لا تزال عادة الذواقة تفرض وجودها في القرى، حيث تمتد هذه العادة التي حثنا عليها الدين الحنيف نظرا لما تكتسيه من أهمية في الترابط والتلاحم، غير أن وجودها في القرى أكثر بكثير من المدن، ومرد ذلك إلى اختلاف في الجانب العلائقي بين الأشخاص من جهة، أو تفاوت في الطبقات الاجتماعية سواء بين الأقارب أو بين الجيران، بالإضافة إلى عزة النفس التي تكون في بعض الأحيان دافعا لتراجع هذه العادة الأصيلة. ومفهوم هذه العادة هي إرسال مما قل أو كثر من مأكولات وأطباق وتبادلها فيما بين الجيران، حيث تقوم ربة البيت بإرسال قليل من بعض الأطباق إلى جارتها أو قريبتها، لتقوم هذه الأخيرة بإرسال شيئ آخر إليها وتبديان وجهة نظرهما في هذا الطبق، غير أننا خلال ملاحظتنا في الوقت الراهن أن هذه العادة بدأت في الانقراض في المدن بين الجيران ربما تعود إلى عدم وجود علاقة قوية بين الجيران، أو وجود أناس لا يرغبون في مخالطة جيرانهم، ويبقوا بعيدين عن هذا الواقع. إلا أن هذه العادة الفضيلة نجدها بكثرة في القرى، كون وجود تقارب كبير في الحالة الاجتماعية سواء بين الجيران أو الأهل، وبالتالي تمتد حتى بين الأصدقاء وعائلاتهم، ومما جاء في الأثر عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي جَارَيْنِ فَإِلَى أَيِّهِمَا أُهْدِي؟ قَالَ: "إِلَى أَقْرَبِهِمَا مِنْكِ بَابًا".