يكتبون العربية بأحرف لاتينية تكتب بها اللغة الفرنسية، ويكتبون الفرنسية بأحرف عربية، وبين هذا وذاك صارت السلطة والقيادة وحدها للعامية التي تمكنت من مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر على وجه الخصوص. في فرنسا يندبون حظهم ويرون بأن الفايس بوك هو الذي طعن اللغة الفرنسية في الظهر، وصاروا يقدمون جوائز وتحفيزات مادية لكل من يعمل على تطوير وتطهير اللغة الفرنسية من الإسبانية والانجليزية وبقية اللغات. وباستثناء المتواصلين باللغة الإنجليزية الذين لا يُحرّفون لغة تواصلهم، فإن لغة عربية جديدة لا علاقة لها بلغة سيبويه أو لغة القرآن الكريم، ظهرت بقوة في الفترة الأخيرة، نراها لغة تواصل فايسبوكية لا يستعملها محدودي التعليم فقط، وإنما الجميع بما فيهم الطلبة والأساتذة الجامعيين، وحتى الأدباء المعروفين في فن الشعر والأدب والرواية العربية، كما اختصر المتواصلون باللغة الفرنسية هاته اللغة الجميلة فقتلوا قواعد النحو والإملاء الفرنسية، وصارت الكلمة التي فيها قرابة العشرة أحرف أو أكثر، تُكتب في أربعة أو خمسة أحرف، وهناك من يقول بأن كل هواة الفايس بوك في الجزائر من المعربين والمفرنسين صاروا يتعاملون بالدارجة والعامية ولا يرون أي حرج في تحويلها إلى لغة للتدريس بما فيهم السيدة نورية بن غبريك وزيرة التربية الوطنية التي تتواصل مع الآلاف عبر الفايس بوك وتويتر. وإذا كان تواصلها يتم بلغة فرنسية راقية وسليمة فإن الذين يتجاذبون معها أطراف الحديث أو ينتقدونها يردون عليها عبر الفايس بوك، إما بفرنسية متكوبة بأحرف عربية أو بعربية مكتوبة بأحرف لاتينية، وهي عامية أوحت للوزيرة جس نبض الشارع في جعلها لغة تدريس، كما هي حاليا لغة فايس بوك، مع استحالة توجيه زوار الفايس بوك نحو تهذيب لغتهم وترقيتها لأن فيهم من لم يبلغ مستوى الثانوية. وما زاد في تشجيع الوزيرة السيدة نورية بن غبريط، هو أن الكثير من الوزراء والمسؤولين الكبار لم يتوقف حديثهم عند العامية بل صاروا يكتبون خرجاتهم وآراءهم وبرامجهم أيضا بالعامية تماما كما يفعل غالبية المسؤولين العرب في تونس والمغرب وسوريا ومصر، ولكنهم لم يصلوا إلى درجة المطالبة ببرمجة التعليم بالعامية لأنهم يعلمون بأنها لهجة تفريق بين الشعوب العربية، وحتى الأئمة الجزائريين الذين فتحوا حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي استهوتهم الحكاية فصاروا يكتبون عربيتهم بأحرف لاتينية ولا يجدون أي حرج في التحدث أو شرح آيات قرآنية كريمة وأحاديث نبوية شريفة بالعامية بحجة إيصال الرسالة إلى عدد كبير من المواطنين.