نفي رضا مالك أن تكون هناك جوانب سرية من اتفاقيات إيفيان غير معروفة، مؤكدا أن ما تداولته بعض الأوساط الفرنسية ومنهم الرئيس الفرنسي الأسبق ساركوزي، أنه يجب إعادة النظر في إتفاقيات إيفيان كلام لا معنى له ومجانب للحقيقية. وأضاف رضا مالك أمس، في محاضرة ألقاها في قصر الثقافة بدعوة من مؤسسة سليمان عميرات أن الرئيس الراحل هواري بومدين أبدى موافقة مبدئية على تجارب نووية فرنسية تجرى في الصحراء الجزائرية، لكن الاتفاق لم يذهب بعيد. وعاد رضا مالك من خلال محاضراته إلى الأجواء التي جرت فيها المفاوضات التي كانت شاقة ومجهدة بذل خلالها قادة الثورة جهودا جبارة ليس فقط لتفنيد الادعاءات الفرنسية ومحاولاته المتكررة لعزل الثورة، ولكن أيضا التحلي باليقظة والتفطن لمختلف المؤامرات التي كانت تحاك ضد الحكومة المؤقتة، الناطق الرسمي باسم الشعب وثورته، حيث كشف رضا مالك أن مصر كانت تريد أن تجعل من الحكومة المؤقتة جهازا مواليا لها. وكشف رضا مالك أن الرئيس الحبيب بورقيبة كان يريد أن يقتطع جزءا من الصحراء الجزائرية و قد سعى لدى الجنرال ديغول لهذا الأمر، لكن محاولاته باءت بالفشل أولا للإصرار الذي أبداه الثوار الجزائريون وتأكيدهم على الوحدة الترابية، ولأن الطرف الفرنسي لم يبد كثيرا من الاهتمام بالعرض الذي قدمه بورقيبة، وقد تواصلت المؤامرات التي حيكت ضد الثورة من طرف الجنرال ديغول لإضعاف الموقف التفاوضي للثوار الجزائريين، وهذا عبر سعيه لإيجاد طرف ثالث في المفاوضات من خلال اتصالات سرية ببعض العناصر من الولاية الرابعة للوصول لوقف إطلاق النار، لكنها أيضا باءت بالفشل بفضل يقظة وصرامة قادة الثورة. رضا مالك عاد من خلال محاضرته في عرض مفصل للظروف التي شهدت ميلاد الحكومة المؤقتة والضغوط الدولية التي توالت على ديغول وساهمت في تقوية موقف الثوار، منها الاعتراف الدولي بالحكومة المؤقتة من طرف الدول العربية والأجنبية منها العراق وروسيا والمغرب ومصر وغيرها، ما دفع بديغول إلى الاشتراط قبل الدخول في المفاوضات إلى عدم تدخل أي دولة عربية على الخط، وهذا ما رحب به الثوار لأن الجزائر أرادت دائما أن تؤكد استقلاليتها عن أي جهة كانت حتى لو كانت صديقة.
كما كشف رضا مالك أن مؤتمر طرابلس كان يمكن أن يشهد تسليم الحكومة المؤقتة لمهامها لمجلس تأسيسي تنبثق منه قيادة جديد لكن للأسف -يقول مالك - أن اجتماع طرابلس بقي مفتوحا وتعقدت الأمور بعد الخلاف الذي شب بين قيادة الأركان والحكومة المؤقتة، وقد لمح رضا مالك لكون بومدين كان منذ البداية يريد السلطة وأن بن بلة كان متحمسا ومنتصرا للخيار الاشتراكي في اجتماع طرابلس. وتعليقا على عودة الحديث عن اغتيال عبان رمضان قال مالك إن عبان كان رجلا صارما وجادا، وحزن الجميع لفقدانه، لأنه كان قادرا على تقديم الكثير للثورة والبلد، لكن هذا منطق الثورات وما يحدث فيها.