المناضل الكبير سمير القنطار خرجت من سجن كان العدو يمارس عليك كل أساليب القتل النفسي، ورغم أن سنوات محكوميتك تزيد عن المائة سنة، وهذا كان كافيا ان يبقيك في السجن إلى أبد حياتك، إلا أن العدو لم يترك فرصة إلا وأكد لك انه لم يخلق في العرب بعد من يستطيع استعادتك..خرجت من السجن وكان هذا انتصار كبير على شهوة السجان الإسرائيلي العنصري.. * واستقبلك شعبك بالحب والترحاب واحتضنك الناس ورفعوك الى ذرى المجد .. وأصبحت أغنية الصغار والكبار في لبنان وفلسطين وأمتك العربية ..وكانت لحظات الاستقبال في مستوى تضحياتك ولعلها أنستك ما كان يوجه إليك من مهانات ومحاولات قتل لروحك خلال ثلاثين سنة. * اليوم أيها المناضل الكبير تكتشف ان الحياة غير تلك الحياة ويوما بعد يوم ستتبدد الابتسامات وتتلاشى الهتافات وتخبو حرارة اللقاء بين جموع المعنين الذين تسابقوا يلتقوك تحت سمع وبصر وسائل الاعلام.. اليوم يا صاحبي ستكتشف ان مشاعرك العظيمة كانت في السجن بين آلاف المساجين الفلسطينيين والعرب الأحرار الذين اختاروا درب الكفاح ودعوا ثمن اختيارهم فكانت مشاعرك هناك في مواجهة الجلاد الوحيد والسجان الوحيد هي مشاعر الثورة ضد جلاديها وأعدائها.. أما اليوم يا صاحبي فأنت ستكتشف ان هناك ألف جلاد وجلاد وألف سجان وسجان وحولك شعب وأمة يتناوشونها بالألهيات وسوء العذاب.. وتكتشف يا صاحبي أن كثيرا من الذين كانوا يصفقون لك وانت تتحدث عن عودتك القادمة لفلسطين كانوا يسخرون منك بل ويضعون الخطط في عقولهم لكي لا يكون ذلك أبدا.. * مير القنطار أيها الفدائي العربي الكبير ستكتشف ياسيدي ان رياح الطائفية الهوج السموم تغطيها ابتسامات تافهة بين تجار السياسة وعشاق الزعامات .. ستكتشف ياسيدي ان فلسطين اليوم أبعد بكثير عن هؤلاء الزعماء ما كنت تحلم لأنها انسحبت من البلاط الملكي وذهبت هناك تسكن الجرح والألم.. * أما الفلسطينيون الذين كنت تتقاسم معهم الحزن والامل ولقمة الخبز في السجن الصغير ليس لهم من الامر شيئا.. فزعماء تنظيماتهم أخذتهم الدنيا بعيدا عن الهم والوجع فتقاسموا تركة الموت ومزقوا الحلم وبعثروا الإمكانيات وليس هناك من أمل في صحوة ضميرهم. * سمير شيء حقيقي وحيد، فقط هو ان تلك آلام الفلسطينية التي تبنتك وأنت في السجن وكانت تزورك كلما سمحوا لها السيدة أم جبر وشاح قد فرحت فرحا اهلها ان تكون عنوانا لك هنا يزور بيتها كل المهنئون.. رغم ذلك كله أهلا بك خارج السجن ..أهلا بك هنا معنا داخل السجن.