لم أعرف ماذا أفعل أمام هذا الحدث الذي ألم بي وببيتي وأهلي؟ سرقة تمت في عز رمضان ما بين المغرب ومنتصف الليل.. أكيد هذا هو التوقيت الذي استغله النهاب لسرقة بيتي ونحن خارج الدار نائمون عن مضيفنا الكريم، هذا جزاء من يترك بيته اليوم وينام خارجه بدون عساس! توجهت أنا مباشرة إلى "صندوق الزكاة" كما كنت أسميه، الذي أقفل عليه بثلاثة مفاتيح في خزانة صغيرة مقفلة بمفتاحين، الخزانة كانت مكسرة والصندوق.. قد طار! فهمت أن فلوسي التي خبأتها ليوم العسرة، قد طارت! نحو 10 ملايين سنتيم، جمعتها دينارا بدينار وخصمتها من الأكل والشرب والتحواس وزيارات الأقارب والأعراس وكل ما له علاقة بالإنفاق والكادوات! حتى رمضان قررت أن أصومه (بل أفطره) على ظهر الآخرين لكي لا يشعل موقد ولا تسيل قطرة ولا يخرج بخار غاز من مطبخي طيلة شهر أو أكثر إن أمكن.. مدخرات ثلاث سنوات من التزيار والتمساك والتقرزيز لأجل الدينار العزيز، الذي وإن أعرف أنه لم يعد يساوي واحدا على عشرين من عملة باريز، إلا أني لا أجد غيره سبيلا للتفرشك يوم يحل وقته! أملي وأمل عائلتي فقط كان أن أضيف جهاز تلفزيون "إكسترا بلا" عريض بحجم الجدار (هذا ما بقى للعمياء غير كحل العيون!) لأتحف به الصالة وأتحكم أنا فيه من بيتي كالعادة. (رقابة الدولة على الأولاد!). لا أريد أن أعيد وصف حالتي النفسية وحالة زوجتي أكثر التي انهارت كلية من فرط الصدمة والصراخ والعويل على ذهبها الذي ذهب.. سقطت مغشيا عليها "كجلمود جليد حطه السيل من عل"! وخشينا على صحتها وعلى السكر والقلب والضغط، فراح الجميع يسعفها إلا أنا الذي رحت أبحث عن أوراق ربما قد بقيت مرمية، تركها لي السراق الكرام قبل الخروج، فما وجدت ورقة! بقيت أنا أنتظر أن تستيقظ هي من غيبوبتها وأنا لا أدري ما أفعل سوى أن أخرج إلى الشرطة لكي أبلغ عن السرقة التي تعرّض لها بيتي! فما استطعت وتركت ابنتي الكبرى تخرج لتقوم هي بالمهمة، أنا بقيت أنتظر أن تفيق زوجتي فقط لكي أسألها هذا السؤال البريء لوجه الله: برحمة الوالدين، غير قولي لي وين كنت داسة كل هذا الذهب الذي ذهب!؟ الحمد لله استيقظت وكفتني شر المستشفى والعياذ بالله! لما أفاقت، أول ما شرعت في التهتريف به: ذهبي، مسايسي، القورميت، الكرافاش، الحزامة.. ونحن نهدئها ونعيدها إلى رشدها، لكن الأمر لم يكن سهلا، فرحت أسألها وقد نسيت أنا "وخدتي" في 10 ملايين التي طارت من خزانتي أنا الآخر: وين كنت داسّاته؟ بالك راه عاد هنا؟ قولينا نحوسوا عليه! قال لي وهي ترعش وتنفخ: أوووففف... أووووف.. هاقلبي.. هاصدري.. كنت.. كنت.. دايرتهم في "الديبارا" في البلكون! آآآه؟.. الذهب وكل هذا الثروة في البالكون؟ في الديبارا؟ مهبولة؟ قلت لها وأنا أذهب لأبحث في الديبارة مرة أخرى: وين وين بالضبط! هنا راها غير الخوردة والصبابط والنعايل الباليين.. وهذا واش هو؟ تريكو موسخ.. وهذه؟ بيجاما راشية.. وواش هذا آخر؟.. بوط مثقوب! فانفجرت وقامت كأنها لم تكن قاعدة (عسكرية)! بسرعة لملمت نفسها ووقفت كأنما أوقفتها رافعة نتاع الحج هي من رفعتها.. (بعد أن سقطت عليها!).. وراحت تجري لما سمعت "البوط": خللي عليك.. البوط نتاعي.. نديه للكوردونيي كي يكون عندي الوقت.. راني داسّاته للمشتة! لكن يدي كانت قد امتدت إلى البوط.. لأخرج بوسة بلاستيك مكمشة ثم حفنة من الجرائد المكمسة، ثم في الأخير جوربا صوفيا! فتحته فإذا بمغارة علي بابا هنا، هنا في هذا البوط! والبوط في الديبارا! آآآآيماااا..! عندما وصلت هي إلى البلكون، وكأنما طارت بجناحين، ووجدتني أخرج الذهب من البوط! عاودت السقوط وهذه المرة في البلكون! بجوار قبر الذهب المنعم!