لشعبان خصوصية تميزه عن باقي شهور السنة فهو فاتحة الخير وموعد يسبق أفضل الشهور منزلة عند الله عز وجل، وفيه يتم التحضير لاستقبال شهر رمضان، كما له مميزات خاصة به يعكف الناس على إقامتها خلال أيامه، لم يتخلوا عنها إلى يومنا هذا، كل على طريقته، وللمسيليين لمستهم الخاصة في هذا الشهر. يمتاز شهر شعبان في كثير من مناطق الوطن بخصوصية معينة. ويعتبره الكثير من الناس نقطة انطلاق نحو التجديد المادي والروحي معا، كما يعتبر بداية لمرحلة ليست كسابقاتها لأسباب كثيرة، فيراه الناس فرصة لمحو الاخطاء وتجديد العهد بالإيمان، ولأن رمضان سيد الشهور وأفضلها عند الله عز وجل يلي شعبان مباشرة، فإن التحضيرات له تكاد تطغى على يومياته ولا يمر يوم إلا وتزداد وتيرة التحضيرات. أما مميزات شعبان في حد ذاته فهي كثيرة وتختلف من منطقة إلى أخرى في الجزائر كلها فبالإضافة إلى صوم أيام منه والاكثار من قراءة القرآن والصدقة فلشعبان مميزات أخرى أهمها التزاور الذي يؤكد ويزيد من حجم الترابط الأسري وتجعل الأسر من شعبان فرصة للم الشمل والاحتفال به بطرق تختلف من أسرة لأخرى لكنها تجتمع في هدف واحد وهو إحياء أيام شعبان في أجواء أسرية بحتة. التشعبين لدى المسيليين تختلف مظاهر أحياء أيام شعبان من منطقة لأخرى، ففي منطقة الوسط الجزائري وفي الولايات الداخلية مثل البويرة، المسيلة والمدية تكثر الزيارات العائلية فيما بينهم، وتزداد الروابط الأسرية تلاحما حيث تقوم الأسر بدعوة بناتها وأصهارهم للإجتماع في بيت الوالد في ليلة واحدة تكون فرصة لإلتقاء الاخوات مع بعضهم البعض، وهي فرصة أصبحت نادرة في وقت كثرت فيه المتاعب والمشاكل اليومية الاجتماعية، وأصبح شعبان فرصة لا تعوض للتشعبين وهي اللفظة التي تطلق على زيارة الفتيات المتزوجات لأهلهن في هذا الشهر الكريم. أما الأطباق المفضلة والتي تتقن السيدات عملها ويحرصن على طبخها في هذه المناسبة فهي الاطباق التقليدية، مثل الكسكسي بلحم الخروف أو الشخشوخة بالإضافة إلى الأطباق العصرية التي لا تخلو منها اللقاءات العائلية وتتواصل الدعوات بتقديم أنواع مختلفة من المأكولات التقليدية الأخرى كالرفيس بأنواعه والبغرير وغيرها. للأطباق التقليدية رونق لا بديل عنه تقبل العائلات المسيليين في أواخر شهر رمضان على تنويع مائدتها وطبخ أنواع متعددة يوميا، يتصدر طبق قائمة الأكل في ذلك اليوم مثل البغرير والرفيس وغيرها من المأكولات التقليدية التي يتم تبادلها بين الأقارب والجيران في صور مازالت تقاوم الاندثار رغم تغير نمط المعيشة، وما تزال الشخشوخة ومنذ القدم سيدة الأطباق الشعبية التقليدية في شهر شعبان، وهذا ما أكدته السيدة عائشة من منطقة المسيلة، وبينت شدة تعلق الأسر هناك بالأطباق التقليدية واعتمادها يوميا في شهر شعبان من أوله إلى آخره، وكل عائلة حسب طاقتها، وترى السيدة عائشة لشعبان في المنطقة خصوصياته المميزة وفيه يتم الاستعداد لشهر رمضان الكريم، وبما أن الاطباق التقليدية لا يتم طبخها في رمضان لثقلها على المعدة فقد وجد الناس في شعبان فرصة لتذوق هذه المأكولات قبل هجرها في شهر رمضان والإبتعاد عنها مؤقتا، كما يعتبر شهر شعبان لأغلب العائلات الجزائرية فترة يغتنمونها لإقامة أفراحهم خاصة الخطوبة التي تكتمل بالعرس بعد شهر رمضان، وبالإضافة إلى كل هذه التقاليد المميزة يحرص الجزائريون على صيام أيام من شعبان ويغتنمون فيه قراءة القرآن والدعاء. ومهما اختلفت العادات والتقاليد فلشعبان متعته الخاصة التي تختلف لذتها من منطقة لأخرى، وكلها تجتمع لتؤسس للطابع المتميز لعادات الجزائريين الذين يحرصون دائما على إضفاء نكهة مميزة على كل مناسبة، خاصة الدينية منها، تقول السيدة عائشة في هذا المجال إن العائلات ورثت الاحتفال بالأيام الدينية جيلا عن جيل واعتبرت عدم إحيائها خطأ لا يغتفر، كما أن العائلات تحرص على عدم الفرقة والحرص على إبراز مظاهر التراحم في هذه الأشهر خاصة شعبان ورمضان والعيدين.