المجزرة الصهيونية الجديدة على غزة وضعت مصر في قائمة الاتهام، بسبب موقفها "المريب" من تصريحات وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني التي توعدت ب"سحق المقاومة" في غزة، متمثلة في حركة حماس، دون أن تكلّف مصر نفسها عناء التعليق أو التنديد بإعلان الحرب هذا في عقر دارها. * ورغم مسارعة الدبلوماسية المصرية إلى "التنديد" بمجزرة غزة، إلا أن مؤشرات كثيرة تكشف الأخطاء الفادحة التي قامت بها مصر في التعامل مع ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لاسيما وأن تهديدات الكيان الصهيوني بسحق غزة أطلقت من أراضيها. * وفي هذا السياق، أوضحت تقارير نشرتها صحف إسرائيلية أن مصر كانت على علم بنوايا إسرائيل في ضرب حماس، لأن القرار بشن غارات على غزة اتخذ قبل زيارة تسيبي ليفني إلى القاهرة، حيث كشفت جريدة "هآرتس" في عدد أمس أن العدوان على غزة جاء بناء على قرار أصدره المجلس الوزاري "الإسرائيلي" المصغّر، بحضور تسيبي نفسها، قبل توجهها إلى القاهرة، كما أن الصحيفة نقلت أن قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتبرت أن "الغارات الجوية ستستمر وسيتم توسيعها وتعميقها إذا اقتضت الضرورة"، تزامنا مع حشد القوات الصهيونية البرية على حدود غزة واصطفاف الزوارق الحربية بالقرب من شواطئ القطاع، إضافة إلى حديث عن إعلام إسرائيلي لبعض الدول العربية بشأن هذه العملية الموجهة ضد حماس، وهذه كلها مؤشرات كانت تؤكد أن الضربة الإسرائيلية على غزة كانت وشيكة. * * إسرائيل تطلب الضوء الأخضر العربي لتصفية كوادر حماس * * وكمؤشر آخر يضع مصر في قفص الاتهام، تحدثت صحف إسرائيلية مثل "يديعوت أحرونوت" و"معاريف" عن حملة إسرائيلية كانت تهدف للحصول على ضوء أخضر عربي من أجل تصفية بعض كوادر حركة المقاومة الإسلامية، حيث أوفدت إسرائيل مدير الدائرة السياسية والأمنية بوزارة الدفاع إلى مصر للحصول على إقرار نصري بشأن الخطط العسكرية التي استهدفت حماس، بل ذكرت جريدة "معاريف" نفسها أن "مدير الاستخبارات المصرية العامة، الوزير عمر سليمان، أبلغ جلعاد أن إسرائيل محقة في أي خطوة تتخذها ضد حماس". * وفيما يشكك بعض المراقبين في صحة هذه المعلومات الإسرائيلية، لأنها قد تهدف إلى إفساد الود بين حماس والقاهرة، إلا أن بعض الجهات تتساءل عن سر السكوت المصري عن تكذيب هذه الأخبار الخطيرة التي من شأنها أن تضع مصر في موقف محرج، فلسطينيا وعربيا، خاصة بعد ارتفاع أصوات عربية تتهم مصر صراحة بالتواطؤ مع إسرائيل من أجل الانتقام من حماس. * العدوان الجديد على غزة جاء من جهة أخرى في سياق الانتخابات الإسرائيلية المزمع تنظيمها في شهر فيفري، حيث يتنافس المترشحون، وأبرزهم إيهود باراك وتسيبي ليفني، لاستقطاب أصوات الناخبين الإسرائيليين الذين ترفض أغلبيتهم (75 بالمائة حسب بعض الخبراء) فكرة السلام مع الفلسطينيين. وقد قال إيهود باراك إن "حماس ستدفع الثمن باهظا"، كما قال رئيس هيئة الأركان غابي أشكنازي إن الجيش الإسرائيلي وسلاح الجو مستعدان للقيام بأي عملية تطلب من أجل "أن يدفعا عن الوطن كل العاملين في الإرهاب"، في حين وعدت ليفني ب"تغيير الوضع في المنطقة". * مصر التي نددت بالمجزرة الإسرائيلية فتحت معبر رفح لنقل المصابين إلى مستشفيات مصرية، وسط تساؤل مراقبين عن سبب إبقائها المعبر نفسه مغلقا أمام قوافل المساعدات التي كان يحتاجها الأحياء في غزة، وعن دوافع هذا القرار الذي قد يكون هدفه امتصاص الاحتقان الجماهيري، لأن المشهد الإسرائيلي كان يمكن أن يكون أكثر مأساوية لو أبقت مصر على معبرها مغلقا، وهو ما يعني مزيدا من الضغط المعنوي، على الأقل، تجاه إسرائيل التي تقصف شعبا أعزل حُرم بسبب الحصار من كل مقومات الحياة.