بعد إضراب كل من عمال البلديات، البريد، عمال الجوية الجزائرية والمطارات والأساتذة..، وما نجم عن ذلك من تعطيل لمصالح المواطنين وتجميد فصل دراسي كامل، يهدد تلاميذ البكالوريا بالدخول في إضراب للمطالبة بالعتبة، حيث تحوّلت سلسلة الإضرابات إلى كابوس يعطل حياة الناس ويؤجل مصالحهم، فبالرغم من المطالب المشروعة التي ينادي بها المحتجون غير أن المواطن يدفع ثمن تعنت السلطات في الاستجابة للمطالب ما حول الإضرابات إلى وسيلة لتعذيب الجزائريين بالتقطير، في ظل حوار الطرشان مابين النقابات والسلطات.. شملت قطاعات حساسة واستمرت لأشهر الإضرابات تحوّل حياة المواطنين إلى جحيم لا تسافروا نحن في إضراب، لا تمرضوا نحن في إضراب، لن تتلقوا مرتباتكم لأننا في إضراب... وغيرها من العبارات التي يصطدم بها المواطن في كل مرة يقصدون فيها إحدى المؤسسات العمومية ليعودوا بخفي حنين، بعد أن يكتشفوا وجود أطراف تستغلهم كورقة ضغط وتساوم باسمهم السلطة لتحقيق مكاسب جديدة لها. بعد أن انفض إضراب الأساتذة والذي تسبب في ضياع فصل كامل على التلاميذ، ما جعل الأولياء يعلنون حالة الطوارئ باحثين عن حلول بديلة تساعد أبناءهم في استدراك الدروس قبل موعد الامتحانات الرسمية، ووجدوا الحل في مستودعات الدروس الخصوصية عند الأساتذة المضربين في وظائفهم الرسمية، وهي الظاهرة التي تتكرر في كل سنة، لتبدأ بعدها معاناة التلاميذ مع ما يسمى بتعويض الدروس والتي هي في الحقيقة مجرد حشو لا يفهم منه التلميذ شيئا. ليعود الإضراب المفاجئ والذي شنه مضيفو الطيران الأسبوع الماضي، وتسبب في إلغاء 95 ٪ من الرحلات الخارجية، كما أدخل المطار في شلل تام لكل الرحلات الداخلية والخارجية، ليذكر المواطنين بأنهم في كل مرة الضحية الأولى لسلسلة الإضرابات التي تتم بطريقة مفاجئة دون سابق إشعار، فيجد المواطن نفسه في واقع مفروض عليه تغيب فيه الحلول البديلة. إضراب كتاب الضبط وعمال البلديات بدوره تسبب في تعطيل مصالح الناس، حتى أن بعض المتهمين خلال إضراب المحامين قرروا التنازل عن دفاعهم حتى لا تطول مدة تواجدهم رهن الحبس المؤقت في المؤسسات العقابية. ولأن سلسلة الإضرابات المتواصلة حتمت على المواطن أن يتبعوا خططا بديلة في كل مرة لقضاء مصالحه، ويبقى المواطنون ضحية حوار الطرشان بين النقابات والسلطات ..
المكلف بالإعلام في "الكناباست" مسعود بودية إضراب الأساتذة جاء للحفاظ على مصلحة التلاميذ استنكر المكلف بالإعلام على مستوى المجلس الوطني المستقل لمستخدمي التدريس للقطاع ثلاثي الأطوار للتربية "الكناباست"، مسعود بوديبة، ما يروّج له بأن التلميذ ضحية إضرابات الأساتذة، وهي القصة التي تشهرها جهات معينة في كل مرة تعلن فيها هذه الفئة الدخول في إضراب ووصفها بالمغالطة، فالتلميذ هو المتضرر الأكبر من الظروف المزرية التي يعيشها الأستاذ وعندما تضيع حقوق هذا الأخير تضيع حقوق التلاميذ أيضا، معتبرا وجود النقابات أمر في صالح القطاع، فالنقابات في التربية دليل على الإجحاف والوضع المزري الذي يعانيه العاملون في هذا القطاع، وقد استطاع "الكناباست" على حد قوله تحقيق العديد من المكاسب، ورفض المتحدث تحميل نقابات التربية مسؤولية الإضرابات المتكررة مرجعا ذلك إلى تماطل وزارة التربية في التكفل بانشغالاتهم في كل مرة وتلاعبها، فهي تستجيب تحت الضغط وتوقع على محاضر ثم تتهرب من الالتزام بالاتفاقيات المبرمة بينهما مما يجعل ظاهرة الإضراب تتكرر من سنة لأخرى. واستطرد بوديبة بأن الوزارة لو استغلت هذه المكاسب التي أحرزها "الكناباست" كان حال قطاع التربية سيكون أفضل.
رئيس منظمة أولياء التلاميذ بن زينة علي: إضراب الأساتذة دفع التلاميذ إلى التهديد بالإضراب أكد رئيس المنظمة الوطنية لأولياء التلاميذ، بن زينة علي، أن تلاميذ البكالوريا يهددون يوميا بالدخول في إضراب للمطالبة بالعتبة بعدما خسروا فصلا كاملا بسبب إضراب الأساتذة، وكشف عن مشروع اتفاقية هم بصدد عرضها على وزارة التربية ووزارة العمل يطالبون فيها بإلغاء حق الإضراب بالنسبة للأساتذة، خاصة بعد أن أصدرت المحكمة الإدارية حكما بوقف الإضراب السابق ولم يستجيبوا لذلك، كما أن الوزارة تساهلت معهم. وأردف بن زينة بأن الأساتذة تعسفوا في استعمال هذا الحق، واستدل المتحدث بدراسة أوضحت بأن التلميذ الجزائري منذ عام 2003 إلى غاية هذه السنة قد ضيع سنتين دراسيتين أي ما يعادل 700 يوم تأخر، وواصل بن زينة بأن بعض النقابات أصبحت تستخدم التلاميذ كرهائن لتمرير مطالبهم الشخصية وليست للصالح العام، مثل: مطلب الترقية الآلية للأساتذة وهو مطلب غير شرعي لكونهم يطمحون للترقية في السلم الوظيفي من دون تكوين على حسب تصريحات المتحدث دوما، زيادة على أن بعض النقابات أصبحت تستغل التلاميذ وتبتز المجتمع والسلطة من خلال استغلال الإضراب والضغط بورقة الأبناء وهو ما تبين من خلال إضراب 16 فيفري الفارط، ولذا بات على الوزارة أن تجد حلا نهائيا للأزمة التي يتخبط فيها هذا القطاع.
رئيس الاتحادية الوطنية لمستخدمي الصحة عمار لكحل نرفض استعمال المريض كرهينة للحصول على مطالبنا قال رئيس الاتحادية الوطنية لمستخدمي قطاع الصحة، عمار لكحل، إنه يرفض استخدام المريض كرهينة في الاحتجاجات والإضرابات لتحقيق بعض المطالب والمكاسب المهنية، فلولا المريض لما كان موظفو الصحة، وأضاف المتحدث أنهم يلتزمون بقواعد الإضراب، التي تفرض عليهم ضمان الحد الأدنى من الخدمات، كما أنهم يميلون إلى لغة الحوار مع الوزارة الوصية قبل الدخول في الإضراب، واستطرد المتحدث أن مطالبهم في كل الاحتجاجات تتعلق بأمور مهنية تخدم القطاع: كالمناوبة الطبية والإدارية والشبه طبية، والتي تحسنت بعد عدة احتجاجات، غير أن المشكل الوحيد الذي لا زالوا يطالبون به منذ سنوات، يتعلق بمنحة العدوى والتي يدعون لتعميمها، وأردف رئيس الاتحادية أنه يرفض الإضراب من أجل الإضراب بالرغم من أنه حق دستوري حتى لا يكون مواطنون أبرياء ضحية هذا الخيار، ولا يصبح المواطن رهينة في يدهم. لذا يميلون للاحتجاجات البسيطة ويستنفذون كل الخيارات قبل استعمال هذا الحق، ويفضلون إطلاع الرأي العام على انشغالاتهم حتى يضمنوا مساندتهم المعنوية.
البروفسور مصطفى خياطي: تكرار الإضرابات في قطاع الصحة أثر سلبا على المرضى أوضح رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث العلمي"فورام"، مصطفى خياطي، أن تكرار الإضراب في كل مرة ينعكس سلبا على المرضى وذويهم، فهناك مسؤولية يتحملها عمال الصحة المضربون تفوق مطالبهم، واستطرد البروفيسور خياطي أن الاستعمال المفرط لبعض الحقوق يضر بالآخرين، فالإضرابات المتكررة تقابلها خدمة قليلة، باستثناء مصلحة الاستعجالات التي تستقبل الحالات الطارئة، وحدات الإنعاش والولادات، وهو ما يجعل المريض على حسب رأي رئيس هيئة "فورام" رهينة الإضرابات، خاصة وأن كل مريض هو في حد ذاته حالة طارئة، لذا يرى خياطي أنه يجب أن يمتد الحد الأدنى من الخدمات ليشمل جميع التخصصات باستثناء الفحوصات العادية.
الأمين العام لنقابة البريد مراد بن جدي نحرص على ضمان الحد الأدنى من الخدمات في كل إضراب أفاد الأمين العام لنقابة مؤسسة بريد الجزائر، مراد بن جدي، أن الإضراب هو آخر الحلول التي يلجؤون إليها عندما تغيب لغة الحوار، وتتهرب الجهات المسؤولة من تطبيق الاتفاقيات الجماعية ولا تحترم بنودها، فبالرغم من أنهم يرفضون اللجوء للإضراب لأن المواطن هو الضحية الوحيدة، غير أن الظروف التي كانت سائدة في الفترة السابقة ومع المدير العام للبريد السابق كانت تجبرهم على تبني هذا الخيار، لكنهم على حد قول المتحدث دوما يضمنون الحد الأدنى من الخدمات ويواصلون العمل حتى لا يتضرر المواطن، وواصل بن جدي تصريحاته بأن الظروف في الوقت الراهن قد تغيرت بقدوم المدير العام الجديد للبريد، وهم يسعون دائما لإيجاد حلول لمشاكلهم المهنية بعيدا عن حق الإضراب.
رئيس الاتحادية الوطنية للناقلين الخواص المواطن هو الضحية الوحيد لذا لم نضرب منذ 5 سنوات اعترف رئيس الاتحادية الوطنية للناقلين الخواص، بوشريط عبد القادر، بحرصهم الدائم على تبني لغة الحوار مع مديرية النقل والوزارة للتوصل إلى حلول للمشاكل التي تؤرق القطاع، قبل استخدام حق الإضراب حتى لا يكون المواطن هو الضحية، مثلما يحدث في كل مرة في جميع الإضرابات التي تشنها مختلف النقابات، وهو ما يبرر عدم تسجيل أي إضرابات أو شلل تام في سلك النقل الخاص منذ قرابة 5 سنوات، ليستدرك المتحدث بأن هناك بعض الخطوط يلجأ الناقلون على مستواها للإضراب احتجاجا على بعض المشاكل التي يصادفونها مع رجال الأمن أو اهتراء الطرقات، وهي إضرابات معزولة، أما الفدرالية لم تدعو لإضراب وطني منذ سنوات حتى لا يتضرر المواطن، وهو ما تعيه مديرية ووزارة النقل، فالإضراب هو محاولة للتأثير ولفت انتباه السلطة.
زبيدة عسول قاضية سابقة ورئيسة حزب: المواطن ضحية حوار"الطرشان" بين النقابات والسلطة أكدت القاضية السابقة ورئيسة حزب الاتحاد من أجل التغيير والرقي، زبيدة عسول، أن الإضراب حق دستوري ينظمه القانون يجب إشهاره مسبقا وتحديد مدته وأجاله، فإذا كانت المؤسسة الوصية رفعت دعوى أمام القضاء، فالقاضي هو من يراقب شرعيته فإذا حكم بأنه غير شرعي فيجب على المضربين أن يلتزموا بذلك، أما إذا تمسكوا بموقفهم فعلى الوزارة الوصية تطبيق الإجراءات الردعية القانونية حسب التنظيم الموجود في القطاع كخصم الأجور، وأضافت القاضية السابقة أنه في العادة عندما تختلف الإدارة الوصية مع المضربين يتم اللجوء للقضاء، واعتبرت عسول الإضرابات دلالة على انعدام الحوار والتشاور بين الإدارات الوصية ومستخدمي القطاع، فالسلطات العمومية لديها أسلوب فرض القرارات الفردية غير أن معظم الإضرابات، تكمل محدثتنا تتحدث عن مشاكل اجتماعية ومهنية للمضربين.
براهيم بهلولي أستاذ قانون ومحامي بعض النقابات تستغل الإضراب لتمرير شروط تعجيزية يرى أستاذ القانون بكلية الحقوق والمحامي المعتمد لدى مجلس قضاء العاصمة، الأستاذ إبراهيم بهلولي، بعض النقابات التي تنشط في قطاعات حساسة تمادت في استعمال حق الإضراب كالصحة والتربية، وقد تجاوزت كل الحدود، ضاربا لنا مثلا بنقابة التربية التي تختار الزمان والمكان لتمرير شروطها التعجيزية، خارقة بذلك القانون عند تقديمها طلبات تتعلق بنصوص قانونية منظمة كمطالبتهم بالتقاعد والترقية دون تكوين، فهذه النقابات تمارس نشاطاتها على أنقاض الضحايا، وشدد المحامي على أن الإضراب حق دستوري إلا أنه لا يجب استخدامه لتحقيق مطالب فئة معينة على حساب الصالح العام، مشيرا إلى أن المحاكم تستقبل الكثير من القضايا حول شرعية الإضرابات في القسم الاجتماعي على مستوى المحاكم الابتدائية، فيما يتعلق بالمؤسسات الخاصة والمحكمة الإدارية بالنسبة للوظيفة العمومية.