تعيش مدن المقاطعة الإدارية لجانت بجنوب ولاية إيليزي، أزمة إسمنت حادة، خلال الأشهر والأسابيع الأخيرة، ووصلت خلال آخر حصة للمنطقة من شاحنات نقل الاسمنت، إلى عملية اقتحام وصعود المواطنين فوق الشاحنات. وهي حادثة كادت تتحول إلى مشادات بين المواطنين، وهذا للحصول على أكياس من المادة، بطريقة تعبّر عن اللهفة التي يبديها المواطنون والمقاولون، بعد أن عجزت كل الحلول المقترحة، والطلبات التي رفعها ولاة الولاية، والمقاطعة ومديرية التجارة بولاية إيليزي، بمنح المنطقة ما يكفيها من الاسمنت الكفيلة بتحريك المشاريع الجاري انجازها بجنوب الولاية. ويأتي مشكل الاسمنت على هذه الشاكلة ليزيد من سوق المقاولات بالولاية إرباكا، عقب الإجراءات التي أدت إلى تجميد أكبر عدد من المشاريع القطاعية، الممركزة وغير الممركزة، رغم الأهمية القصوى التي تكتسيها بالنسبة للمواطن العادي، حيث تكشف أرقام مستقاة من مسؤولي قطاع التجارة، بجنوب ولاية إيليزي، إلى احتياجات تفوق ال 4 آلاف طن شهريا بالنسبة لبلديات جنوب إيليزي، وهي برج الحواس وجانت، فيما تعتبر الكميات التي تصل المنطقة محدودة وبعيدة تماما عن أن تكون في متناول سوق المقاولات وسد حاجيات المواطنين من المادة، وكرّس انطلاق مشاريع خارج المخططات التنموية، خاصة تلك الموجودة على مستوى الحدود، في إطار مشاريع تابعة للهيئات النظامية وأغلبها غير خاضعة للتجميد، والمشاريع السكنية المنطلقة منذ سنوات، ومرافق وتجهيزات عمومية يجري انجازها، وجهة للكميات التي تتحصل عليها وحدة التوزيع بالمنطقة، ما جعل أغلب المقاولين، في حالة من التوقف الإجباري أو الانجاز بوتيرة متقطعة وضعيفة، بسبب ندرة الاسمنت والتي تعود، وفق عارفين للسوق، ومسؤولين متابعين للملف، لعدة اعتبارات، بينها الاضطرابات التي تعرفها مصانع الإنتاج التي تزوّد المنطقة، والتوقفات الخاصة بالصيانة، وإضرابات العمال، ومشاكل النقل نحو الولاية، ولكن أيضا إلى تراجع الحكومة عن تعويض مصاريف نقل الاسمنت نحو 10 ولايات بالجنوب، بينها ولاية إيليزي، والذي نفذته الحكومة منذ أكثر من عام، بينما السبب الأكثر تأثيرا على سوق الاسمنت، خاصة تلك الموزعة من طرف المجمع الصناعي الجزائري للاسمنت "جيكا"، هو عدم التزام هذه الأخيرة بالبرنامج المسطر من طرف وزارة التجارة، التي كانت قد قررت أثناء إلغاء دعم مصاريف النقل، تكليف مجمع "جيكا" بسد الحاجة من المادة على مستوى ولايات أقصى الجنوب، بعد تراجع الخواص في نقلها بسبب ضعف هامش الربح، حيث كانت مصاريف دعم النقل تساهم في السابق في وفرة المادة، وحتى في سعرها، خلافا للوضع الحالي لدى الخواص، والذين يفتقدون حاليا للمادة بصورة تامة، وإن وجدت فإن أسعارها تبقى في حدود 1200 و1400 دينار للكيس بالنسبة للاسمنت البورتلاندي العادي، وهي بذلك بعيدة من أن تكون أسعار مربحة للمقاولين، وحتى الخواص الذين يلجئون للمؤسسة العمومية، لكن يطول بهم الانتظار لأسابيع وربما لأشهر للحصول على كميات متواضعة بسبب الضغط الحاصل على المادة والذي عجزت كل المساعي عن إيجاد حل ناجع لها.