادة وفي بذل جهودها لتأمين حدودها". ونوه الوزير الأول بمسار الانتخابات في تونس وقال إن "السير الحسن للانتخابات الرئاسية في تونس والذي تعرب الجزائر عن ارتياحها بشأنه يمثل إشارة ايجابية على عودة السلم في المنطقة وتأكيدا على مزايا المسارات السياسية السلمية"، مؤكدا أن الجزائر تدعم وستدعم دوما كافة المسارات السياسية التي تحبذ الحوار الشامل والمصالحة التي تعتمدها الدول الصديقة والجارة في ظل احترام الشرعية الدولية ومبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية لهذه الدول ووحدتها الترابية".