أعاب الفنان الكبير، عبد الله المناعي، في لقاء خصّ به "الشروق"، على هامش إحيائه للبرايم السابع من "ألحان وشباب7"، جيل المُغنيين الجُدد لجريهم وراء الكسب المادي على حساب تقديمهم فنا جيدا، مُشيرا أنه لن يقدم ألبوما جديدا لأنه "هرم" -حسبه- على تسجيل الأغاني. مُثمنا في المقابل، برامج اكتشاف المواهب على غرار "ألحان وشباب" التي تخرّجت منها أصوات أضحت اليوم مسموعة في جُل البلاد العربية. فرضتُ محمد الخامس في "تيمقاد" فرضا بداية، اعتبر الفنان القدير "أن رعاية الأصوات الجديدة والاحتكاك بها هي مسؤولية الجيل القديم، خاصة لجهة الأخلاق والثقافة الفنية". لافتا أن مدرسة "ألحان وشباب" حققت هذه المعادلة الصعبة، من خلال تأطيرها للطلبة على يد أساتذة متخصصين في الميدان الموسيقي. وأعطى الفنان الكبير خلال حديثه مع "الشروق"، كمثال على ذلك، رعايته الشخصية للصوت الواعد محمد الخامس زغدي، خريج "ألحان وشباب4"، الذي سبق وتقدم لبرنامج "آراب أيدول" وبلغ نهائيات برنامج "محمد عبدو..وفنان العرب" على قناة "دبي"، حيث قال المناعي بشأنه: "منحته أكثر من فرصة بعدما وجدت فيه بذرة أمل.. ففرضته على مهرجان "تيمقاد"وأعطيته فرصة اعتلاء أهم ركح وصرح فني، حتى من دون أن أستشير القائمين على الديوان الوطني للثقافة والإعلام!!، كما فرضته على منظمي الحفلات في تونس وهذا من باب إيماني بموهبته " .
وادي سوف تحتوي على أصوات جبارة ولكن.. ورأى المناعي، أن فنان الخليج الأول محمد عبده، أُعجب بصوت زغدي (ابن منطقة وادي سوف) لأن الأخير كان مهيأ لبرنامج مثل "فنان العرب".. قبل أن يضيف: "محمد عبده فنان حسّاس جدا والمطربة أصالة كذلك، لهذا تحمسا لزغدي.. ما أريد قوله هنا، أن الرعاية لا يجب أن تكون داخل "المدرسة" فحسب، بل بعد نهاية البرنامج أيضا. فهذه الأصوات الفتية في الأخير هي امتداد لي ولدرياسة ولخليفي أحمد وغيرهم". مشددا أن بروز "تلميذه" محمد الخامس، ووصوله إلى برامج فنية مهمة كان وراءه فنان اسمه عبد الله المناعي. مُعتبرا أن "منطقة وادي سوف تحتوي على أصوات جميلة وجبارة، ولأنها لم تحظ برعاية خاصة، لازالت تعيش في الظل".!!
مطلب أتمنى من وزارة الثقافة أخذه بعين الاعتبار في السياق، رافع المناعي لمواهب ولاية وادي سوف. قائلا إنها منطقة تحتوي على مواهب ليس في الغناء فحسب، بل في التمثيل والشعر والقصة أيضا: "لو كان الأمر بيدي، وسمح سني بذلك، لأسست مدرسة تجوب مختلف الولايات الصحراوية لتقديم هذه المواهب..وهو مطلب أتمنى من وزارة الثقافة أخذه بعين الاعتبار وتجسيده على أرض الواقع. وادي سوف قبلة فنية وثقافية مهمة، لدينا المسرح المغاربي والخط العربي..المطلوب فقط قليل من الاهتمام بمنطقة وادي سوف".
إجحاف في حق مريم وفاء في المقابل، اعتبر المناعي أنه والراحل محمد بوليفة كانا أفضل من مثّلا الجزائر في الأسابيع الثقافية في الخارج، إما من خلال فنهما أو لباسهما التقليدي وثقافتهما الفنية: "اسألوا السعوديين والقطريين واليمنيين وكل العرب ماذا قدمنا أنا وبوليفة لأجل تمثيل الجزائر أحسن تمثيل؟؟. وللأمانة التاريخية، أحب أن أقول إن المسؤولين على الثقافة وقتها، أخطأوا حين امتنعوا عن إرسال الفنانة الكبيرة مريم وفاء معنا لتمثيل المرأة الجزائرية في تلك الأسابيع رغم شهرتها أنذاك.. وهذا ما أعتبره شخصيا تقصيرا كبيرا في حقها". لافتا أن الجزائر لم تهتم به رغم كل ما قدمه للفن السُوفي والأغنية الجزائرية عموما.
هذا الفرق بين جيلي وجيل الأغنية الحالية من جهة أخرى، رأى الفنان القدير أن جيله نحث في الصخر حتى بلغ المكانة التي وصلها: "الشهرة على أيامنا لم تكن سهلة المنال مثل اليوم، فجيلنا كان يخطف الحرفة خطفا..كنا نتنافس لأجل من يقدم أغنية جميلة حتى يرد عليه منافسه بأغنية أجمل..إنما اليوم اختلفت الكثير من الأمور، وصرنا نشاهد فنانين للأسف لا يهمهم سوى جمع المال أو "عومار" كما يُسميه بعضهم؟؟". واختتم مناعي حديثه مع "الشروق"، بتوجيهه نصيحة للجيل الجديد بضرورة الاستقامة أخلاقيا، وأن لا يتطاولوا على من سبقوهم. قائلا: "عليهم أن ينادوني بالسي مناعي".. وحول إمكانية أن يقدم ألبوما غنائيا جديدا؟، ضحك الفنان القدير وهو يقول: "كبرتُ على تسجيل الألبومات. وأعتقد أن وقوفي وحضوري على المسرح يكفي كثيرا لاسترجاع فن وأغان لا تموت بالتقادم، خاصة وأن أعمالي لا يستطيع تقديمها فنان آخر غير المناعي".