عبرت عدة مؤسسات إنجاز بورقلة، عن امتعاضها الشديد من ترحيل الرعايا الأفارقة، بعد جريمة القتل الأخيرة التي راح ضحيتها الشاب عز الدين بن سعيد 26 سنة من حي سعيد عتبة قبل أسبوع. ورصدت "الشروق" آراء بعض المقاولين الناشطين بالمنطقة عقب ترحيل المئات من الأفارقة الذين كانوا يعيشون في مركز الإيواء. ومعلوم أن هؤلاء الأفارقة يغطون نسبة 60 من اليد العاملة المحلية بورقلة ويعملون في العديد من ورشات البناء العاملة، على غرار حي النصر، بلديتي سيدي خويلد، الرويسات، ولم يتقبل عدد من المقاولين ترحيل أزيد من 1000 إفريقي إلى حد الساعة في انتظار دفعات أخرى نحو ولاية تمنراست قبل إيصالهم إلى بلدانهم الأصلية . ويظل الشارع بين مؤيد ومعارض لعملية الترحيل في حين توقفت عدة مشاريع منها الضرورية، حيث يرى بعض المقاولين أن الترحيل سوف يساهم في أزمة اليد العاملة في المشاريع التنموية بالولاية، كونهم هم المتضرر أمام رفض أبناء المنطقة العمل في ورشات البناء.
... دفاع مستميت عن الأفارقة والشباب يرفض العمل ودافع عدد من المقاولين بورقلة عن الأفارقة ضد ترحيلهم، مؤكدين أنه لا ذنب لهم، عقب جريمة قتل نفذها شخص واحد، وأنه من غير المنطقي ترحيل عدد كبير من الأفارقة بسبب سلوك فردي، رغم أن الجريمة نكراء ولا مبرر لها، لكن كان على السلطات الوصية تنظيم بقاء هؤلاء بطريقة قانونية، تكون في خدمة المنطقة وليس العكس، خاصة بعد نزولهم إلى ورقلة منذ سنوات وأصبحوا من أهلها، دون نكران جميل هؤلاء في ورشات البناء ومساهمتهم الفعالة في التنمية بالمنطقة. وحسب تصريح أحد المقاولين ل"الشروق"، فإنه رغم الحرارة الشديدة التي تشهدها عاصمة الواحات ورقلة في أشهر الصيف، إلا أن ذلك لم يمنع الأفارقة القاطنين بالمنطقة، من العمل ليل نهار، بداية من الساعة الخامسة صباحا إلى منتصف الليل، وهذا للقيام بأشغال شاقة في مجال البناء تحت أشعة الشمس اللافحة والقاتلة أحيانا ليوم كامل مقابل 1000 دج، وتجدهم كل فجر بمحاذاة المستودع المخصص لهم للمبيت من قبل السلطات المحلية بحي سعيد عتبة، بأعداد هائلة ينتظرون عروض العمل المقدمة من طرف الخواص، بينما يرفض أبناء المنطقة العمل في ورشات البناء بمبلغ 2000 دج، ويفضلون النوم إلى ما بعد الظهر دون مبالاتهم بشيء وهمهم الوحيد العمل بالشركات البترولية الناشطة بحوض حاسي مسعود وغيرها. ويرى مواطنون ترحيل هؤلاء الأفارقة أكثر من ضرورة، حيث سئموا الجرائم التي أضحوا يرتكبونها يوميا، جرّاء حملهم الأسلحة البيضاء وأصبحوا مصدر خطر دائم، وباتوا خائفين حتى على فلذات أكبادهم من عمليات الاختطاف لاستعمالهم في السحر والشعوذة، بعد تسجيل حادثة اختطاف طفل من قبل 03 حرّاقة أفارقة وربطه ووضعه في حجرة لتغسيل الموتى بمقبرة سيدي منصور بحي المخادمة السنة ما قبل الماضية، ومقتل شاب من نفس الجهة على أيديهم، فضلا عن الأمراض الخطيرة التي أضحت تنتشر بالمنطقة بسببهم، السيدا مثلا.
... جئنا من أجل العيش الكريم ولا نستحق الترحيل جماعيا كشف ل"الشروق" أحد الأفارقة المرحلين، يدعى "إسحاق"، يعمل بنّاء، من دولة غامبيا، متزوج وأب ل 03 أطفال، أنه تأسف للواقعة التي جاءت إثر حادث فردي وليس جماعيا. كما تأسف لوضعه، بعد حلوله بالجزائر عبر بوابة عين قزام بولاية تمنراست بطريقة غير قانونية للبحث عن عمل يعيل به أسرته الفقيرة حسبه، وبعد بقائه مدة 06 أشهر في تمنراست دون عمل، نصحه أحد الأصدقاء بالتنقل إلى ورقلة، إذا أراد أن يشتغل. وفعلا عمل بالنصيحة وانتقل إلى عاصمة الواحات، ووجد عملا في الحين كبناء لدى مقاول من الخواص، ولقي كل الترحاب بالمنطقة. كما حدثنا "إسحاق" عن العمل في ورقلة كونه اعتنق الدين الإسلامي في غامبيا، أنه رغم الجو الحار والطبيعة القاسية التي تشبه بلده إلا أنه يجد متعة في العمل ولم يشعر أبدا بالغربة، خاصة ما تقوم به بعض الجمعيات الخيرية بالمنطقة من كسوتهم وإطعامهم.