اتهم القس »نيكولا جيل« الحكومة الجزائرية بتقنين ممارسة القمع ضد المسيحيين، معتبرا قانون ممارسة الشعائر الدينية، الذي صادق عليه مجلس الوزراء، جاء ليفتح الأبواب للمؤسسات الجزائرية لتمارس المضايقات وتعرقل الممارسات وتقمع الحريات الدينية للجاليات المسيحية المتواجدة في الجزائر، وقد اتهم الجزائر بطرد اليهود بعد الاستقلال، الأمر الذي كبّدها خسائر فادحة. الندوة، التي نظمت بدار الثقافة بالمدية على هامش الصالون الرابع للكتاب، انتهزها القس »نيكولا جيل« ليطلق سيْلا من الاتهامات ضد الحكومة الجزائرية والمؤسسات الرسمية، معتبرا إيّاها تمارس القمع ضد الجاليات المسيحية المتواجدة في الجزائر، مذكرا بالقوانين والمراسيم التي أصدرتها الحكومة الجزائرية في السنوات الأخيرة، المتعلقة بممارسة الشعائر الدينية للجاليات غير المسلمة، مشيرا بلغة دبلوماسية فيها الكثير من الامتعاض منها، كونها حسب القس نيكولا جيل لا تساعد في ترقية التسامح الديني والحوار بين الأديان، وتضع قيودا وحواجز ضد الجاليات الدينية غير المسلمة في الجزائر، مذكرا بحادثة اغتيال رهبان منطقة تبحرين.القس نيكولا جيل عرض على مسامع من حضر الندوة ما سمّاها حالات القمع والمضايقات الكثيرة حسبه إلا انه اكتفى ببعضها، مقدما رفض والي ولاية ورقلة نموذجا لهذه الحالات عندما رفض الوالي طلب أحد القساوسة إقامة قداس في ليلة الميلاد لمجموعة من العمال الإيطاليين، وحالة منع مصالح الدرك الوطني لأحد القساوسة الذي استعان بطبيب جزائري لتقديم ما سمّاها مساعدات طبية للفقراء في إحدى ولايات الغرب الجزائري، ليعلن استهجانه من طرد رئيس الكنيسة البروتستانتية، مستغربا كيف يمكن طرد رجل أمريكي عاش في الجزائر أكثر من ثلاثين عاما، ليرتفع استغرابه من مجلس الدولة الذي رفض النظر في طعنه لعدم اختصاصه. القس نيكولا جيل ذهب أبعد من هذه الاتهامات، مضيفا إليها تهما أكثر خطورة عندما اتهم الجزائر بطرد اليهود بعد الاستقلال، معتبرا أن الجزائر تكبّدت خسائر كبيرة بخروج اليهود، معتبرا ذلك من القرارات التي ساهمت في خلق التعصّب ومهدت لعدم قيام أجواء وثقافة تسامح الجزائريين مع المسيحيين واليهود.وفي سياق سجل اتهامات القس نيكولا جيل لم يتوان في تحميل وسائل الإعلام مسؤولية تأجيج الخلاف بين المسيحيين والمسلمين، ليلقى باللوم على الصحافة عندما تطرقت إلى حملات التنصير الذي تمارسها الكنائس في عدة مناطق من الوطن، معتبرا إيّاها تختلق الحوادث وتضخم الأحداث. القس نيكولا جيل ختم مرافعته المثقلة بالاتهامات بتوجيه نصيحة للجزائريين معتبرا نصيحته أمنية يحلم بأن يسمعها الجزائريون، ويعملوا على تحقيقها له، والمتمثلة في قيام نهضة ثقافية ومراجعة شاملة لرؤية الآخر، وبالذات إدخال تعديلات جوهرية في المنظومة التربوية، حتى تنشأ أجيال بعيدة حسبه عن التطرف ومتشبعة بالتسامح مع الآخرين.الندوة عرفت تدخل الدكتور محمد عبد النبي، الذي اكتفى بعرض بعض المبادئ والقضايا النظرية لفلسفة التسامح في الإسلام، متجنبا الخوض في اتهامات القس نيكولا جيل، ليذهب بعيدا عن الجزائر، مشيرا إلى احتلال العراق وحصار غزة، مؤكدا أن المشكلة تكمن في النخب الغربية الحاكمة، وأن الشعوب الغربية طيبة ومتسامحة، مقدما إساءات البابا والرسوم المسيئة نموذجا لهذه النخب المتطرفة.للتنبيه، نيكولا جيل يحمل الجنسية الجزائرية ومقيم في الجزائر منذ السبعينيات ومتعاقد من المركز الجامعي بالمدية.