إبقاء باب التوبة مفتوحا أمام الراغبين في العودة إنتهى إجتماع مجلس الوزراء، بتأكيد عزم الدولة على "تسخير قوة القانون لضمان أمن المواطنين والممتلكات الى غاية دحر الارهاب الذي نبذه الشعب الجزائري عن بكرة أبيه"، وبالمقابل جدّد مجلس الوزراء الذي ترأسه، الأحد، الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، تمسكه بمواصلة تنفيذ مسار المصالحة الوطنية، "الخيار الذي زكته الأمة بكل سيادة والرامي الى تضميد جراحها الغائرة"، مضيفا "المصالحة الوطنية التي تسهم أيضا في التعجيل بنهاية آفة الإرهاب بالجزائر". * * إبقاء أبواب التوبة مفتوحة أمام "المغرر بهم" ضربة موجعة "للجماعة السلفية" * * إجتماع مجلس الوزارء، الثاني من نوعه بعد إستخلاف أحمد أويحيى لعبد العزيز بلخادم، كان مناسبة للترحم على أرواح ضحايا الاعتداءت الارهابية الغاشمة التي إقترفتها قبل ايام أيادي التنظيم المسمى "الجماعة السلفية للدعوة والقتال"، بكل من يسر والبويرة وزموري وتيزي وزو وسكيكدة وجيجل وباتنة، مخلفة عشرات الضحايا وسط أفراد الأمن والجيش والمدنيين، وقد أعرب مجلس الوزراء في بيانه عن تعاطفه الكامل مع ذويهم. ولم يفوّت مجلس الوزراء إجتماعه، ليؤكد إدانته الشديدة "لمرتكبي هذه الجرائم الارهابية الذين خرجوا عن صف الأمة"، كما نوّه بتفاني قوات الأمن في مكافحة الفلول الارهابية والقضاء عليها، وأزجى تحية العرفان والإكبار لشهداء الواجب الوطني ممن سقطوا في كمائن وتفجيرات إرهابية. * تمسّك مجلس الوزراء بمواصلة محاربة بقايا الإرهاب، وبالمقابل، تجديد تمسكه بالإستمرار في تنفيذ مسار السلم والمصالحة الوطنية، يأتي بعد أيام فقط، من بيان مجلس الحكومة، بعد الإعتداءين الإنتحاريين بيسر والبويرة، وخلّفا ما لا يقل عن 56 ضحية، جدد إستمرارها في تطبيق ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، الذي جنّب الجزائريين المزيد من المآسي، وبالموازاة مع ذلك، أبدت إصرارها على مكافحة الإرهاب ومطاردة الإرهابيين إلى غاية القضاء عليهم نهائيا. * ويعكس "موقف" الدولة الثابت بشأن إستراتيجية تسوية الملف الأمني والأزمة الدموية في البلاد، فشل بعض المحاولات اليائسة الرامية حسب ما سجله مراقبون، إلى التحريض على التراجع عن مسعى السلم والمصالحة، سواء من خلال التشكيك في "حصيلة" هذا المسعى من طرف بعض الأوساط المعادية لإستقرار الجزائر، أو عن طريق تكالب إرهابي تبناه تنظيم "الجماعة السلفية"، كثفت فيه إعتداءاتها الإجرامية وتفجيراتها الإنتحارية، في محاولة منها إيهام الرأي العام ب "قوة" التنظيم المسلح و"قدرته" على تنفيذ إعتداءات إجرامية "في أي مكان وأي زمان"(...) !. * وفي سياق متصل، يرى مراقبون، أن تمسك الدولة (الحكومة-مجلس الوزراء) "بمواصلة تنفيذ مسعى السلم والمصالحة"، هو بمثابة "ضربة سياسية" قاصمة تضاف إلى الضربات العسكرية التي توجهها قوات الأمن والجيش الوطني الشعبي، للعناصر المسلحة التي مازالت ترفض التوبة والإستسلام والتخلي عن النشاط الإرهابي، والإستفادة من تدابير العفو والإجراءات العقابية التخفيفية المتضمنة في ميثاق السلم والمصالحة، الذي زكاه الجزائريون في إستفتاء شعبي، في سبتمبر 2005. * الإصرار على إبقاء أبواب الصفح والرحمة والغفران مفتوحة في وجه "المغرر بهم"، يقابله الإلحاح على مواصلة عمليات مكافحة الإرهاب وملاحقة الإرهابيين، وكذا تأمين حياة الجزائريين وحماية مختلف المنشآت العامة والخاصة، كواجب فروض على المؤسسات الدستورية. * سياسيا، فإن تجديد الدعوة إلى المسلحين للإلتحاق بنظرائهم التائبين و"الإندماج في المجتمع" مع تحمل المسؤوليات والإنصياع للقانون، حسب مضمون مراسيم ميثاق السلم والمصالحة، بوسعه حسب مراقبين، أن يعزز رصيد السلم والإستقرار، والمساهمة في غلق ملف "المأساة الوطنية"، وكذا "إغراء" المسلحين المترددين في التوبة، وتشجيعهم على تسليم أنفسهم وأسلحتهم، وفق "ضمانات وإمتيازات" ميثاق السلم الذي مكّن آلاف المسلحين من العودة وفق شعار: طي الصفحة وعدم تمزيقها.