كان كافيا أن يتلقى ثلاثة مراهقين يهود قذفا بالحجارة في قلب باريس لتتحول عاصمة الجن والملائكة إلى مدينة يخفق قلبها بدقات يهودية متسارعة.. * باريس نست منذ يومين كل المآسي التي تقع على أرضها، ونست رئيسها الذي يجوب العالم هذه الأيام بحثا عن موقع لفرنسا في الشرق الأوسط وشمال شرق أوربا، واهتمت فقط بما حدث لثلاثة أصدقاء يهود كانوا يجوبون المدينة الساحرة بأمان يضعون على رؤوسهم القلنسوة اليهودية، لينزل على رؤوسهم مطر من الحجارة لم يصبهم اطلاقا بذات الأذى الذي يتعرض له المسلمون في قلب عاصمة النور ولا يمكن مقارنته بما يحدث في قلب فلسطين للأبرياء. * عمدة باريس قال إنه يرفض مثل هاته الأعمال (العنصرية) ووالد أحد الضحايا اليهود حاضر عن الجالية اليهودية التي لا هم لها في الحياة سوى العيش في سلام باجتهاد الآباء في عملهم واجتهاد الأبناء في دراستهم لخدمة فرنسا، وراح يتمنى لو سارت الجالية المعادية على نهج اليهود المسالمين، وهو يقصد العرب والمسلمين، وتكررت اسطوانة معاداة السامية والتشدد الإسلامي ودين الأحقاد بسبب جروح طفيفة أو رعشة خوف انتابت ثلاثة صبية يهود ساحوا في باريس الساحرة. المشكلة أن بعض أئمة باريس، وفي عز الشهر الفضيل، تناسوا مآسينا في كل دول العالم وفي قلب القدس الشريف وراحوا يدعون للتعقل والتسامح، لابسين تهمة معاداة السامية من الجوارب إلى الشاشية، رغم أن مصدر الحجارة كان مجهولا لديهم، وقد لا يكون هناك مصدر لها أصلا. * * هكذا هم اليهود استغلوا انتصاراتهم منذ 1948 لخدمة قضيتهم واستغلوا هزيمتهم عام 2006 لشحن دول العالم ضد أعدائهم ويستغلون الآن اللاشيء لصناعة أشيائهم. * * أولمرت قالها مؤخرا أنه اكتشف أن فرنسا هي أهم حليف لإسرائيل على مدى الأزمات، وهو لم يكشف سرا؛ ففرنسا هي التي فتحت حدودها عام 1933 ليهود ألمان ليعيشوا في مدنها معززين مكرمين، وفرنسا هي التي ساهمت في نقل ستين ألف يهودي إلى القدس عام 1948، وفرنسا هي مهندسة ومنفذة العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 مناصفة مع انجلترا من أجل اسرائيل، وفرنسا هي التي سعت لتهجير يهود مصر والمغرب العربي في الستينات نحو فرنسا ومنحتهم كل الامتيازات وأعلى المناصب، وفرنسا تجمع حاليا على أرضها مليون يهودي تصدر منهم كل عام ألفين إلى (أرض الميعاد)، وفرنسا هي التي سمحت لليهود بإنشاء ثلاثين منظمة تنشط علنا وبنت لهم ستين ديرا ومئة مدرسة يهودية في باريس وحدها. * * نخشى بعد هذا أن نقول إن فرنسا هي التي أنشأت إسرائيل، ولكننا لن نخشى أن نقول أنها هي التي تحميها الآن، ولا نخشى أن نقول أن باريس صارت فعلا عاصمة الجن والشياطين.