في آخر قصائده يحاكم محمود درويش الحالة الفلسطينية الإسرائيلية من خلال سيناريو يجمعه بعدوّه وقد سقطا في حفرة * ومن خلال هذه الفكرة الطريفة يقيم درويش مرافعة فلسفية وسياسية رفيعة تؤطرها السخرية: ولم نتحاور، تذكرت فقه الحوارات في العبث المشترك عندما قال لي سابقا: كل ما صار لي هو لي وما هو لك هو لي ولك. وبعد أن يطلب العدو منه مفاوضته يسأله الشاعر: عن أي شيء تفاوضني الآن في هذه الحفرة القبر/ قال: عن حصتي وعن حصتك من سدانا ومن قبرنا المشترك. * يترك درويش أفق القصيدة مفتوحا، لأن الوقت قد هرب وشذ المصير عن القاعدة/ههنا قاتل وقتيل ينامان في حفرة واحدة... وعلّ شاعر آخر أن يتابع هذا السيناريو إلى آخره!. * القصيدة الساخرة لمحمود درويش تبدأ بتخيل نفسه يسقط والعدو من الجو في نفس الحفرة وهي كناية ذكية عن الوضع في فلسطين وجاءت بعد قصيدة "أنت اليوم غيرك" التي أثارت فيما سبق ضجة خاصة وأنها تزامنت مع احتدام الصراع بين "فتح" و"حمس" ودخوله بعد 35 سنة إلى رام الله. * وتجدر الإشارة إلى أن الشاعر محمود درويش قد كان الضيف الاستثنائي لمهرجان الموسيقى العالمية الذي أقيم في دورته الثالثة من الثالث عشر ولغاية العشرين من جويلية المنصرم. وجاء حضوره بمناسبة العيد الثلاثين لدار أكث سود للنشر التي ترجمت أعماله إلى الفرنسية.