لم تكن مافيا المضاربة في مواد البناء لتفوت فرصة حلول فصل الصيف، الذي عادة ما يتوجه فيه المواطنون إلى ترميم بيوتهم أو الشروع في بناء سكناتهم الخاصة، ولم تكن لتفوت فرصة إعطاء إشارة الانطلاق لمشاريع عمومية ضخمة كالمسجد الأعظم وآلاف الوحدات السكنية، فعادت إلى ممارسة الطقوس التي تجيدها حد الإتقان، تخزين الإسمنت وخلق أزمة ندرة، ثم رفع الأسعار إلى مستويات قياسية كتلك التي تشهدها السوق هذه الأيام، عندما بلغ سعر كيس الإسمنت في بعض المناطق ألف دينار. وكما وقفت الدولة عاجزة أمام مافيا البطاطا والدواء والزيت والسكر، ها هي اليوم تقف مكتوفة الأيدي في مواجهة أزمة الإسمنت التي تهدد الكثير من المشاريع الإستراتيجية بالتوقف في أسوأ الحالات وبالتعطل في أحسنها.
المشاريع الكبرى توقف أشغال 90 بالمائة من المقاولات المسجد الأعظم يلتهم 20 بالمائة من إنتاج مصنع الشلف
تم تخصيص 20 بالمائة من منتوج مصنع الإسمنت بالشلف لمشروع مسجد الجزائر الأعظم، وهو ما تسبب في خلق أزمة حادة في مادة الإسمنت، نتج عنها تعطيل أشغال ما لا يقل عن 90 بالمائة من مشاريع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. أبدى مئات المقاولين استياءهم من تأخر حصولهم على حصصهم من مادة الإسمنت في الوقت المحدد من مصنع الشلف، ما أدى إلى تعطيل مشاريعهم منذ قرابة أربعة أشهر. وكشف هؤلاء أن الأزمة سببها استحواذ مشروع بناء مسجد الجزائر الأعظم على 20 بالمائة من إنتاج مصنع الشلف، الذي يعتبر إنتاجه من أحسن أنواع مادة الإسمنت وذات معايير عالية. وأكد مجموعة من المقاولين الذين التقتهم ''الخبر''، على هامش انعقاد الجمعية العامة لاتحاد مقاولي البناء والعمران بالمدية، على أن الأزمة التي يشهدها السوق الجزائرية سببها بالدرجة الأولى تموين المشاريع الكبرى على غرار مشروع الطريق السيار شرق غرب وشمال جنوب ''المدية، الشفة'' والمشروع الجاري حاليا في ميترو الجزائر، كل ذلك على حساب المقاولات الصغيرة والمتوسطة التي توقف معظمها عن العمل منذ 4 أشهر، لعدم حصولها على حصتها من الإسمنت في الوقت المحدد. وفي هذا الصدد، حمل رئيس الاتحاد الوطني لمقاولي البناء والعمران، سليم قاسيمي، الحكومة مسؤولية أزمة الإسمنت التي يتخبط فيها المقاولون، مشيرا إلى أن هذه الأخيرة شرعت في إنجاز مشاريع كبرى دون أن تفكر في كيفية تموينها بالمواد الأولية، الأمر الذي أدى، حسبه، إلى خلق أزمة حادة عادت على المقاولات الصغيرة والمتوسطة وتسببت في إفلاس عدد كبير منهم. كما قال رئيس الاتحاد، من جهة أخرى، إن المصانع المنتجة لمادة الإسمنت والبالغ عددها 14 مصنعا، تنتج حاليا 14 مليون طن سنويا، غير أن احتياجات السوق الجزائرية تتجاوز ذلك بكثير، إذ تصل إلى 21 مليون طن، بالإضافة إلى المشاريع الكبرى التي سطرتها الدولة مؤخرا والتي هي بحاجة، حسب ذات المسؤول، إلى وحدات إضافية كي يتم تموينها. وعليه طالب ذات المتحدث بفتح مصانع أخرى لتحقيق الاكتفاء الذاتي.
مافيا إخراج الإسمنت من المصانع 500 مليون مقابل رخصة
يعتبر الحصول على رخصة موزع أو تاجر تجزئة للإسمنت حلم العديد من التجار والمقاولين، الذين يتحول بعضهم، بمجرد حصولهم عليها، إلى مضاربين همّهم تحقيق الربح السريع الذي يدر عليهم ملايير الدينارات، على حساب المواطن البسيط. كما يلجأ بعض التجار إلى شراء الرخص وأرقام التعرفة من مصانع الإسمنت بمبالغ تصل إلى 500 مليون سنتيم، بتواطؤ من بعض المسؤولين. وقد شهدت عملية إيداع ملفات الحصول على رخصة تاجر تجزئة وموزع للإسمنت، التي انطلقت مطلع هذا الشهر بمقر شركة الإسمنت الفرنسية ''لافارج'' بالعاصمة، فوضى عارمة بسبب توافد المئات من تجار التجزئة والموزعين من عدة ولايات، خاصة من المسيلة وبرج بوعريريج والجلفة، وبعض الولايات الأخرى، قصد إيداع ملفات الحصول على رخصة تاجر تجزئة أو رخصة موزع للإسمنت، ما أدى إلى حدوث مناوشات كلامية وصلت إلى حد التشابك بالأيدي، من أجل وضع الملف وترقب الحصول على الرخصة التي ستفتح أبواب الثروة لأصحابها. ويعمد تجار الجملة والتجزئة إلى إيجار مستودعات كبيرة لتخزين أكياس الإسمنت، وافتعال ندرة في الأسواق، خصوصا في الفترات التي تشهد انخفاضا في الإنتاج، بهدف رفع الأسعار، وهذا بعد اتفاق مسبق بينهم.
المطالبة بوضع قانون لضبط أخلاقيات المهنة شركات لتبييض الأموال تقتحم قطاع المقاولات في الوقت الذي يشهد قطاع البناء ركودا كبيرا وصلت نسبته إلى 90 بالمائة، بسبب ندرة مواد البناء، تمكنت بعض المقاولات الجديدة من اقتحام السوق والحصول على عدة صفقات، بعد أن كسرت سلم الأسعار، بتقديمها أقل تكلفة لإنجاز تلك المشاريع. وقد دفع هذا الأمر بالاتحاد العام لمقاولي البناء والعمران إلى المطالبة بالتعجيل في إنشاء قانون المقاولات يضبط من خلاله أخلاقيات المهنة ويكشف نوعية المقاولين. وكشف رئيس الاتحاد الوطني لمقاولي البناء والتعمير، السيد سليم قاسيمي، عن حصول بعض الخواص على صفقات بناء لمشاريع كبرى، وذلك بعد أن اقترحوا أسعارا خيالية خلال المناقصات. وأكد ذات المصدر: ''إن هؤلاء بعيدون عن قطاع البناء، لكن غياب قانون المقاولة سمح لهم بدخول السوق والاستحواذ على مشاريع كبرى تمكنهم من تبييض أموالهم التي جاءت عن طريق تجارة غير مشروعة''، حسب ذات المتحدث. وفي ذات الصدد، أشار رئيس مكتب الاتحاد الوطني لمقاولي البناء والتعمير بالمدية، سمير سليماني، إلى استفادة بعض الخواص من مشاريع ضخمة في الأشغال العمومية بالمدية وغيرها من الولايات المجاورة، بعد أن اقترحوا أقل عرض.
الرئيس المدير العام لمجمع إسمنت الجزائر يكشف ''السوق تسجل عجزا ب3 ملايين طن'' أرجع الرئيس المدير العام لمجمع إسمنت الجزائر ''جيكا''، بشير يحيى، أزمة ندرة الإسمنت المسجلة في السوق الوطنية منذ عدة أشهر، إلى اختلال في التوازن بين الطلب والعرض، حيث بلغ العجز المسجل نحو 3 ملايين طن، معترفا بعدم تمكن بعض نقاط البيع التابعة للمجمع من الاستجابة لطلبيات الزبائن، بالنظر إلى الكميات الهائلة التي تزود بها بالدرجة الأولى المؤسسات العمومية والخاصة في إطار تجسيدها للمشاريع المبرمجة. وأكد الرئيس المدير العام، في اللقاء الذي جمعه مع ''الخبر''، رفقة مسؤولين من المجمع، أن المؤسسات تفضل التزود بإسمنت المجمع الذي يقترح عليها أسعارا ''جد تنافسية'' مقارنة بالأسعار الأخرى، حيث لا يتعدى سعر الكيس الذي يحتوي على 50 كيلوغراما من الإسمنت للمجمع ما قيمته 300 دينار عند الخروج من المصنع، إلى جانب النوعية الجيدة التي تتوافق والمقاييس العالمية المعمول بها. في هذا الإطار، قال المساعد المكلف بالاتصالات بالمجمع، إن أسعار أكياس إسمنت المجمع لا يمكن أن تتعدى السقف المحدد لها من طرف السلطات العمومية المعنية، مؤكدا أن مشاريع التنمية المبرمجة يتم تزويدها بالإسمنت حصريا من طرف المجمع. وحسب نفس المسؤول، فإن إنتاج المجمع، الذي يضم 12 مصنعا، منها خمسة مصانع تمتلك فيها 62 بالمائة من الأسهم، يقدر حاليا ب5,11 مليون طن سنويا من الإسمنت، فيما يقدر إنتاج المتعاملين الخواص الآخرين ب5,6 ملايين طن سنويا، في الوقت الذي ارتفع الطلب على الإسمنت حاليا إلى ما يقارب ال21 مليون طن، ما يمثل عجزا يتراوح بين 2 و3 ملايين طن، الكميات التي تضاهي تلك المنتجة من طرف مصنع للإسمنت مثل ذلك المتواجد بالشلف. في هذا الإطار، كشف بشير يحيى عن نية المجمع استيراد كميات من الإسمنت يصل حجمها إلى المليون ونصف مليون طن، سيتم تزويد السوق بها تدريجيا ابتداء من شهر جانفي سنة ,2013 بهدف التخفيف من الضغط على الطلب المتزايد على مادة الإسمنت، خاصة في الفترات التي تعرف برمجة عمليات صيانة لمصانع الإسمنت والتي تتم دوريا خلال السداسي الأول من السنة. وبخصوص نوعية الإسمنت المنتج داخل مصانع الإسمنت التابعة للمجمع، قال المساعد المكلف بالاتصالات إن المجمع يتوفر على مخابر مجهزة بتجهيزات عصرية، حيث يتم تحليل عينات من الإسمنت المنتج كل ساعة، إلى جانب التحاليل التي تقوم بها مصالح المراقبة كل 24 ساعة، والتي تخص النوعية والتأكد من وزن الكيس. في نفس الإطار، أكد ذات المسؤول بأنه لا يمكن التلاعب بحياة المواطنين. المجمع يقاضي متعاملين خواص من الشلف على صعيد آخر، كشف الرئيس المدير العام للمجمع عن شروع المجمع في مقاضاة عدد من المتعاملين الخواص في سوق الإسمنت بولاية الشلف، تورطوا في عمليات تقليد أكياس المجمع، وذلك بعد أن تم إشعار المجمع من طرف المصالح المعنية. وعن مشاريع المجمع المستقبلية، أشار بشير يحيى إلى أن طاقة الإنتاج الحالية سترتفع إلى 29 مليون طن سنويا في آفاق سنة ,2018 بعد الانتهاء من إنجاز أربعة مصانع إسمنت جديدة، ستوفر طاقات إنتاجية إضافية بحجم 5,8 مليون طن سنويا، في الوقت الذي سيتم الانتهاء من توسيع الطاقة الإنتاجية لبعض المصانع القديمة وإعادة تأهيل أخرى قبل سنة .2016
يشكل خطرا على البناء خواص استوردوا إسمنتا غير مطابق للمعايير
كشف رئيس المكتب الولائي للاتحاد الوطني لمقاولي البناء والعمران بالمدية، السيد سمير سليمان، أن العديد من الخواص الذين تحصلوا مؤخرا على الاعتماد، استوردوا إسمنتا غير مطابق لمعايير البناء لعدم احترام مقاييس المواد المعمول بها. وأضاف رئيس المكتب أن ذلك الإسمنت المستورد وصل سعره بالسوق الجزائرية إلى 700 دج للكيس الواحد، وهو سعر الإسمنت المحلي الذي يتميز بجودة عالية، لكن نظرا لأزمة الإسمنت التي تشهدها السوق المحلية، لم تجد العديد من المقاولات أمامها سوى شراء تلك المادة المستوردة رغم معرفتها بخطورتها على البناء، وذلك للإسراع، حسب ذات المسؤول، في وتيرة الأشغال التي تشهد تأخرا بنسبة 90 بالمائة. وأضاف ذات المسؤولين أن ذلك النوع من الإسمنت تتم مضاعفته في البناء، لكن نظرا لسعره المرتفع يضطر المقاولون إلى استعماله بذات الكمية للإسمنت العادي، الأمر الذي قال عنه رئيس المكتب إنه يشكل خطرا على البناء الذي قد لا يتحمل وينهار بعد سنوات.
كيف تتم المضاربة بالإسمنت؟ يغتنم العديد من تجار الجملة والموزعين والمقاولين، الفترات التي تقل فيها نسبة إنتاج الإسمنت، والتي تتزامن مع عمليات الصيانة التي تقوم بها المصانع خلال السداسي الأول من السنة، لرفع سعر كيس الإسمنت بعد تخزينهم مئات الأطنان منها في مستودعات خاصة. كما يلجأ العديد من المقاولين الذين يملكون بطاقات تمكنهم من استخراج الإسمنت من المصانع بأسعار تتراوح بين 300 و370 دينار، وبالكمية التي يحتاجونها، إلى إعادة بيع الإسمنت لتجار الجملة بأسعار تتراوح بين 450و500 دينار، لإعادة بيعها في السوق بمبالغ تصل إلى 700 دينار للكيس الواحد. وما يزيد من ارتفاع أسعار كيس الإسمنت في السوق، هو عدم وجود سقف أسعار بالنسبة للمتعاملين الخواص، إذ يبلغ سعر كيس الإسمنت لدى خروجه من المصنع 005 دينار، وبالإضافة إلى هامش الربح لدى تاجر الجملة والتجزئة فإنه يصل إلى المواطن بسعر 1000 دينار.
المسيلة آلاف الوحدات السكنية رهينة ''مافيا'' الإسمنت ارتفع سعر كيس الإسمنت الواحد من نوعية ''المتين'' المستعمل في البناء، إلى ضعف سعره الأصلي المقدر ب420 دينار، فيما وصلت نوعية ''الشامل'' المطلوبة في أشغال التلبيسوالذي لا يتعدى سعره 360 دينار، إلى الضعف هو الآخر. لم تتوقف عمليات البيع والشراء، وفق آخر الأرقام والمؤشرات التي أوردتها البورصة الكائنة بمداخل مصنع ''لا فارج'' في مدينة حمام الضلعة بولاية المسيلة. وفيما وضعت هذه الأزمة أكثر من 200 مؤسسة في دائرة الإفلاس، تتخوف هيئات عدة من إمكانية إرجاء مشاريع وبرامج بمئات الملايير إلى سنوات لاحقة أو الاضطرار إلى تطهير وغلق المئات منها، بسبب تواجد أسعار مواد البناء رهينة في أيدي مافيا الإسمنت وتجار السندات. وحسب حاج حفصي فائق، الأمين الولائي وعضو المكتب الوطني لمقاولي البناء والعمران، فإن تبعات أسعار الإسمنت لا تقع على المقاولين، إلا أن انعكاساتها السلبية تقع على برامج سكنية بآلاف الوحدات والتي لم تنطلق لحد الآن. فيما أوضح عيسى حريزي، رئيس المكتب الولائي لكنفدرالية المؤسسات الجزائرية، بأن القضاء على المضاربة، يتطلب تحركا لمسؤولي شركة ''لا فارج'' الفرنسية، من خلال إشراك الكنفدرالية في عملية التنظيم للمقاولين لقطع الطريق أمام مافيا الإسمنت وضمان ذهاب هذه المادة لإنجاز المشاريع فحسب. اقترحوا منحهم تراخيص استثنائية لمواجهة الأزمة مقاولو بجاية يطالبون بتمكينهم من الاستيراد طالب المقاولون ببجاية، السلطات العمومية بمنحهم تراخيص استثنائية لاستيراد الإسمنت مباشرة من الأسواق الخارجية في أوروبا وتركيا والصين، لمواجهة الأزمة. وحسب العديد من المقاولين المنضوين تحت لواء الجمعية العامة للمقاولين الجزائريين، فإن أزمة الإسمنت التي تشهدها الجزائر سببها الأول المضاربة والاحتكار من قبل مؤسسات محدودة تتلاعب بالمنتوج وفق ما ينفع البعض ويضر البعض الآخر. ويبررون ذلك بالكميات الهائلة المتوفرة في السوق الموازية وبأسعار خيالية. كما يرجع المقاولون سبب الأزمة إلى عوامل أخرى، منها التوقف الاضطراري لوحدات إنتاج الإسمنت التي لم تعد تغطي السوق المحلية إلا بنسبة 25 بالمائة، وهو ما ينعكس سلبا على وتيرة أشغال إنجاز المشاريع المختلفة خاصة الاستعجالية. وقد وأكد لنا مسؤول الجمعية على مستوى ولاية بجاية، أن أزيد من 150 مشروع بناء في حالة توقف. تيبازة بزنسة على باب الوحدات أدى ارتفاع سعر الإسمنت الذي وصل إلى 800 دج بأسواق التجزئة في تيبازة، إلى شل الكثير من المشاريع السكنية، سواء التابعة للمقاولات وحتى الخواص. وحسبما أكده رؤساء العديد من مؤسسات البناء، فإن سوء البرمجة تسبب في حدوث ندرة وأدى إلى تلاعبات كبيرة في عملية التوزيع، خاصة أن أصحاب المشاريع الكبرى، يستفيدون من حصص تتماشى وحجم المشاريع المكلفين بها، لكن بعض القائمين على مصالح البرمجة والتوزيع على مستوى مصانع ولايات الوسط، يتعمدون الإخلال بمواعيد التسليم، فيتم تفضيل بعض المؤسسات والمقاولين على الآخرين، مقابل توجيه كميات ضخمة عن وجهتها، لتذهب إلى أسواق التجزئة مقابل مبالغ ضخمة وعمولات تصل إلى 70 و80 مليونا في اليوم. ويتعمد بعض المقاولين الحصول على حصص هم في غير حاجة إليها، فيعيدون بيعها بأسعار مضاعفة، حيث يتحصلون عليها بمبلغ 320 دينار للكيس، ثم يعيدون توزيعها بمبالغ تتعدى 650 دينار لتجار التجزئة. وتعد وحدة التوزيع بفوكة، من أبرز الوحدات في تيبازة، حيث تستقبل 7 شاحنات يوميا محملة ب400 كيس بوزن 50 كلغ، يتم توزيعها على مقاولين ومواطنين ذوي رخص البناء وفقا لبرنامج يومي. غير أن بعض الأشخاص يحصلون على كميات معتبرة توجه خصيصا للبزنسة عند باب الوحدة، حيث يدفعون بطاقات التعريف ويسجلون كباقي المواطنين، ثم يقومون بتحويل تلك الكميات في عين المكان بمبالغ مالية معتبرة. السماسرة يَسألون ولا يُسألون الإسمنت بثلاثة أضعاف سعره في تيزي وزو يشتكي المقاولون بولاية تيزي وزو من تأثير سعر الإسمنت على مداخيلهم، بعدما أصبحوا ينجزون المشاريع على أساس الثمن الرسمي، أمام رفض مصالح الدولة مراجعة الأسعار. بينما اضطر المواطنون البسطاء إلى توقيف إنجاز مساكنهم إلى إشعار آخر، بعدما أصبح الحصول على كيس من الإسمنت بالسعر الرسمي يتطلب انتظار أزيد من شهرين. وتضاعف سعر مادة الإسمنت بولاية تيزي وزو، إلى أكثر من ثلاث مرات، حيث يباع حاليا بين 1600 و1700 دينار، في حين أن الثمن الرسمي لا يتجاوز 550 دينار. ويقول المقاولون إنهم يتكبدون خسائر معتبرة وينجزون مشاريع على أساس الثمن الذي تباع به هذه المادة في المصنع. ويضيف أحد المقاولين أنه لا حل أمامه سوى جلب هذه المادة من عند السماسرة، وإلا ستتوقف مشاريع البناء التي أسندت إليه. ويضيف أن نقطة البيع المتواجدة بتيزي وزو أصبحت، منذ مدة، تبرمج للمقاولين على شهرين وبكميات غير كافية وهو ما يدفعهم للاتجاه نحو السوق السوداء. من جهتهم، اضطر المواطنون ذوو الدخل المحدود إلى تأجيل إنجاز سكناتهم أمام الارتفاع الرهيب لسعر الإسمنت، وأكثرهم من فئة المواطنين الذين استفادوا من إعانات البناء الريفي، إلا أن تلك الاستفادة التهمتها أسعار مواد البناء على رأسها مادة الإسمنت. الأغواط مشاريع البناء مهددة بالتوقف قفز سعر القنطار من مادة الإسمنت في محلات بيعها بمدينة الأغواط، إلى حدود 1700 دينار، بعدما كان لا يتجاوز 1200 دينار في الأسابيع الفارطة، الأمر الذي جعل الكثير من الورشات والمشاريع العمومية مهددة بالتوقف لصعوبة التموين بهذه المادة الحيوية من المصانع العمومية وغلائها عند الخواص. وأشار بعض المقاولين وأصحاب ورشات البناء إلى أن سعر هذه المادة، وإن كان لا يتجاوز 750 دينار للقنطار بتكاليف النقل في المصانع التي يصعب الحصول على حصص كافية منها، فإن سعرها بات مضاعفا في ظرف أسابيع ببلوغ سقف 1700 دينار للمنتوج المحلي و1360 دينار للقنطار بالنسبة للمنتوج المستورد من البرتغال، ما ضاعف من استغراب المقاولين والمواطنين حول غلاء المنتوج المحلي مقارنة بالمستورد رغم تكاليف الاستيراد. البليدة الأزمة أرغمت تجارا على تغيير النشاط سجلت بورصة أكياس الإسمنت في البليدة، منذ ما يقارب ال3 أسابيع، ارتفاعا غير مسبوق، فقد بلغ سعر كيس الإسمنت ال800 دينار أي بارتفاع فاق ال 60بالمائة. ويرى سمير، أحد التجار الذين باتوا على حافة الإفلاس والمهدد بغلق محله، أن السوق يوجد تحت رحمة بارونات يعلمون بأن الطلب سيزداد كلما حل موسم الحرارة، فيبادرون إلى تخزين أكياس الإسمنت بالمئات في مستودعات سرية وبيعها تحت الطلب، ويصل طابور الطلبات في بعض المرات إلى 30 يوما. ويضيف المتحدث ل''الخبر'' بأن عدد المحتكرين والمسيطرين على السوق بالمنطقة، لا يتعدى أصابع اليد الواحدة. ويستطرد المتحدث بالقول إنه من أسباب ارتفاع ونقص هذه المادة في هذه الأيام، معادلة أخرى تتمثل في ثنائية المقاول والبارون، ومعناه أن بعض أصحاب المقاولات يبيعون وصولات اقتناء الإسمنت من مصادره الأولى إلى البارون بأسعار تفاوضية. أصحاب المشاريع يتحولون إلى ''بارونات'' وَصْل الحصول على المادة ب27 مليون سنتيم في المدية بلغ سعر كيس الإسمنت ذروة 800 دج، بما أصبح يعرف ببازارات الليل لمواد البناء، بل أصبح باعته الرسميون مجرد وسطاء وسماسرة، بين بارونات احتكار وصول الحصول على الإسمنت من مصانعه بالسعر الرسمي الذي لا يتعدى 330 دج، ومقاولين مرتهنين بمُدد إنجاز مشاريع عمومية، وآخرين حوّلوا ورشاتهم إلى مخابئ للمضاربة بالإسمنت. ''الكل متورط في استفحال المضاربة بالإسمنت، مكتب الدراسات يقبض العمولات، ليقوم بتضخيم حاجة مشروع عمومي إلى أضعاف حاجته الحقيقية من الإسمنت، وعند الحصول على وصل تبرير الأولوية في التمون بهذه المادة من مصانعها وبسعرها الرسمي، إما أن يبيع الفائض لتجار مواد البناء أو باختصار يقوم بفسخ الصفقة التي تربطه بالإدارة صاحبة المشروع، والتفرغ لبيع الإسمنت المتحصل عليه بأزيد من ضعف سعره في السوق الموازية''، هذا ما قاله لنا مقاول، أصبح خبيرا، كما قال، في التعرف على وسطاء بارونات الإسمنت، تحت ضغط حاجته إلى هذه المادة لنجدة مشاريعه من التأخر أو التعرض للعقوبات الناجمة عن تجاوز مدة الإنجاز المحددة في بنود الصفقات الحاصل عليها. ويضيف بأنه يضطر من حين لآخر إلى الاستنجاد بالسوق السوداء للحصول على وصل التزود بالإسمنت من المصنع بسعر 27 مليون سنتيم مقابل 20 طنا، فيما لا يتعدى السعر الرسمي لهذه الكمية نصف هذا المبلغ . ''ما إن تنزل بسيارتك ضيفا على مصنع الإسمنت، حتى يهب إليك وسطاء لتوجيهك إلى وجوه بارونية اتخذت من جوار المصنع قواعد تجارية متفاوتة الضخامة، حسب درجة النفوذ التي يتمتع بها أصحابها داخل المصنع، لتجد نفسك غارقا في وضع من التسهيلات الباهظة الثمن تدفعها كعمولات أو كتنازلات عن حقك في الحصول على الإسمنت بوصله الرسمي، وأحيانا تصاب بالقنوط فتعود أدراجك أو تستسلم لتلك العروض للنجاة بأقل الأضرار''، يقول مقاول آخر، وجدناه ينتظر لتوهه قدوم شاحنة لتفريغ حمولة لورشته الكائنة بضواحي مدينة المدية، بمبلغ 700 دج للكيس لإتمام مشروع، كما أضاف، مر على توقف أشغاله أزيد من أسبوعين بسبب صعوبة الحصول على الإسمنت. الحل في استكمال مصنع ''عين الإبل'' المضاربة تصنع الندرة والغلاء في الجلفة باتت مشكلة غلاء وندرة مادة الإسمنت بولاية الجلفة، سببا أساسيا في تأخر الكثير من مشاريع البناء، في ظل المضاربة والاحتكار، فضلا عن التأخر الفادح في إكمال مصنع الإسمنت بمدينة ''عين الإبل''. لا تنزل ''مادة الإسمنت'' عبر كل نقاط البيع، عن 800 دج للكيس الواحد أي 1600 للقنطار في فصل الصيف، بل إن الكيس وصل إلى 900 دج في كثير من الأحيان، رغم أن جميع التجار الذين تحدثوا إلينا صارحونا بأن كيسا من 50 كلغ من الإسمنت من نوعية ''متين '' يباع في مصنع ''حمام الضلعة'' بولاية المسيلة وهو الممول الرئيسي لولاية الجلفة. ويضيف محدثونا من التجار، بأن المضاربين والمحتكرين هم المسؤولون على غلاء مادة الإسمنت في الأسواق، بحكم أن الغالبية منهم يمتلكون سجلات البيع بالجملة منذ سنوات ماضية، وأعدادهم محدودة على مستوى ولايتي المسيلة أو الجلفة، لأن استخراج سجلات البيع بالجملة في مادة الإسمنت مجمدة منذ سنة 2006، وهو ما يعني أن السوق بقي في قبضة مجموعة محدودة، تذهب لإدارة المصنع فتسدد ثمن الشاحنة التي تصل حمولتها إلى 400 كيس بمبلغ 16 مليون سنتيم فقط، وهؤلاء لا يقبضون إلا الوصل، ثم يبيعونه لأصحاب الشاحنات عند المصنع بملبغ 30 مليون سنتيم فيأخذون فائدتهم دون تعب ولا شحن أو نقل أو تفريغ. هذا بالنسبة للإسمنت من نوع ''المتين''، أما بالنسبة لنوع ''الشامل''، فيباع عند المصنع ب 350 دج للكيس الواحد، أي أن ثمن 400 كيس عند المصنع 14 مليون سنتيم، يبيع وصلها تجار الجملة ب27 مليون سنتيم لأصحاب الشاحنات ويصل ثمنها عند نقاط البيع إلى 700 دينار للكيس الواحد.