الجنرال رشيد بن ساسي كشف الجنرال بن ساسي رشيد، قائد مصلحة حراس السواحل بقيادة القوات البحرية بوزارة الدفاع الوطني، في لقاء خاص ل "الشروق اليومي" بأنه تم اقتناء عتاد حربي جد متطور في مجال الملاحة البحرية في اطار استراتيجية وزارة الدفاع الوطني في مجال البحث والانقاذ بالمياه الاقليمة الممتدة على طول 1200 كلم طوليا من الساحل الجزائري، وبعمق عمودي في حوض المتوسط مقدر ب 12 ميلا، اي قرابة ال 22 كيلومترا. * * * السمك يموت بالشيخوخة والأجانب يتكالبون على "تونة الجزائر" * ثلاث حوامات وستة زوارق غير قابلة للغرق لإنقاذ الحراڤة * * جاءت هذه الخطوة العملاقة التي قامت بها القوات البحرية حسب محدث "الشروق اليومي" بهدف ضمان اداء احسن لمهام فرق القوات البحرية في مجال انقاذ حياة المغامرين بأرواحهم على متن قوارب الحراڤة، وانقاذ طواقم السفن التجارية وسفن الصيد والنزهة في حالة الخطر، كالغرق او التيه، على طول المياه الاقليمية المقدرة مساحتها البحرية ب125 الف كيلومتر مربع من البحر الابيض المتوسط. * وتمثّل العتاد العسكري الذي تم اقتناؤه في ستة زوراق انقاذ وبحث ذات قدرة استيعاب تصل الى ازيد من 20 شخصا، مجهزة بأحدث تجهيزات الرصد وسرعة التدخل والانقاذ، وهي زوراق نرويجية الصنع، ميزتها انها غير قابلة للغرق مهما كانت الظروف المناخية، وحتى ان تعرضت للانقلاب بفعل العواصف البحرية العاتية مهما كانت شدتها. * ومن بين الزوارق الستة التي تم اقتناؤها، هناك اثنان عمليان في انتظار وصول الاربعة المتبقية قريبا. وموازاة مع ذلك، سيتم بحر العام المقبل اقتناء ثلاث حوامات حربية، مهمتها الرصد والانقاذ، وستكون عملية الى جانب قوارب الانقاذ والبحث المذكورة قبل نهاية العام المقبل. * وعما اذا كانت امكانيات اخرى لرصد قوارب الموت، قال محدثنا ان قانون الملاحة لا يمنع اي جزئري من الإبحار داخل المياه الاقليمية على عمق 12 ميلا، والمأخذ القانوني الوحيد حسب القانون على قوارب الحراڤة هو الإبحار على متن قوارب بدون رخصة وغير مطابقة للمقاييس، وهي المخالفة الوحيدة، وما دون ذلك فإن الإبحار داخل المياه الاقليمة ليس مخالفة في حد ذاتها من الناحية القانونية، ولا توجد تسمية قانونية، ما عدا مخالفة قوانين الابحار على متن قوارب غير مرخصة. * وبعد اجتياز 12 ميلا، فانه ابحار في المياه الدولية التي لا تخضع لسلطة أية جهة ولا يمكن اعتبار المبحر بالاسم المتعارف عليه "حراڤ" الا بعد اختراقه مياه اقليمية دولة اجنبية بدون تأشيرة دخول، ولهذا نصبت بعض تلك الدول المقصودة من طرف قوافل "الحراڤة" مؤخرا اجهزة ترصد بالأشعة ما تحت الحمراء. * وفي اطار مخطط البحث والانقاذ، فقد تم الى جانب ما سبق حسب العميد بن ساسي اقتناء ثلاث ساحبات سفن من آخر طراز، ذات قدرة عالية للعمل في اعالي البحار، فيما يتعلق بالانقاذ البحري للسفن باختلاف طابعها وحجمها. * وأفاد محدث "الشروق" انها امكانيات لم تكن متوفرة من قبل، مهمتها الى جانب الانقاذ صد جنوح السفن المتضررة والمحمَّلة بالمواد البترولية او المواد الكيماوية السامة الى الشواطئ الجزائرية في حالات الاصطدام او الغرق. * وتقوم الساحبات بجرها إما بعيدا عن السواحل الجزائرية لتفادي اية كارثة بيئية من شأنها الفتك بالثروة السمكية وسلامة الملاحة، او ضمان مهمة مساعدة السفن التجارية الاجنبية والوطنية في حالة الغرق لسحبها الى مأمنها، سواء السفن المتنقلة عموديا في عمق المتوسط بين سواحل الشمال الافريقي والاوربية او المتنقلة أفقيا بين باقي دول العالم ودول القارة الآسيوية. * والى جانب الساحبات البحرية العسكرية، فقد تم تسخير ثلاث ساحبات سفن مدنية بآرزيو والعاصمة وسكيكدة، ومجموع الساحبات الست المدنية والعسكرية ستعمل على مستوى الوجهات البحرية الثلاث المقابلة للموانئ التي تضمن تصدير المحروقات بسكيكدة وبجاية وآرزيو بغرب البلاد. * * لا نحمي السفن التي لا تضع العلم الوطني من القراصنة * الإشكال المطروح حسب العميد بن ساسي، فيما يتعلق بظاهرة القرصنة على السفن التجارية التي استجدت مؤخرا بعد الحرب العالمية الاولى في خليج عدن وساحل القرن الافريقي، هو لأنها هجمات اجرامية تتم في مياه "اعالي البحار" حرة غير مسؤولة من اية جهة، ولا يمكن صد القرصنة المستجدة الا باجراءات وقائية، كالمرافقات العسكرية للسفن المحتمل استهدافها، على اعتبار ان المياه الدولية لا تخضع لسلطة اية دولة في العالم، بموجب قانون اعالي البحار الساري المفعول. * ولا تعتبر القرصنة على السفن التجارية في اعالي البحار ناتجة عن قدرة القراصنة عن مهاجمتها واغتنام ما أمكن من السفن التجارية بقدر ما يتعلق الأمر بمعوقات قانون الملاحة الدولية في أعالي البحار الذي يصنفها كمناطق لا تخضع للسطة اية جهة محددة. واضحت المرافقات العسكرية للسفن من القوات البحرية لدولها الحل الوحيد في ظل قانون الملاحة الدولي للحد من هجمات القراصنة، مثلما اقدمت على فعله دول الحلف الاطلسي والسفن الحربية الروسية في خليج عدن وساحل القرن الافريقي, * يبقى ان معظم سفن الأساطيل العالمية، بما فيها مجموعات السفن التجارية الخاصة بدول كبرى، تحمل اعلام دول ما يعرف عالميا ب"دول التسجيل"، على اعتبار ان معظم سفن الاساطيل في العالم تابعة لدول، لكنها تتجه لتسجيل اساطليها ليس على مستوى دولها الاصلية، وانما على مستوى دول صغيرة تستهويها لما تفرضه من رسوم ضريبية رمزية مغرية، تجعل من ملاك السفن التجارية التسجيل بها وتفضيل حمل اعلامها عوض حمل اعلام دولها لتفادي دفع رسوم جبائية مضاعفة بدولها الام. * لكنها براي محدث "الشروق" دول يمكن القول انها صغيرة غير قادرة بالمفهوم العسكري على ضمان حماية تلك السفن من اي اعتداء للقراصنة، مثلما هو حاصل حاليا في خليج عدن، وهذا فضلا على ان المياه الدولية في اعالي البحار لا تخضع لسلطة اية جهة كانت، مما يجعل مسؤولية أمن السفن المبحرة بها غير محددة، ولا يمكن مواجهة هذه القرصنة في ظل قانون الملاحة في اعالي البحار الساري المفعول الا بمرافقات عسكرية لتلك السفن التجارية العابرة للمنطقة. * من جهة أخرى، فإنه في حالة عبور سفن "دول التسجيل" بالمياه الاقليمية الجزائرية، فإن أي مخالفة لها لقوانين الملاحة البحرية يصعب معاقبتها عليها، على اعتبار ان ذلك لا يمكن الا من خلال الاتصال بالدولة التي تحمل السفينة علمها، وهي دول لا تمثيل دبلوماسي لها في معظم الدول في العالم، بما فيها الجزائر، ويصبح الأمر مثله مثل السير في طريق بدون مخرج حسبما استنتجناه من حديث العميد. * وعن قدرة الجزائر عن حماية سفنها التجارية المحددة للأسطول البحري التجاري والمسجلة حسبما يعرف بدول قال انها قادرة على ذلك، والقوات البحرية الجزائرية قادرة على حماية سفنها التجارية الحالملة للعلم الجزائري اينما كانت في حالة ما اذا تطلب تأمينها، وهي سفن يقدر عددها ب27 باخرة تجارية حسب الاحصائيات التي تحصلت عليها "الشروق". * * الجزائر استبقت مكافحة الارهاب البحري قبل تفجيرات سبتمبر في أمريكا * سألت "الشروق" العميد بن ساسي رشيد حول التهديدات الارهابية البحرية المحتملة والاجراءات الاحترازية المتخذة، وأجاب مؤكدا بأن الجزائر كانت اول الدول التي بادرت الى تسطير مخطط أمني صارم لصد اي هجمة ارهابية بحرية محتملة منذ بداية العمل الارهابي في الجزائر مع أولى تحركاته العشرية الماضية، سيما بعد حادثة اغتيال طاقم السفينة الايطالية في ساحل ولاية جيجل من طرف جماعة ارهابية. * اختصر العميد بن ساسي فيما يتعلق بسؤالنا عن التهديدات الارهابية البحرية انها إما ان تكون انطلاقا من البر باتجاه البحر او العكس من البحر باتجاه البر او استهداف الاسطول البحري والمنشآت المينائية، ولكل حالة اجراءاتها الوقاية وخطط التدخل والاحباط لأية عملية محتملة على حد قول العميد. * وقبل الشروع في العمل بمدونة "اي.اس.بي.اس" الدولي لصد الهجمات الارهابية البحرية المعتمد بعد هجمات سبتمبر 2001 في الولاياتالمتحدة، والتي سرى مفعولها سنة 2003، فإن الجزائر كانت قد سطرت قبل ذلك مخططها لمكافحة اي هجمات ارهابية محتملة في عرض البحر او بالسواحل او على مستوى الموانئ، ولطابعها السري تفادى محدث "الشروق" الخوض في التفاصيل، مكتفيا بالقول ان الامكانيات العملية في الميدان قادرة على صد اي اعتداء ارهابي، وكل السيناريوهات المحتملة مأخوذة بعين الاعتبار، لكن الاكيد فإن البطاقية المتعلقة بالملاحة البحرية في عرض المياه الاقليمية حول الملاحين ومراكبهم كافية لرصد اي تحرك مشبوه، كمحاولة الاقتراب من السفن الراسية في عرض المياه الاقليمية قبل الدخول الى االموانئ الجزائرية، فضلا عن مراقبة حركة كل قوارب الصيد او زوارق النزهة قبل مغادرتها للموانئ او تلك التي تنطلق من الشواطئ كقوارب النزهة. * لكن من جهة اخرى، شروط السلامة المرورية دون توقف او رسو في عرض المياه الاقليمية لأية سفينة اجنبية لا تشكل تهديدا مؤكدا ومستندا لأدلة مادية لأمن الجزائر يحول دون أدنى تدخل لمراقبة حملها لمواد محظورة او اسلحة، وفي هذه الحالة ان اقتضت الضرورة في الحالات الاستثنائية فإن الأمر له ابعاده التي يتم مسايرتها بشكل لا يتعارض وقوانين الملاحة البحرية، مثلما يتضح من حديث قائد مصلحة حراس السواحل بالقوات البحرية. * * البحرية سحبت تراخيص استغلال قوارب النزهة الفاخرة من عديمي الدخل * في الوقت الذي أكدت فيه آخر الدراسات الأمريكية والأوربية لباحثين في الثروات الحيوانية البحرية إلى ان السمك الجزائري باختلاف أنواعه يموت بفعل الشيخوخة، تصر جهات وصفها الجنرال بن ساسي في حديثه ل"الشروق" بالبارونات التي تصر على نشر إشاعات مفادها ان استنزاف الثروة السمكية الجزائرية وصل الى حد استعمال المتفجرات الممنوعة في الصيد، وهو ما لا يمكن ان يحدث في ظل الرقابة المفروضة على الصيادين قبل وبعد مغادرتهم لموانئ الصيد وحتى اثناء عمليات الصيد. * وعن بيع السمك الجزائري في عرض البحر، اندهش محدثنا قائلا "هذا كلام فارغ؛ لأنه لا يوجد اجنبي من دول اوربا يقبل شراء السمك في سوق سوداء وهمية"، مضيفا "لكن الأكيد فإن هناك محاولات استنزاف الثروة السمكية الجزائرية تتم من خلال اقتناص بعض الصيادين الاجانب لدول جنوب اوربا فرص اصطياد الاسماك المهاجرة، وأكثر ما يستهويهم الطونة المتوفرة في منطقة الصيد المحجوزة الواقعة تحت السيطرة الجزائرية، والمقدر مساحتها البحرية ب64 ألف كيلومتر مربع بالجهة الغربية، لكن الترصد والمطاردات الدائمة تحول دون ذلك، وتمت في هذا السياق عدة مطاردات لصيادين من عدة جنسيات سنتي 2004 و2005. * وفيما يتعلق باستنزاف المرجان في سواحل القالة بولاية الطارف، قال العميد "فرضنا اجراءات صارمة وصل البعض الى وصفها ب"التعسفية"؛ فلقد منعنا على اي كان لا يملك دخلا ماليا ان يستأجر او يستعير قارب نزهة بوكالة، بعدما تأكدنا أن بارونات المرجان يوظفون بطالين ويذهبون لحد اقتناء قوارب نزهة فاخرة بأسماء عديمي الدخل لاستغلالها في صيد المرجان؛ لأنه من غير المعقول ان يملك بطال قارب نزهة.. انهم ضحايا مهربي المرجان". * ودفعت هذه الاجراءات بالعديد منهم يقول الغميد الى بيع زوارقهم او تحويل استغلالها الى موانئ اخرى، ومنها قوارب نزهة تم حجزها وأخرى شطبت رخص استغلالها، ومنذ حوالي سنتين لم تتعد الكميات المحجوزة 25 كلغ من المرجان الذي كانت تجري محاولات تهريبه على النحو الذي يتم به تهريب اي مواد ثمينه عبر الحدود البرية، من طرف أجانب وجزائريين.