وضاح خنفر خلال لقائه مع مراسل الشروق رغم ازدحام مكتبه بعشرات الطلبات لمحاورته، ورغم أنه لم يهدأ لحظة واحدة منذ استلامه ل "فانيلا" الرقم 1 على رأس أكبر شبكة إخبارية عالمية، فإن المدير العام ل "شبكة الجزيرة" فضّل أن يكون مراسل "الشروق اليومي" هو أول شخص يلتقيه بعد "ملحمة غزة".. تحدث بوضوح شديد، وأعلن في أكثر من موضع عن قناعات شبكته المهنية، وأفصح بصراحة نادرة عن ملابسات قطع الاتصال عن الرئيس بوتفليقة أيام كان مرشحا للرئاسيات سنة 1999، وأجاب على انتقادات رئيس الحكومة لما أصبح يُعرف بشريط "العلم الممزق".. * * كما أعلن أن قائمة الضيوف "غير المرغوب بهم" جزائريا هي نتيجة حتمية لعدم قدرة "الجزيرة" على استضافة ضيوف من داخل الجزائر بما يرتبط بذلك من تعقيدات إدارية ومهنية، وأبرق للسلطات الحكومية رسالة مشفّرة حول رغبة قناته في تعزيز حضورها الإعلامي بالجزائر إلى الحدّ المأمول شعبيا وسياسيا.. حديث مباشر ومتحدث لبق وموضوع متشعّب ولقاء افترض مدير مكتب السيد وضاح خنفر أن لا يتعدى ثلث الساعة فإذا به يطول لساعة من الزمن لم يقطعها إلا أجندته الممتلئة، ولولا ذلك ما ملّ وضّاح لقاءً على صفحات جريدة تصدر في بلد يعتبره مثلا للبطولة والشجاعة والمهنية الإعلامية. * * هذه أسباب قطع البث عن بوتفليقة ولم نقصد شخصه الكريم * نتمنى أن يكون لنا مكتب في الجزائر نصل به إلى وضع مستقبل طموح * "الجزيرة" لا تملك أي رغبة أو أجندة للانتقاص من سيادة الجزائر * شريط "العلم الممزق" ليس من إنتاجنا ونشرناه لصالح الجزائر لا ضدها * * الشروق : هل تلقت "الجزيرة" ردا على طلبها الذي تقدمت به مؤخرا لفتح مكتب لها بالجزائر؟ * وضاح خنفر: لا، لم نتلق ردا لحد الآن.. نحن قدمنا عدة طلبات في موضوع فتح مكتب ل "الجزيرة" في الجزائر، كان آخرها منذ عدّة أسابيع، وإلى الآن لم نتلق ردا رسميا من السلطات الجزائرية، ونأمل أن تكون النتيجة طيّبة. * * س: كنتم على رأس القناة لمّا سُحب اعتماد "الجزيرة" من الجزائر، ما هي الأسباب التي أدت لسحب الجزائر الاعتماد من قناة "الجزيرة"؟ * ج: لا أدري بالضبط ما هي الأسباب، فنحن كمؤسسة إعلامية نقوم بدورنا، ونعتقد أن الكثير من الإشكالات التي نقع فيها يكون سببها توقعات رسمية من "الجزيرة"، ولكن هذه التوقعات الرسمية لا تنسجم بالضرورة مع السياسات التحريرية، ومن هنا يأتي أحيانا غضب بعض الأشخاص وبعض المؤسسات، وبالتالي يأخذون على "الجزيرة" مجموعة من المآخذ هي في عرف الإعلام مهنية، وهي في صلب عملنا، لكن للأسف الشديد في عرف الساسة في بعض الأحيان تعتبر قدرا من المبالغة، وقدرا من الخروج عما يريده السياسي. * * س: هل تلقيتم أو قُدم لكم سبب عن سحب الاعتماد؟ * ج: لا.. لم نتلق تبريرا أبدا.. * * س: رئيس الحكومة السابق، الوزير الأول الحالي أحمد أويحيى، وفي ندوة صحفية عقدها سنة 2004، أشار لشريط بثته "الجزيرة" صوّر في "جنيريكه" علم الجزائر ممزقا، ويبدو أن هذا وراء عدم منح الاعتماد للقناة من جديد؟ * ج: أولا: هل تفضل السيد الوزير الأول وقال لنا ماذا إذا كان هذا الشريط ضد الجزائر أم معها، بمعنى هل أراد أن يشرح حالة موجودة في الجزائر وهي بالذات حالة نضالية يعتز ويفتخر بها العرب والمسلمون جميعا أم لا، ثانيا: إذا كانت هناك لقطة من ثلاث ثوانٍ تأتي في سياق فيلم وثائقي لم يتم إعداده في داخل مؤسسة "الجزيرة" وإنما تم شراؤه من قناة أجنبية "arte" وعرض على شاشتها عدة مرات، هل يستطيع الوزير الأول كسياسي أو أي شخص إعلامي أو أي مثقف في العالم أن يحكم على ساعة بثّ من خلال ثلاث ثوانٍ فقط!، كان الأولى على الوزير الأول أن يضع هذه اللقطة في إطارها السليم وفي السياق الذي تأتي فيه، فهذه شبيهة ب "ولا تقربوا الصلاة.." لأنه لو أكمل النص لوجد أن فيه قدرا كبيرا جدا من الوقوف إلى جانب الشعب الجزائري والتعريف بالقضية الجزائرية بشكل ايجابي، ولم تكن ل "الجزيرة" في يوم من الأيام رغبة ولا توجّه في الماضي ولا المستقبل للانتقاص من سيادة الجزائر ولا من سيادة أي دولة عربية أخرى، فمشاهدو "الجزيرة" يعرفون قبل غيرهم أن قناة "الجزيرة" تقف إلى جانب الأمة العربية في وعيها الجمعي وفي إجماعها على قضاياها الوطنية، وفي اعتزازها بتاريخها وماضيها وفي اعتزازها بثوراتها ونضالها ولا يمكن في حال من الأحوال أن تقف "الجزيرة" تجاه الجزائر أو أي دولة أخرى هذا الموقف. * * س: وزير الاتصال الجزائري والناطق باسم الحكومة الجزائرية السابق عبد الرشيد بوكرزازة، وفي ندوة صحفية، أشار إلى عدم تقديم "الجزيرة" لأي طلب لفتح مكتبها بالجزائر، هل هذا صحيح؟ * ج: قدمنا طلبات اعتماد سابقا عبر السفارة الجزائرية في الدوحة، وبعد تصريح وزير الاتصال الجزائري قدمنا طلبا رسميا سُلم مباشرة إلى السيد الوزير. * * س: تغطية "الجزيرة" لاحتجاجات الشعب الجزائري على العدوان الإسرائيلي في غزة كان محتشما رغم انتفاضة الجزائريين عبر الكثير من الولايات.. * ج: نحن حاولنا بكل ما أوتينا من جهد أن نعكس الحراك الاجتماعي والسياسي الذي حدث في الجزائر تجاه غزة، لكن للأسف الشديد غياب مكتب ل "الجزيرة" في الجزائر يجعل المشكلة كبيرة بالنسبة لنا، لأن مصادرنا في الصور والمعلومات ستكون طرفا ثالثا، وهذا الطرف في كثير من الأحيان لا يغطي بنفس منهجية "الجزيرة" ولا بعين "الجزيرة"، فالدول التي كان لنا فيها مكاتب وكان لنا فيها حضور كانت كاميرا "الجزيرة" تنقل وبشكل مباشر وعلى الهواء في معظم الأحيان ما يتفاعل من فعاليات سياسية أو مظاهرات شعبية أو حراك مختلف في الداخل. * * س: وهل يُكيّف هذا على أساس أنه من أخطاء الحكومة الجزائرية؟ * ج: نحن نقول دائما وباستمرار وبعيدا عن لغة الأحكام ولكن بصدق وبصراحة، إن هذه القناة التي مضى على حضورها في الشارع العربي 12 سنة وخلال هذه الفترة تشكّل في وعي المشاهد العربي فكرة واضحة تماما على "الجزيرة"، وأي معلومات أو مخاوف من "الجزيرة" ومن سياسة "الجزيرة"، وأنا أعتقد أن الذي يدافع عن وجهة "الجزيرة" هو هذا التاريخ وهذه العلاقة مع المشاهد العربي وهذا الانتماء الذي تنتميه مؤسسة "الجزيرة" إلى الواقع العربي عموما، بكل ما فيه من مكونات مجتمعية وثقافية وعرقية ودينية. * * س: نعود إلى برنامج "بلا حدود" لأحمد منصور، وبالضبط لسنة 1999 عندما استضاف المرشحين السبع للرئاسة الجزائرية، حيث تم إنهاء استضافته للرئيس الجزائري الحالي عبد العزيز بوتفليقة بحجة الحرب في كوسوفو، لكن هناك من كيّف الانقطاع كنتيجة لطريقة تفاعل الرئيس مع أسئلة أحمد منصور التي طعنت في شهادات تاريخية، ما صحة هذا؟ * ج: أولا، أريد أن أطرح سؤالا: في العرف الإعلامي المتعارف عليه وما ورثناه نحن عن الآباء المؤسسين لمهنة الإعلام، فإنه إذا حدث خبر طارئ أو عاجل كانطلاق عملية عسكرية أو بداية حرب فهذا يُقدم دائما على أية مقابلات تلفزيونية، فهذه ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي تُقطع فيها مقابلة على الهواء مباشرة لننتقل إلى تغطية الأحداث العاجلة، هذا الأمر حدث معنا في حرب غزة وحرب العراق وحرب أفغانستان وكل الحروب الأخرى، وهذا عرف إعلامي معروف.. في ذلك الوقت كان السيد عبد العزيز بوتفليقة مرشحا ولم يكن رئيسا، وهذه لم تكن مقصودة إطلاقا لشخصه الكريم ولا لأي شخص آخر، وبالمناسبة نوعية الأسئلة التي طُرحت والتي قلتَ إن فيها قدرا من التشكيك، فهذه وظيفة مقدم البرنامج، الذي يقف في كل الأحيان على الجانب الآخر في المقابلة، وعندما يسائل الضيف فإنما يسائله بأسئلة قد تدور في ذهن المشاهدين، فالسؤال المطروح فعليا: هل مقابلة أحمد منصور مع غيره من الشخصيات كان فيها قدر من التعاطف وتم استثناء السيد عبد العزيز بوتفليقة من هذه القاعدة هو فقط، أم أن هذا هو المنهج العام الذي يطبع مقابلات برنامج "بلا حدود" أو غيره من البرامج مع ضيوف المؤسسة. * * س: تلومكم الأوساط الجزائرية أنكم تناقشون الوضع في الجزائر من خلال استضافة حصرية لشخصيات لديها مشاكل مع النظام والشعب الجزائريين من الفارين والمقيمين خارج الجزائر، ما شكّل رأيا عاما مناقضا للواقع المعيش في الجزائر وأغضب عليكم الكثير من الفعاليات الجزائرية، كيف تعلقون؟ * ج: جوابي أنه ليس لدينا مكتب في الجزائر، وليس لدينا وسيلة بث مباشر من داخل الجزائر مثلما هو متوفر لدينا في عدد كبير من الدول العربية الأخرى، وقائمة الضيوف التي نستضيفها أقل بكثير بالمناسبة من قائمة الضيوف المتاحة لنا في الدول العربية الأخرى، مثلا نحن موجودون في أغلب الدول العربية، ومكاتبنا فاعلة وتنقل يوميا ضيوفا بعدد كبير من كل أطياف المجتمع السياسي، وأنا أتمنى أن يكون ل "الجزيرة" مكتب في الجزائر، وأن يشارك في برامج "الجزيرة" متدخلون من داخل الجزائر، فهذا هو الشيء الطبيعي والمنطقي، لكن مع واقع عدم امتلاكنا لمكتب ولا لوسيلة بث فقد لجأنا لاستضافة ضيوفنا من دول أخرى، مع تحمّل الكلفة الناتجة عن ذلك على مستوى حجز البث الفضائي وحتى على المستوى اللوجيستي، لصعوبة استضافة ناس على الهواء من داخل الجزائر، وهذا يؤكد أن وجود عمل وفريق ل "الجزيرة" داخل الجزائر لا شك أنه سيحل هذه المشكلة بشكل كبير جدا ويؤدي إلى ظهور أكبر لفعاليات مختلفة ومنوعة. * * س: ما هي خطتكم وخياراتكم للعمل في الساحة الجزائرية في حالة قبلت السلطة الجزائرية طلبكم، وكيف ستتعاملون -حصرا- مع الانتخابات الرئاسية القادمة؟ * ج: خطتنا للعمل في الجزائر هي نفسها في العالم العربي كله، ليس لدينا منهج خاص في الجزائر ومنهج آخر في المغرب ومنهج ثالث في الأردن... وهكذا، عندنا منهج اسمه ميثاق الشرف المهني ودليل السلوك المهني، وفي موضوع الانتخابات سبق أن غطينا الانتخابات في الجزائر وفي عدد كبير من الدول العربية الأخرى، وعادتنا أن نتيح الفرصة للمتنافسين ولبرامجهم الانتخابية وآراء التيارات والقوى السياسة الموجودة ونستمع إليها مطبقين شعار "الجزيرة": "الرأي والرأي الآخر". * * س: هل ستختارون الجزائر لاحتضان مكتب المغرب العربي وشمال إفريقيا في حال حصل التجاوب مع السلطات؟ * ج: فيما يخص موضوع إنشاء المكتب المغاربي، نحن نقول إن ثمة ظروفا لوجستية، وأيضا ظروفا سياسية وسقفا معينا من التعبير عن الرأي، يجب أن يكون متوفرا في أي مكتب من المكاتب الخارجية حتى يستطيع أن يؤدي عمله، نحن نتمنى أن يكون لدينا حضور داخل الجزائر يبدأ بشكل متدرج من حيث تغطية الشأن الجزائري والتعاطي مع واقعه بكل فعاليته، ثم بعد ذلك نرى كيف تتطور الأمور، لكن ابتداء نحن لسنا موجودين في الداخل الجزائري منذ فترة طويلة، وفي تقديري فإن وجودنا كبداية سيساعد الأطراف جميعا سواء العاملين في "الجزيرة" أو السلطات الجزائرية على تلمس علاقة تتطور وتنمو مع الوقت، وإن شاء الله بعد ذلك تصل إلى أي وضع مستقبلي طموح. * * س: هناك عدّة أسباب تم تداولها لمنع النشرة المغاربية من المغرب، أهمها ما جاء على لسان الكاتب الصحفي والسياسي حسنين هيكل حول خيانة الحسن الثاني لقادة الثورة الجزائرية، وهناك من ربط الأمر بالصحراء الغربية وفتحكم المجال لجبهة البوليزاريو؟ * ج: لو أخذت أنت كل الدول في العالم العربي فستلاحظ أن لها ملاحظات على أداء "الجزيرة"، نحن لا نتصف بالعصمة ولا نقول إننا لا نخطئ، لكن نقول إننا نتبع مواثيق الشرف الصحفي ودليل السلوك المهني، وإن أخطأنا فإننا نصحح أخطاءنا ولدينا الجرأة والشجاعة أن نقول أخطأنا، في حالة المغرب وفي حالة قضية الصحراء، فإننا نقول دائما إننا ملتزمون بالاتفاقيات الدولية الخاصة بالصحراء في مسألة التسوية، وهذه السياسة التزمتها "الجزيرة" ليست فقط في حالة الصحراء بل حتى في القضية الفلسطينية وفي غيرها، فنحن ننظر إلى القوانين العالمية والاتفاقيات الدولية بشأن المسميات والخرائط ونلتزم بها، ونحن مع الحلول الدائمة لكل هذه القضايا، لكن كما قلت فنحن في النهاية مؤسسة إعلامية وليست سياسية، وقوانيننا ومرجعياتنا في الأساس هي مرجعيات قانونية دولية، وقد ارتأينا أن هذا هو المنهج الأسلم في التعامل مع النزاعات الحدودية والخلافات المشابهة، أما بالنسبة لموضوع الأستاذ محمد حسنين هيكل وحلقته، فالأستاذ هيكل يتحدث عن تاريخ ويقدم برنامجا يحظى باحترام المشاهدين، وأعتقد أن الهدف الأول من نقل هذا التاريخ إلى المشاهدين هو أن يتعرفوا عن كثب على مجريات تاريخ قريب لعالمنا العربي، والسقف الذي تقدمه "الجزيرة" عادة لكل الذين يتكلمون من خلالها هو سقف الحرية، هذه هي بضاعتنا وهذا هو سقفنا، والأستاذ هيكل عندما يتكلم في "الجزيرة" فهو يتكلم بهذا السقف وبهذا المنهج، ولا أعتقد أنه خرج إطلاقا عن المنهج الذي ارتضته "الجزيرة" في هذا الإطار، وإذا كان هناك وجهة نظر فيما يقوله الأستاذ هيكل أو فيما يقوله غيره من الناس على شاشة "الجزيرة" فمرحبا بوجهة النظر هذه، ولكن كما قلت لك في النهاية فمن المفيد ومن الصحي أن يتداول الناس جميعا وبحرية كاملة أحداث التاريخ حتى يقيموها ويتأملوا فيها ويمحصوها. * * س: فيما يخص موضوع الصحراء الغربية، المغرب متخوف والبوليزاريو متخوفة من التغطية الإعلامية، ومن كلامك الآن فهمت أن "الجزيرة" تتبع وتتفق مع قوانين ومواثيق هيئة الأمم المتحدة؟ * ج: بالطبع.. هذا فيما يتعلق بالتسويات والخرائط، وهذه المسألة مهمة، فعلى سبيل المثال لو كان هناك نزاع حدودي بين دولتين في عالمنا العربي أو في العالم بأجمعه، وبالطبع فإن كل دولة تنظر إلى هذا النزاع بنظرة تتوافق مع مصالحها، أما بالنسبة لنا كمؤسسة إعلامية فالذي نرتضيه في هذا الحال هو المرجعية الدولية حتى نخرج أنفسنا من أن نكون طرفا في النزاع، لا مع ولا ضد، فليست لنا سياسة في قضية الصحراء الغربية مع طرف ضد طرف، نحن مؤسسة إعلامية ننقل واقعا وننقل حديثا وحوارا، ولا نتبنى سياسة خاصة تجاه قضية لا ينبغي لنا أن ندخل فيها. * * س: نعود للجزائر مرة أخرى، نشبت أزمة بين "الجزيرة" والجزائر بسبب موقع "الجزيرة نت" الذي نشر استفتاءً مسيئا للجزائر وطريقة صياغة سؤاله كانت مستفزة، ثم تم حجب الاستفتاء، هل هذا خطأ آخر يُحسب على "الجزيرة"؟ * ج: باعتقادي أن "الجزيرة نت"، وأنا طالعت استفتاءاتها والأسئلة التي تطرح فيها، فالغرض منها هو التعرف على رأي المشاهد العربي، وفي كثير من الأحيان فإن هذه الأسئلة يمكن أن تثير حفيظة الناس، فهل هذا الاستفتاء الموضوع في "الجزيرة" كان الغرض منه أن تحشد "الجزيرة" أكبر عدد ممكن من الناس ممن يؤيدون العمليات الدموية؟ بالطبع هذا ليس صحيحا، أيضا كان هناك جدل حول صياغة السؤال هل كانت مناسبة أم لا وقمنا بتقييم في مؤسستنا خلال تلك الفترة من خلال هيئة التحرير التي نظرت في هذه الإشكالية وتوصلت إلى أن طريقة صياغة السؤال ربما شابتها بعض الأخطاء، أضيف لها تعاطي زوار الموقع بشدة معه وتصويتهم القياسي مما أدى إلى تغيير نتائج التصويت في لحظة وتسبب في إشكالية سياسية، وفي الواقع معاذ الله أن تدعو "الجزيرة" أو تحرض على هذا النوع من الأحداث في مكان ما من عالمنا العربي لإثارة النزاعات وإراقة الدماء. * * س: هناك أيضا استياء في الجزائر من بثكم لأشرطة نشاط "القاعدة" في المغرب العربي؟ * ج: لدينا سياسة واضحة في "الجزيرة" بخصوص بث الأشرطة منذ بداياتنا الأولى، وهذه الأشرطة أثارت حفيظة الأمريكيين كذلك في وقت من الأوقات كأشرطة بن لادن التي بثت بعد الحرب على أفغانستان في عام 2001، وأنا أقول إن هذه الأشرطة إن تضمنت موقفا خبريا من حق المشاهدين معرفته فنحن نبث الموقف الخبري بعيدا عن الدعاية المصاحبة له أو التعبئة التي يتضمنها هذا الشريط، ثم نحيط هذا الشريط بقدر من الحكم ما بين الأطراف المختلفة ونضعه في إطاره السليم، وهذا ما تقوم به المؤسسات الإعلامية المحترمة عادة في العالم، فالغرض من البث ليس دعائيا بقدر ما هو إعلامي بحت يهدف إلى التعريف بالواقع، لأن هذه التنظيمات هي جزء من واقع أمني موجود في عالمنا العربي والإسلامي، ومن الصحي إثارة الجدل حولها، ولكل طرف الحق بتشكيل ونشر وجهة نظره بالطريقة التي يراها، فنحن لا ندفع اتجاها ضد أي اتجاه آخر، والدليل أنه قبل أسبوع فقط قمنا بنشر خطاب لحسان حطاب نقل فيه مواقف معينة ونقلناها، وهذا الشريط قال عنه وزير الداخلية الجزائري إنه سمح للكثير من المسلحين بالعودة إلى جادة الصواب، وهذا دليل على أنه ليس لدينا مصلحة ولا نتعمد أن نقدم وجهة نظر ضد وجهة نظر أخرى، وليس لدينا أجندة لذلك أو ميول لطرف على طرف آخر. * * س: قبل أن أختم معك، أريد معرفة انطباعكم عن الجزائر كبلد، وعن جريدة "الشروق اليومي" التي فضلتم أن تكون أول جريدة تحاوركم بعد أحداث غزّة؟ * ج: والله في الحقيقة ومنذ نشأتنا ونحن صغار بالمدارس كانت الجزائر تعني لنا مثالا للنبل والثورة والنضال والصمود وسلطة الحق على الباطل وكل المعاني الجميلة التي تحملها الحياة، فلا أحد بإمكانه الانتقاص من قيمتها، وهذا ما تربى عليه كل عربي بسبب مواقفها ونضالها في صالح القضايا العربية والإسلامية الموثقة تاريخيا، وما تزخر به من علماء وساسة، ومن منا لم يحزن في وقت من الأوقات للفرقة التي سادت الصف الجزائري والأحداث الدموية المؤسفة التي عايشتها، وعندما رأينا الجزائر تتعافى وتتجه باتجاه المصالحة وحقن الدماء عمتنا فرحة عارمة، فهذا البلد جزء أصيل من هذه الأمة، ونحن نكن لها كل الحب الذي نكنه لأقطار هذه الأمة، فأنا ولدت بفلسطين ولدي فكرة كبيرة عن إحساس الفلسطينيين بالجزائر أرض المليون ونصف المليون شهيد، ونحن نتمنى دائما أن يواصل هذا البلد العزيز على قلوبنا مسيرة الإصلاحات والازدهار شعبا وحكومة إن شاء الله.. * أما بالنسبة لجريدة "الشروق" فأنا أطالعها كثيرا، ولمست فيها قدرا كبيرا من المهنية، وأنا أشجع مثل هذا النمط من الصحف، فعندما يحتفظ الصحفي بالمسافة بين قلمه وكراسه وبين لسانه وشفتيه لنفسه، وعندما لا يكون بوقا لطرف أو دولة أو حزب، وعندما يحكم عقله وضميره المهني فسيكون صحفيا مثاليا، وعندها يمكن للمؤسسة الخلود في قلوب الناس والمشاهدين وأتمنى من أعماق قلبي لجريدة "الشروق اليومي" الاستمرار على هذا النهج. * ملاحظة: لقراءة نص الحوار كاملا يمكن ذلك بتحميل نسخة الجريدة بصيغة pdf