اهتزت بلدية أولاد سلام، دائرة رأس العيون ولاية باتنة، على وقع مأساة إنسانية، مساء الثلاثاء الماضي، عندما وردت معلومات إلى البلدية بوجود فتاة تعيش بطريقة لا إنسانية، اضطرت عائلتها الفقيرة والمعوزّة إلى عزلها منذ 10 أشهر كاملة داخل "دويرة صغيرة" تشبه إلى حدّ كبير تلك المخصّصة للكلاب، أو خم الدجاج، بسبب انبعاث روائح كريهة من جسمها المتعفّن والمتآكل، حيث تفتتت لحمة وجهها ناحية الأذن بسبب مرض غريب أصيبت به. * وكانت الفتاة (فهيمة ب. ح) المولودة سنة 1985 (23 سنة)، امتهنت رعي الأغنام بمنطقة (رأس المسيل) الواقعة على بعد 2 كلم عن مقر البلدية. وقد أصيبت بشلل جزئي سنة 2002 لم تفهم أسبابه. وقد عرضها والدها ابراهيم المكفوف منذ تلك السنة ولمدة 6 سنوات كاملة على عدّة أطباء بباتنة وسطيف ومسيلة، خاصة على مختصين في الأمراض الجلدية بعد ملاحظته طفوحا جلدية، وقد أنفق رغم بطالته كل ما لديه دون جدوى. * وقد تدهورت وضعيتها الصحية بشكل خطير منذ شهر مارس 2008، أي منذ حوالي 10 أشهر، عندما بدأ لحمها يتفتت ويصاب بجروح مصحوبة بتقيحات، وكذا انبعاث روائح كريهة نتيجة قعودها في المنزل، ولم تجد عائلتها من حل تفاديا للعدوى وخوفا من مرضها سوى نقلها وعزلها في "دويرة" صغيرة مبنية بالطوب، خصيصا لها على بعد عدّة أمتار عن المنزل العائلي، وقد بقيت هناك مدة عشرة أشهر كاملة. وقد بذلت عائلتها كل ما في وسعها لإنقاذها لكن عجزها المادي والحالة الاجتماعية المزرية التي تتخبّط فيها أجبرتها مكرهة رغم حبّها لفهيمة بوضعها في المعزل، فيما تقوم والدتها المريضة أيضا البالغة من العمر 61 سنة برعايتها، حيث تقوم كل صباح لتقدم لها الفطور حبوا على الأرجل من باب المنزل إلى غاية الدويرة، وعادة ما يتشكل من قهوة فقط طيلة اليوم، وأحيانا الكسرة و"مرڤة"، حيثما يتوفر ذلك لوالدها البطال الكفيف، وفي مرات تحتسي "التراب" و"الماء" حسبما كشفته لمسعفيها الأوائل الذين أجهشوا بالبكاء والدموع رفقة عناصر الحماية المدنية الذين تكفلوا بنقلها إلى مستشفى مروانة، بعد البلاغ الذي تقدمت به البلدية. * هذا ويعلن الأطباء حاليا على تشخيص مرضها الغريب قصد التكفل بها، أو نقلها إلى مستشفى باتنة الجامعي، وتعول عائلتها على مساعدة الدولة والسلطات لإنهاء هذه الكارثة الإنسانية والاجتماعية، خاصة والدها ابراهيم الذي يجهش بالبكاء حدّ السقوط والإغماء متأثرا بالواقعة، المحزنة التي هزّت ولاية باتنة.